وإذا حاولنا، تسليط الأضواء على ما يحدث اليوم من هجمات من قبل المنظم تستهدف الشعب الكردي أرضا وتاريخا ووجودا، فلابد أن لذلك اسبابها العديدة.
أن كردستان هو الإقليم الوحيد المستقر في غرب آسيا والشرق الأوسط، بما يسود فيه من روح التسامح الديني بين كافة الأطياف الدينية والمذهبية في كردستان، بحيث يحق لكل مجموعة منها أن تقوم بطقوسها بحرية مطلقة في المسجد والكنيسة والمعبد…إلخ، ناهيك عن التعايش ما بين شعوب وأقليات كردستان الإتنية التي نالت حقوقها في إطار الدستور وتعبر عن نفسها من خلال تنظيماتها وأحزابها السياسية والبرلمان الكردستاني. وهذا ما لانجده في اي بلد من بلدان المنطقة التي تملؤها النزاعات العرقية والدينية.
ومن ناحية ثانية، أثبت الشعب الكردي للعالم كله، بأنه شعب مسالم وديمقراطي وحر، ففي الوقت الذي لم يستقر أوضاع العراق العربي منذ سقوط صدام حسين، تشهد كردستان الجنوبية تحولات عملاقة في تأطير القوانين الخاصة بحقوق المكون الكردستاني، وما لعبته القيادة الكردية وخاصة في شخص رئيس الإقليم كاك مسعود بارزاني، من دور في عمليات المصالحات الوطنية وترتيب البيت داخليا، وحرصه على مبادئ الكردايتي.
ناهيك عن ذلك، تحولت كردستان خلال عشر سنوات الأخيرة إلى سوق عالمي وحاضنة للإستثمارات الدولية وجذب الشركات العالمية والتي تجعلها منطقة مصالح دولية، وملاذ آمن للقوى الثورية والتحررية، الأمر الذي أثار القلق لدى العقليات الشوفينية والبرجوازيات القومية، والتي تقف بالمرصاد ضدها.
إن سياسة إقليم كردستان قد اثبتت للعالم الحر والديمقراطي في أوربا وأمريكا وغيرها، أن الكرد شعب حضاري فريد من نوعه، يختلف كليا عن مشاريع الأنظمة الحاكمة الطامعة دوما في التوسع، حيث تستغل بعض من هذه الحكومات الدين والقومية وتتدخل في شؤون المنطقة، وتورطت بعضها في دعم الإرهاب. ولأن القيادة الكردية حافظت على إستقلاليتها القومية ولم تنحاز لأطراف الصراع داخل العراق، متمسكة بالمبادئ وصاحبة مواقف تجاه أحداث المنطقة.
ومن هنا فإن الدول الكبرى والعالم الحر، قد يقود حملة دعم ومساندة للشعب الكردي في تكوين دولته المستقلة، التي ستكون قلعة من قلاع الحرية والديمقراطية في غرب آسيا، وإن تطبيق هذه الخطوة ستغير من معالم المنطقة وخارطتها السياسية، وستدشن نوع جديد من التوازنات الدولية والإقليمية بدلا من تلك التي رسمت خطوطها في سايكس بيكو، وترسخت في أعقاب الحرب العالمية الثانية والتي إنتهت مفعولها السياسي والاقتصادي والتي لم تعد تعبر عن مصالح دول وشعوب العالم والمنطقة.
لكل هذه الأسباب وغيرها، إجتمعت قوى الشر وعلى رأسها الحكومات المقسمة لكردستان وبرجوازياتها القومية وقواها الشوفينية، والأنظمة التقليدية الحريصة على بقاء الأمور كما هي، على تصفية وإفشال التجربة الكردية.
بوحدة الصف الكردي والإرادة الشعبية وبدعم الحلفاء سيكون النصر لنا لامحال.
———————
· أكاديمي وسكرتير البارتي الطليعي الكردستاني – سوريا