سيف الحاكم ورقاب الناس

محسن طاهر
 muhsinpdk@hotmail.com

الاستبداد صفة ملازمة للدكتاتوريات في كل زمان ومكان, ولا ينفك الحاكم المستبد تجميل هيئته القبيحة بشتى الوسائل, بدءاً من كتابة دساتير(الحيَل) وانتهاء بتشكيل المؤسسات والبرلمانات الصورية, لتغدو ستاراً لتبرير صلافته في حكم الخلق وصولاً للمبتغى, في امتلاك البشر والشجر والحجر, ومحاولته جعل الناس أذلاء طائعين له ومنفذين لرغباته, والدعاء له في حله وترحاله, واختزال الوطن من اقصاه إلى أقصاه في مزرعة الطاغوت.

إنّ التلازم الدقيق بين المسألة الديمقراطية والحقوق القومية للشعب الكوردي, وعدم ترجيح كفة على أخرى في هذه المرحلة المفصلية, لا يحتمل التأجيل أو التأويل؛
 فالغموض والضبابية في المرحلة المقبلة, يعني الهروب من المسؤولية التاريخية واستحقاقات الحرية, ويعني أيضاً تصدير الأزمات لقادم سوريا, وتالياً إغراق البلد في دوامة الفوضى واللاستقرار, لذا على المعارضة بتعبيراتها وألوانها المختلفة, أن تكون على مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها, ومجاراة صيرورة الثورة وفداحة حجم تضحياتها, فتحسم موقفها بشكل جلي من القضايا المصيرية والوطنية في البلاد, منها قضية الشعب الكردي؛ فأي تجاهل لخصوصيته القومية, هو خيانة عظمى لأهداف الثورة, وانقلاب لمبادئها السامية, ويلتقي حكماً في خانة النظام, الذي عمل على الدوام لإخفاء حقيقة الكرد وتضحياتهم الجسام, ودفاعهم عن قضايا الوطن المصيرية, وهو ما سيلحق أشد الأضرار بثلاثية الركيزة الوطنية في البلاد, العرب والكرد وباقي الأقليات والطوائف.

إنّ الأنظمة المستبدة ومها طال أمد بقائها, آيلة للسقوط وستصل إلى نهاياتها المحتومة, وحتفها الأكيد, فلغة القتل والتشريد والسجن والتعذيب, لن تجدي نفعاً لديمومتها, ومحاولاتها المستمرة وعبر أذرعها الأمنية وممارساتها القمعية لكسر إرادة الشعوب, تكون بمثابة محاربة  طواحين الهواء, لقد أسقط الواقع  ورقة التوت التي أخفت عورات حماة الأوطان, وكشف عن زيف إدعائهم في حماية تخوم الأرض والعرض, من الاعداء والطامعين ومحاربة الارهاب العابر للحدود.

يقيناً أنّ رحيل الدكتاتورية مهما كان شكلها وصنفها وأيديولوجيتها, مسالة وقت ليس إلا, وسيبزغ فجر الحرية لا محال؛ فعلى المعارضة السورية وبكل تعبيراتها وأطيافها القومية منها والدينية, ألا تفكر بترحيل القضايا المصيرية بحجم قضية شعبنا الكردي, وتركها دون حل, وألا تكرر التجارب الفاشلة للنظم الدكتاتورية في قمع الناس وكم الافواه… ويجب عليها السعي الجاد, وبعيداً عن الغطرسة والجبروت إلى ترسيخ دعائم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية, والعمل وفق مبادئ العدل والتسامح, وإحقاق الحق, وتعزيز الاخوة والشراكة الوطنية بين مكونات الشعب السوري, ومنها المكون الكردي الذي عانى كثيراً من بطش النظام واستبداده, ومورس بحقه سياسة بغيضة وممنهجة, لأكثر من نصف قرن,
إن من يتناسى خصوصية الشعب الكوردي, ويتجاهل حقوقه القومية في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ سوريا, لا شك أنه يماثل النظام الدكتاتوري في سلوكه وممارساته تجاه الكورد, لا بل يتساوى مع الطاغوت في حكمه للعباد على امتداد جغرافيا البلاد .

-عن جريدة كوردستان

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…