استخلاصات على طريق معالجة الأزمة

صلاح بدرالدين

لم تتوقف النقاشات لحظة بين النخب الفكرية والثقافية والسياسية السورية بغض النظر عن مستواها وعمقها على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة في ظروف السلم والحرب في الوطن والمهاجر حول توصيف الحالة الوطنية العامة وطبائع نظام الاستبداد وأحوال الثورة واصطفافاتها وأزمة تشكيلات الجيش الحر وسبل إعادة هيكلتها ومهازل – المعارضات – بكل أصنافها وتحديدا (المجلس والائتلاف) تلك النقاشات كتواصل انساني لم تتوقف على دراسة وبحث هنا أوتحليل ومقالة هناك بل شملت بالإضافة الى ذلك مئات المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات في مختلف بلدان العالم والحوارات من على المنابر الإعلامية المختلفة.
   وقد تمخضت عن كل تلك التفاعلات الذهنية في اطار الوعي الوطني السوري وبدرجة مقبولة من الشعور بالمسؤولية تجاه الشعب والوطن جملة من المشتركات التي قد تشكل قاعدة الانطلاق لو تم تفعيلها باتقان من أجل تحقيق خطوات أساسية لحل الأزمة الراهنة في العمل الوطني عموما وفي مفاصل الثورة على وجه الخصوص ومن ابرزها:

 أولا – الشعور الوطني العام من حيث المبدأ بضرورة تجديد الثورة تشكيلات وقيادة وآليات ووسائل وبكلمة أوضح العمل على توفير مستلزمات مهمة ثورة ضمن الثورة تزيل عنها الأدران العالقة وتعيدها الى وظيفتها الأساسية التي قامت من أجلها : اسقاط نظام الاستبداد وتفكيك سلطته وتحقيق التغيير الديموقراطي واعادة بناء الدولة التعددية الجديدة.
  ثانيا – مخاطر تسلل وتسلق جماعات الإسلام السياسي بكل ألوانها وأطيافها وتياراتها على الثورة ومستقبل البلاد وأن مايناسب المجتمع السوري المتعدد الأقوام والديانات والمذاهب هو ثورة ببرنامج وطني ديموقراطي علماني لايسمح بتسييس الدين وأسلمة السياسة يستند الى مبدأ (الدين لله والوطن للجميع).
  ثالثا –  الفشل الذريع لجماعات – المعارضة – بدون استثناء (في السلم والحرب) وفي تمثيل الثورة وقيادتها وتأمين مسيرتها وتحقيق ولو خطوة صغيرة في تحقيق أهدافها في مواجهة النظام وبالتالي فان التيارات السياسية التي شوهت اسم الثورة يجب ابعادها  تماما عن مواقع التأثير وهي (جماعات الإسلام السياسي كما ذكرنا سابقا والمجموعات الناطقة باسم اعلان دمشق بمختلف تياراتها الفكرية والسياسية التقليدية والمتسترون برداء الليبرالية والوافدون الجدد من مؤسسات النظام الإدارية والحزبية والمالية .
  رابعا – عقم الأسلوب المتبع من جانب – المجلس والائتلاف – بجمع جيش من البيروقراطيين باسم الحكومة المؤقتة ومنظمات الإغاثة وغيرها وصرف مئات الملايين عليها كمرتع للفساد والافساد والمحسوبيات وتكديسهم في بعض مدن دول الجوار والقيام بدور وكلاء النظام الإقليمي الرسمي بتنفيذ أجندته مقابل المال وارتهان مصير الثوار من النواحي الإنسانية المعيشية والتسليحية لارادة سياسات الخارج الذي لايتمنى انتصار الثورة بالمطلق.
  خامسا – اعتبار الجيش الحر عماد الثورة وعمودها الفقري بتشكيلاته وأفراده ضباطا وجنودا وضرورة العودة اليه ودعمه في إعادة هيكلته وتوحيد صفوفه وتزويده بكل وسائل التطوير وترسيخ العلاقة التفاعلية بينه وبين الحراك الثوري العام في البلاد .
  سادسا – الاستغناء عن كل من لايمثل الثورة ولايخدمها والاكتفاء بقيادة سياسية – عسكرية مشتركة مصغرة في المرحلة الأولى يراعى في بنائها مشاركة ممثلي كل المكونات السورية من الوطنيين المناضلين الشرفاء الذين لم يشاركوا في الفساد والافساد تشرف على عملية إعادة بناء مفاصل الثورة من جديد وتضع البرنامج السياسي المناسب للمرحلة الراهنة ومن ثم عرضه على الرأي العام السوري الوطني بالوسائل المتوفرة.
  سابعا – الشعور العام بحسب المعطيات الراهنة أن ايران وروسيا وقوى دولية أخرى (في حال نجاح الصفقة بين طهران والغرب) بصدد العمل على إطالة عمر نظام الأسد وتسعير الاقتتال المذهبي والعنصري بين السوريين والمضي في اغراق الثورة بجماعات الإسلام السياسي الإرهابية لذلك فان أية محاولة في تجديد وتفعيل الثورة يجب أن تأخذ ذلك بالحسبان وتضع تلك الاحتمالات محمل الجد .
  هذه هي المشتركات الوطنية التي تم استخلاصها ويمكن العمل عليها ببلورتها وتعميقها وتحقيق متطلباتها النظرية والميدانية عبر آلية ديموقراطية على شكل لجنة تحضيرية مشتركة من الجيش الحر والحراك الوطني الثوري.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…