«داعش» ارهابي هنا وثوري وراء الحدود !

صلاح بدرالدين
 

 بعكس الساعين الى خلط الأوراق عبر ركوب الموجة الطائفية البغيضة وتفسير الأحداث انطلاقا من المنظور المذهبي وبعكس التحليل العلمي الموضوعي الذي يستند الى أن حركة التاريخ في عصرنا الراهن الموسوم بثورات الربيع لم تخطىء الهدف ولم تحد عن الدرب ونقطة الارتكاز فيها مازالت وستبقى الى حين صراع الحراك الثوري الشبابي العام والمستضعفين والجمهور الواسع من كل الأقوام والأديان والمذاهب ضد تحالف نظم وقوى وجماعات  الاستبداد وظلامية القرون الوسطى ومن مختلف الألوان القومية والمذهبية والعقائدية أيضا في سبيل الحرية والكرامة والمساواة والتغيير الديموقراطي وقد يتخذ هذا الصراع وفي بعض الأوقات منحى قد يتخيل البعض ومن حيث المظهر الخارجي أنه عنصري – ديني – مذهبي – مناطقي كمايريد له محور الشر والاستبداد الا أن الجوهر الحقيقي لهذا الصراع من حيث المضمون وتضارب مصالح الطبقات الاجتماعية هو بين القديم والجديد والخير والشر والحرية والعبودية والتقدم والارتجاع .
فجماعات – داعش – ذات الأصول القاعدية وكما باتت في حكم المؤكد الثابت من اعداد وصناعة أجهزة مخابرات النظام الاقليمي الرسمي ( سوريا – ايران – عراق المالكي ) لأداء وظائف ” الثورة المضادة ” في الساحة السورية تحديدا ولم تكن عملية تحضير وتأهيل وضبط عناصر هذه الجماعات سهلة خاصة وأن قادتها كانوا مرتبطين آيديولوجيا بقرار منظمة – القاعدة – من حيث الأساس وموزعون بين معتقلات الدول الثلاث اضافة الى تعقيدات وافرازات تبديل الولاء من مرجعية – الظواهري – الى توجيهات ( قاسم سليماني وعلي المملوك ) والانتقال من الأهداف والشعارات الاسلاموية العالمية الى ساحة بعينها وفي مواجهة ثورة الشعب السوري الوطنية .
عندما خطط المحور الثلاثي منذ أكثر من عامين للاعداد لدور – داعش – كان الهدف الأساس كما ذكرنا ارباك قوى الثورة السورية واضفاء الطابع الديني – المذهبي على الشكل العام للصراع لأسباب وطنية ودولية وقد استثمر في هذا السبيل العديد من نقاط ضعف الثوار من جهة والمظاهر القبيحة للمعارضات مثل تسلط الاسلام السياسي عبر حركة الاخوان المسلمين على مقاليدها في اطاري ( المجلس والائتلاف ) والسياسات العقيمة الفاشلة التي اتبعتها بالداخل والخارج .
 بات واضحا أن عددا كبيرا من قادة – داعش – كانوا منتمين الى البعث العراقي ومن ضباط جيش نظام الدكتاتور المقبور صدام حسين وفي الحالة التنظيمية الراهنة المفككة لجماعات القاعدة وتوزع مسلحيها في أكثر من منطقة وبيئة اجتماعية وتعدد ولاءاتها وماتعانيها من اختراقات أمنية ليس مستبعدا أن تظهر استثناءات وخروقات جديدة في صفوف – داعش – وأن تنجح محاولات مراكز قوى الضباط البعثيين العراقيين في تغيير الدفة واعادة رسم الولاءات والمهام في خدمة من يدفع أكثر وهذا مانلمس ملامحه الآن في الموصل وبعض المناطق الأخرى حيث يراد وبصورة كاريكاتورية الباس هذه الجماعة الارهابية ثوب الثورية والشرعية الوطنية والدفاع عن الحق ومواجهة الاستبداد في حين أن الجماعات ذاتها تشكل الجسم الأساسي للثورة المضادة في سوريا وتمارس الاعدامات وجز الحلاقيم وتوئد النساء وتذبح على الهوية وتحارب الجيش الحر وتنتصر لطاغية دمشق فكيف التوفيق بين متناقضين : ارهابي مرتد هنا وثوري وطني هناك ؟! .
 حكومة المالكي تعبر عن الوجه المظلم للطائفية البغيضة وهي جزء من محور الشر والاستبداد والغالبية الساحقة من مكونات الشعب العراقي تطالب برحيلها وتقديم رؤوسها الى العدالة أما أن تقوم جماعات ومن بينها – داعش – لمواجهتها عبر الوسائل الارهابية والفرز الطائفي والتأجيج المذهبي وبنفس خطابها التكفيري التخويني التقسيمي فأمر يدعو الى القلق والريبة واذا كان الوطنييون السورييون وقوى الثورة بكل مكوناتهم القومية والدينية والمذهبية قد اختاروا طريق الثورة الوطنية والحل الديموقراطي ومقت الطائفية البغيضة ورفضها ومواجهة مخططات النظام ومواليها وشبيحتها ومن بينها – داعش – في محاولة حرف الثورة عن نهجها ودمغها بالديني والمذهبي فكيف لبعضهم بالتهليل ل – داعش – ومخططاتها في بلد مجاور ؟ .
    يقفون مصفقين لممارسات داعش الارهابية في الموصل وذبح  1700 من طلاب كلية االطيران في سامراء بدم بارد ويتهمون ” قيادة اقليم كردستان زورا بالتورط ولايستبعدون بل يرجحون أن تكون اسرائيل قد ساعدتها ” ويعتبرون في الوقت ذاته ” أن بروز داعش ( الثورية ) مصلحة كردستانية !؟ وفي الوقت ذاته يعتبرون أن ” اسرائيل سيدعم الكيان الكردي حليفها التاريخي ” وهنا أحيل مهمة فك الرموز الى القراء .
قيادة إقليم كردستان العراق المنتخبة حسب الأصول الديموقراطية وأمام انهيار الجيش وتقدم جماعات – داعش – الإرهابية وأخواتها تجاه بغداد ظلت ملتزمة بدستور العراق الفدرالي مدافعة عن الوطن ومحافظة على ثرواته المشتركة ومعلنة عن عدم الهجوم على أحد واتخاذ موقع الدفاع فقط تستقبل مئات الآلاف من العراقين الهاربين من الموت في مدن وبلدات كردستان  بمختلف أطيافهم ومشاربهم وفي مثل هذه الظروف الاستثنائية تستمر في النهج الديموقراطي في عقد الاجتماعات والمشاورات بين جميع القوى والتيارات السياسية والمكونات الكردستانية  وصولا الى القرارات الجماعية وحتى  لولم أكن كرديا ولو كنت عراقيا عربيا أو كلدانيا أو تركمانيا لقلت بملىء الفم : الزعيم مسعود بارزاني يمثلني في أدائه الوطني .

المصدر: كلنا شركاء

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…