الوجوه المغبرة أثناء سكون الزمن الكوردي

كاسي يوسف
  

الهواجس المحقة التي تقض مضاجع الكوردي,في
كوردستان سورية ,وجملة العوامل المتسببة له في القلق انما مصدرها  الصيغة الحياتية التي يحاول الأعداء فرضها على
المجتمع الكوردي, فعشرات الرسائل التي يكتبها المعذبون في الداخل انما تعبر عن سوء
الأوضاع من جميع النواحي ,انها خلاصة المعاناة,أو محصلة المعادلة اليومية من العيش
أو من الحياة التي يحياها السكان الكورد تحت وطأة التعذيب النفسي الذي طال أمده,ان
الحياة التي فرضها النظام علينا ككورد وكبشر لا تقبلها كل القوانين والأعراف التي  عرفها الانسان منذ الهمجية,فالأوضاع السياسية
المعقدة والتي تطبق قوانينها على أنفاس الكوردي لاتسمح له بأن يصطحب معه حتى ساعة
النفي سوى الأحزان,على الرغم من أنه لا يخفى على أحد من المتابعين للكوردولوجيه,
نهم الكوردي للفكاهة ,والدعابة التي يتميز بها موروثيا,إنما كلها اضمحلت وتحولت
شخصيته من انسان متفاعل ومتجاوب الى شخص آخر متفتت ضائع ,وعلى الأغلب لا مهتم
بأولوياته وثوابته التاريخية.

تنجح السياسات المعادية والتي تستهدف الأفراد
عند اتباعها للمناهج التربوية الهادفة لهدم مجموع القيم والعادات والتقاليد,والأسس
التي قامت عليها حضارة المجتمع الذي تربى فيه ذاك الفرد,عندما لا تكون هناك مؤسسات
بمؤهلات موازية ورادعة ,تعمل في الاتجاه الآخر,أي تنوير أفراد المجتمع,على العكس
مما يراد لهم أن يكونوا عليه, وبذلك تحبط محاولاة تلك الجهات,وللتاريخ يجب أن ننصف
أحزابنا الكوردية في سوريا التي كانت بمثابة السد الممكن تحت سقف المطر السام ,ان
صح التعبير أو بمثابة المظلة التي تقي من شرور تلك السموم,على امتداد أعوام
طويلة,وعلى علاتها كانت بمثابة الكتائب السلمية الواقفة في وجه الهجمات الخبيثة
للنظام السوري,عبر فضح سياساته اعلاميا,وبطريقة ذكية تماما,لذلك حافظ الاكراد في
سوريا على تماسكهم وبدوا متجانسين وأقرب الى القضية من اخوانهم أكراد تركيا,على
الرغم من الفارق الكبير بينهم عدا وامتدادا.
 
أما اليوم وبعد أعوام من الثورة السورية
,والتي كان من المؤمل أن يحصد خلالها وعلى أثرها الكورد في كوردسان الملحقة بسوريا
على حقوقهم,كلها أو بعضها,إلا أن المثبت على الأرض هو ان النظام استفرغ الثورة
عموما من محتواها عبر جرها للمواجهة المسلحة,وانقضاضه على الامال الكوردية عبر
تأسيسه لما يسمى بالجيش الوطني في المناطق الكوردية ,وهو جيش مكون من البعثيين والقومجيين
العرب,ممن نستطيع ان نصفهم بالمرتزقة,جنبا الى جنب مع وحدات الحماية الشعبية ,وهو
تنطيم ميليشوي مكون من أنصار حزب العمال الكوردستاني  الموجودين في سوريا,هذا التنطيم ابتدعه النظام
لحرف المطالب الكوردية عن محورها,وزج الكورد في معاركه هو كيفما شاء هو,ولذلك بدى
المشهد الكوردي أكثر مأساوية من أي وقت مضى,فالمستبد وغاصب حقوق الكورد على مدى
عقود من الزمن يمسك بالدفة والمقود بيديه ,يوجه مسيرة الغد الكوردي للمنحى الذي
يرتأيه,ويناسبه.
 
فمثلا كانت فاتحة عقد الاتفاقات
اللامعلنة  هو انشاء ما يسمى( بمقابر
الشهداء ) بشكل مستغرب,قبل ظهور داعش والنصرة,كانت المقابر وعلى امتداد كوردستان
الملحقة بسوريا قد دُشنت,وتم تهيئتها لاستقبال اعداد كبيرة جدا من الأفراد ,طبعا
الكورد,ممن سيستشهدون في معارك قادمة,وكان هذا الأمر ملفتا,أي شهداء ونحن أصحاب
اغصان الزيتون,ومن هو عدونا ونحن لا نريد الكورسي الرئاسي في دمشق,أية مؤسسات
استقصائية يملكها الكورد حتى يستشفوا المستقبل ويتنبؤابه ,كانت وراء هذا التفسير
المطابق للواقع والصحيح!!!!!!!! ولماذا كل هذه المقابر في كل المدن والبلدات وحتى
القرى الكوردية,حتى قبل وقوع الحدث!!!!!!!

أسئلة محقة تتبادر للذهن ,فالرواية هنا
تذكرنا بقصة نوح عليه السلام مع قومه أثناء تهيأته للسفينة  ,فأوحينا اليه ان اصنع الفلك بأعيننا ووحينا. وعلى اليابسة البعيدة عن البحار, ويصنع الفلك وكلما مرّ عليه ملا من قومه سخروا منه. مع وجود الفارق وهو أن الله ألهم نوحا عليه
السلام,وهنا الملهم مبهم,ولم يسخر الناس من المقابر بل خافوا من مكائد الكائدين.
 

هذه المأساة الكوردية لن تطول أبدا,وسيحاسب
العابثون بالمستقبل الكوردي ,جنبا الى جنب مع النظام البعثي الفاشي.   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…