روسيا تحمي طغاة العالم

صلاح بدرالدين

  اذا كان الفساد الاداري والاهمال البيروقراطي لواجبات العمل والخدمة العامة واهدار المال العام وتحكم البوليس السري في حياة المواطنين من أسباب سقوط الاتحاد السوفييتي السابق فان المفارقة الكبرى أن من كانوا من – بقايا مؤسسات وفئات وأفراد – وراء تصفية ” طليعة ” أنظمة البلدان الاشتراكية ونموذجها الأول ومركزها الأقوى يتصدرون الآن قيادة روسيا الاتحادية بأشكال وأسماء وشعارات مغايرة فمن المعلوم وخلال سنوات من الصراعات الحامية حول الميراث المالي والنفوذ للامبراطورية المترامية الأطراف والمؤامرات بين الكتل والجماعات والمواجهات الداخلية بين فلول العسكر والحزب الحاكم والأجهزة الأمنية
 وبعد أن انفصلت عنها غالبية دولها وشعوبها انتهى مصير الحكم في روسيا الاتحادية بأيدي تحالف بقايا جهاز – ك غ ب – بزعامة الرئيس الحالي – بوتين – وكبار ضباط الصناعات الحربية وبعض الرؤوس الكبيرة في الادارة السابقة من بيروقراطيين ودبلوماسيين على قاعدة توازن المصالح المالية وتقاسم النفوذ ومواقع المسؤولية والقرار حسب قوانين جماعات المافيا ولكن وفي بعض الأحيان التغني بأمجاد روسيا القومية وعظمتها والتلويح باعادة نفوذها المفقود الى درجة الانتقام من أمريكا والغرب خدمة لتثبيت سلطة التحالف الحاكم وترسيخ سيطرته الداخلية وليس من أجل حرية الشعوب والديموقراطية والمساواة في العالم وما تبوؤ – بوتين – بحسب استطلاعات المؤسسات العالمية موقع رابع أغنى أثرياء العالم الا مثالا على ماوصلت اليه الأمور في بلد القائد البروليتاري الأممي العظيم – لينين – .

 نعيد طرح هذه الحقائق المعروفة للقاصي والداني لتفنيد أوهام البعض – عن دراية أو غباء – باعتبار حكام روسيا الراهنين من ورثة شيوعيي الاتحاد السوفيتي والأمناء على تراثهم النضالي الاشتراكي واليساري والتأكيد عن مسؤوليتهم الرئيسية في انهيار ذلك النظام منذ أكثر من عقدين بل وقوفهم وبكل امكانياتهم المادية والعسكرية والسياسية ضد ثورات الشعوب وانتفاضاتها في العصر الراهن من أجل الحرية والكرامة في أكثر من مكان .
  من هم حلفاء وأصدقاء حكام روسيا ؟
   1 – النظام السوري المستبد الذي يستمر ومنذ ثلاثة أعوام وبكل بشاعة في تقتيل السوريين وتدمير البلاد بسلاح وخبراء الحكام الروس هذا النظام الشمولي الفئوي الأمني القمعي يقف ضد ارادة غالبية السوريين التواقة الى الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والعيش بسلام وكرامة وهو نظام فاشي وريث الانقلابات العسكرية والفكر العنصري – الطائفي يسيطر على اقتصاد البلاد على حساب افقار شعبه وحرمانه والتمييز بين مكوناته .
  2 – نظام جمهورية ايران الاسلامية التيوقراطي المذهبي الذي يتاجر بشيعة ايران والمنطقة والعالم والقومي العنصري الذي يضطهد شعوب وقوميات ايران البالغين أكثر من 65% من مكونات البلاد ويقوم باثارة الخلافات والمواجهات ذات الطابع المذهبي في لبنان وسوريا وبلدان الخليج واليمن وهو أكثر أنظمة المنطقة تصديرا للارهاب والارهابيين .
  3 – حكومة المالكي في العراق التي تسير في الفلك الايراني وتمارس السياسة المذهبية والعنصرية ضد المكونين السني والكردي وتقف الى جانب نظام الأسد وتمده بالسلاح والمقاتلين والأموال وتتعامل بأساليب مختلفة وتتواصل مع مجاميع ارهابية مثل – القاعدة – وأخواتها اسوة بحليفه نظام الأسد .
  4 – حكومة – اوكرانيا – التي اقترفت مذابح ضد المواطنين من المعارضة ورفضت مقترحات الاصلاح والديموقراطية حتى كتابة هذه السطور .
  5 – نظام – فنزويلا – الذي يقوم بدوره في انتهاك الحريات العامة ويواجه معارضيه السلميين بسلاح القانون المزيف والاتهامات الباطلة وفبركة الادعاءات .
  6 – للحكام الروس علاقات جيدة ومتطورة مع حزب الله اللبناني المذهبي الارهابي المتزمت المتهم بمئات الاغتيالات السياسية بمافي ذلك اغتيال الشهيد – الحريري – ويقاتل ضد ثوار سوريا الأحرار بأكثر من عشرة آلاف مقاتل كتدخل سافر في شؤون بلد جار .
  وهكذا نجد أن معظم حلفاء وأصدقاء حكام روسيا الاتحادية من الأنظمة والفئات والجماعات اما طغاة عنصرييون ومارقون أو ارهابييون قتلة وبذلك نجد أن طابع الصراع العالمي العام في العصر الراهن لايتركز بين (روسيا كممثلة مزعومة للاشتراكية من جهة) والرأسمالية العالمية من الجهة الأخرى كما كان قائما حتى نهاية العقد الأخير من القرن الماضي بل أن صراع نظام الطغمة المافيوية الروسية مع الآخرين حول النفوذ والمصالح والسيطرة وليس صراعا تناحريا على أي حال بل يمكن أن يتحول الى تفاهم وتوافق وتناغم كما هو الحال في المسألة السورية.    

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…