نحو مؤتمر وطني عسكري لقوى الثورة

صلاح بدرالدين

  في غضون الأيام الأخيرة أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن اجراء ” مباحثات مع مجموعات إسلامية سورية معارضة ” ;كما صرح مسؤولون بريطانييون ” أنهم  التقوا بمقاتلين «غير منتمين إلى (القاعدة)» في أنقرة ” وكل الدلائل تشير الى أن الجهة العسكرية المعنية هي – الجبهة الإسلامية – التي تم إعلانها حديثا من سبعة من الفصائل الإسلامية («لواء التوحيد» و«حركة أحرار الشام» و«جيش الإسلام»، إضافة إلى «ألوية صقور الشام» و«لواء الحق» و«كتائب أنصار الشام» و«الجبهة الإسلامية الكردية») والتي كانت تقاتل تحت اسم الجيش الحر وأعلنت انسحابها من هيئة أركانه منذ يومين بسبب ارتباطها با – الائتلاف الوطني – حسب ماجاء ببيانها ,
 وبالرغم من اعلان الدولتين عن أن سعيهما هذا يرمي ” التوصل لحل سياسي للنزاع الذي يدمر سوريا منذ أكثر من عامين ونصف العام ” الا أن ذلك من شأنه اضعاف دور ومكانة قيادة أركان الجيش الحر التي كانت تعاني بالأساس من أزمات متفاقمة وشبه عزلة من العديد من التشكيلات العسكرية للحر داخل الوطن وخارجه وبالتالي تعزيز أوراق نظام الأسد على الصعيدين العسكري والسياسي ولو بصورة غير مباشرة .

  لم يعد سرا التقارب الحاصل بين الأطراف المعنية بالملف السوري من ( أصدقاء الشعب السوري وخصومه وأعدائه بينهم القريب والبعيد ) منذ الإعلان عن الاتفاقية الأمريكية – الروسية وملحقها التوافق الغربي – الإيراني وإقرار الجميع بعدم إمكانية الحسم العسكري بين طرفي الصراع : الثورة والنظام والبحث عن الحلول الوسط تكفل الإبقاء على النظام ومؤسساته بعكس إرادة السوريين وشعار ثورتهم في اسقاط النظام في حين أن الجميع يعلم وفي ظل المعادلة التي تتحكم الآن بالقضية السورية بأنه بدون الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي والإنساني لن يتم احراز النصر في المدى المنظور بل ستحتاج الثورة الى وقت إضافي لتحقيق أهدافها ولاشك أن طبيعة هذه المعادلة وتعقيداتها تشكل ثغرة في جسم الثورة ظهرت منذ اليوم الأول لقيام ” المجلس الوطني السوري ” تحت سيطرة الاخوان المسلمين أصحاب مشروع الفتنة والتفتيت على قاعدة هشة تحت رحمة وبركات قوى إقليمية تحمل أجندات خاصة وذات قدرة على الغدر بها في الوقت المناسب لاتتمنى انتصار الانتفاضة الثورية السورية التي أشعلها الشباب واحتضنتها الجماهير الشعبية من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية وإعادة بناء سوريا التعددية الحديثة وليس من أجل إقامة امارات الجهالة والتخلف وأقاليم التنابذ والشقاق أوالدولة التيوقراطية القروسطية .


  من الواضح أن الأطراف الخارجية التي تتعاطى الملف السوري على دراية تامة في أهمية ومحورية الداخل السوري وبالذات القوى العسكرية المقاومة وعمودها الفقري تشكيلات الجيش الحر واعتبارها طرفا أساسيا الذي باستطاعته – قلب طاولة جنيف2 – وعرقلة مسار التوافق الدولي لذلك لانتفاجأ اليوم عندما نتابع المحاولات المحمومة والمغرية من جانب القوى المعنية في اجراء الصلات والمحادثات مع ممثلي الفصائل الإسلامية المسلحة خاصة بعد ضمان موافقة – المعارضات – السياسية منذ أمد بعيد وتطويع – الائتلاف – منذ تنصيب قيادته الجديدة المطواعة وهنا لايمكن استبعاد احتمال أن يكون – الاخوان المسلمون السورييون – وراء هذه الصلات والمحادثات مستغلين وجود تيار في الإدارة الأمريكية متحالف معهم محبذا حكم الاخوان منذ التجربة المصرية وذلك بهدف ضرب عصفورين بحجر واحد : تعزيز قواهم العسكرية على حساب نواة التشكيلات العلمانية للجيش الوطني الحر والدخول الى الساحة محاورا ومشاركا في الحكم الى جانب وضمن النظام القائم .
  اذا كانت هناك مساعي وطنية جادة من جانب الغيورين على مصلحة الشعب والبلاد في سبيل الإنقاذ وإعادة قراءة الوضع العام بكل جوانبه وحيثياته والبناء عليها في تجديد الثورة وتعزيز انطلاقتها فلاشك أن تحقيق تلك الأماني متوقف على مبادرة جادة من قوى الثورة بالداخل وأخص بالذكر تشكيلات الجيش الحر بأركانها ومجموعاتها المبعثرة أو المبعدة أو المحيدة أو العاملة على أرض الوطن ومختلف جماعات الحراك الثوري في جميع المناطق من تنسيقيات ومجموعات مناهضة للنظام مضافا اليها الفصائل التي ترفع شعاراتها الدينية الايمانية وتعمل على اسقاط النظام وتسعى الى الديموقراطية ووحدة مصير السوريين جميعا وتؤمن بالحوار السلمي هذه المبادرة تهدف الى تنظيم مؤتمر وطني عسكري مقاوم جامع يضع البرنامج النضالي لتجديد الثورة الوطنية واستمراريتها اعتمادا على السوريين أولا وأخيرا  وبدعم الأحرار في الإقليم والعالم وبذلك وفي الوقت ذاته ستتجدد الشرعية الثورية والوطنية التي تتمتع بها أصلا قوى الثورة وتشكل منطلقا مناسبا بل ملاذا لدعاة التجديد وسلاحا فاعلا لتوفير أسباب وشروط نجاح الثورة ضمن ” الثورة ” على الصعيد السياسي في الداخل والخارج .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…