إسماعيل درويش
لم يكن قدر الكورد في كوردستان سوريا موفقاً لكي ينالوا ما كانوا يحلمون به منذ مئات السنين ، ولم تكن الظروف تساعد تلك الفئة التي تجاوز عددهم أربعة ملايين شخص أن يكون لهم كيان يحميهم ويحمي قوميتهم من الديكتاتوريات التي تتربص بهم ، ففي سوريا توالت الحكومات التي لم تعترف بالحقوق الكوردية وكانت أخرها حكومة البعث التي أصبح لها أكثر من أربعين عاماً تقبع على صدور السوريين ومازالت لا تعترف بالوجود الكوردي وذاق الكورد الويلات في حكم الأسد الأب وتم تهجيرهم وإفراغ المناطق الكوردية ومنحها للعرب الوافدين أو ماسمي ” بالعرب الغمر ” وحرم أكثر من 400 ألف كوردي من حق الجنسية وبالتالي من حق التوظيف والمجالات الأخرى ،
وحرم على الكورد كل نشاط يبرز فيه روح القومية ، أما في حكم الأسد الابن لم يكن بأفضل من أبيه وبرز ذلك جلياً في إنتفاضة قامشلو والمناطق الكوردية الأخرى عام 2004 م وما قامت به الأجهزة الأمنية البعثية آنذاك لا يتحمله العقل البشري ، واستمرت تلك السياسة الشوفينية حتى بدأت الثورة السورية في عام 2011 م وما كان لنا نحن الكورد إلا أن نكون في المقدمة لأننا أكثر قومية عانت من النظام الأسدي وخرجت المظاهرات المطالبة برحيل النظام في كافة المناطق الكوردية وشاركت قوى كوردية جنباً إلى جنب مع الأخوة العرب في مواجهة آلة الحرب الأسدية ، وعندما أختلطت الأوراق على الساحة السورية أصبح من الضروري وحدة الصف الكوردي والمطالبة بالحقوق الكوردية التي كانت مسلوبة منذ زمن بعيد ، وتم إنشاء ما يسمى المجلس الوطني الكوردي والذي أنطوى تحت لوائه عدد من الأحزاب الكوردية ، وفي هذا الأثناء برز مجلس غرب كوردستان والوكيل الحصري له كان حزب الاتحاد الديمقراطي pyd وكانت العيون الكوردية تتجه نحو توافق هذين المجلسين وذلك من أجل حمل القضية الكوردية إلى المحافل الدولية ووضع الحلم الكوردي في كوردستان سوريا على طاولات الحوار العالمية ، ولكن كما هي العادة فإن العقلية الكوردية لا تقبل على نفسها التحرر من العبودية أمام أعدائها فما كان لهذين المجلسين إلا أن تدخلا في خلافات على المناصب و على قيادة كوردستان سوريا وفي أواخر عام 2012 م كانت المبادرة من قيادة أقليم كوردستان العراق في امتصاص الخلافات بين المجلسين وتم توقيع أتفاقية هولير والذي أنشئت على أساسه الهيئة الكوردية العليا ، حيث كان من المفترض أن تتم قيادة كوردستان سوريا بالمناصفة بما يحقق أحلام الكورد ، ولكن العقلية الحزبية لم تستطع تقبل تلك الفكرة ولعل أبرز تلك الأحزاب التي كانت سبباً في إحداث الشرخ في الساحة الكوردية هو حزب الاتحاد الديمقراطي ، هذا الحزب الذي لا يقبل غيره ولا يعترف بوجود غيره ، جلً أهتمامه هو الصعود على أكتاف الأحزاب الأخرى والمتاجرة بالحقوق الكوردية من أجل الأهداف الحزبية .
لم يكن أداء المجلسين موفقاً في كافة المجالات لأن الكورد في كوردستان سوريا ليسوا بحاجة لأحزاب متعفنة ولا لمجالس أسمية ، إنما هم بحاجة لمن يدافع عن حقوقهم ويحمل أهدافهم وأحلامهم إلى بر الأمان ، ولكن هيهات لهذين المجلسين أن تستطيع تلبية وتحقيق تلك الأهداف طالما هناك عقول تقبل الخنوع والرضوخ لأعداء الكورد في سبيل كسر شوكة من يجمع بهم الدم واللغة والقومية .
الإدارة الذاتية والفيدرالية وحق تقرير المصير هي مطلب كل كوردي لأن من خلال هكذا استقلالية سيتمتع كوردستان سوريا بالحرية والتقدم والازدهار ، إلا أنها ستكون نقمة عندما تدار بأيادي متعفنة وبعقول متحجرة لا تفهم لغة التفاهم وأسلوب القيادة ولا ترى غير نفسها قائداً وحاكماً ، وعندما نتحدث عن أي نوع من أنواع الأستقلالية سواء كانت إدارة أو فيدراليه أو حتى أقليم فلا بد أن نبحث عن أطر تجمع الكورد جميعاً وبكافة أحزابه لكي تجد خطواتنا النور ونستطيع أن نحقق ما نطمح إليه .
لم يتوفر لنا نحن الكورد فرصة ملائمة لتحقيق ما نحلم به أكثر من وقتنا هذا وذلك نتيجة التغيرات التي حدثت على الساحة السورية عامة وإن لم نستطع الأستفادة من هذه الفرصة سيقذف بنا التاريخ إلى مذابلها ولن ترحمنا الأجيال التي ستأتي مستقبلاً .
ما نطمح إليه يحتاج إلى بعض من الخطوات البسيطة :
– توافق الأحزاب الكوردية والالتفاف حول القضية الأم ” قضية كوردستان سوريا ” .
– الابتعاد عن سياسة التخوين .
– العودة إلى حضن القومية والابتعاد عن التحزب .
– الإيمان بقضية شعب مظلوم بعيداً عن المصالح الشخصية .
– الإحساس بالكورد في المخيمات ووضع نصب الأعين الظلم الذي يتعرض له هؤلاء .
– عودة المجلسين إلى اتفاقية هولير ووضع حد للخلافات الثانوية .
– ……….
رغم سهولة هذه الخطوات إلا أني على يقين بأن العقلية الحزبية لن تسمح بتحقيق ذلك
فما بني على خطأ سيبقى خطأً !!!!!