هل أخطأ البرزاني في حساباته الكردية …سورياً؟

 أمين عمر

لا يختلف كرديان، سويّان، شريفان، على الدور المحوري والبارز للرئيس مسعود برزاني في النهوض بالقومية الكردية منذ أن حمل على عاتقه مهمة القيادة بعد رحيل البرزاني الأب.

المتتبع لسياسته ولمشواره النضالي يلاحظ بسهولة ما تحقق من مكتسبات لكردستان العراق ولكل مكوّناتها الأثنية والعرقية، والذي أعطى صورة إيجابية عن الكرد، كالقبول بالآخر المختلف، وإعطائه حقه في العيش والتعبير عن نفسه ومنحه الحرية التي منحت للكرد.

نجاح سياسة البرزاني والذي يتمتّع بشعبية كبيرة بين سكان كردستان العراق عموماً، أدت الى تطور كردستان من نواحي عدة، وخاصة الاقتصادية ،العمرانية، والأمنية والتي ساهمت بتعزيز ثقة دول الجوار بتلك التجربة الناجحة.

ما توصلت اليه كردستان من نجاح نسبي شكّل تأثيراً إيجابياً على أجزاء كردستان الأخرى.

ففي كردستان تركيا ظهرت بوادر لعملية سلام بين أوجلان والحكومة التركية التي كان للرئيس البرزاني يداً بيضاء في نجاحها النسبي ، ومن المحتمل والمفروض أن تنتهي بعملية سلام شاملة تعود على الكرد ببعضٍ من حقوقهم ريثما يتبين ماهية الاتفاق بين السيد أوجلان والحكومة التركية، هذا ويعتاش نسبة كبيرة جداً من كرد تركيا على التجارة بين تركيا وكردستان.

أما في سوريا فيظهر جليّاً ما يُقدّم من دعم ومساندة لمساعدة الساسة الكرد في سوريا بتوحيد الخطاب والرؤى وهو ما نتج عنه تشكيل الهيئة الكردية العليا كإطار جامع للكرد السوريين، بالإضافة الى إستقبال ما يفوق المائتا ألف منهم كلاجئين، وتوفير الحماية ومستلزمات الحياة اليومية لهم، هذا عدا عن إرسال مواد تموينية الى داخل سوريا لتقلل من معاناة الوضع المعيشي الصعب الذي مر به الكرد السوريين .


اليوم في كردستان سوريا إحدى أهم معاقل المدرسة البرزانية، يعاني دُعاة البرازنية من التضييق مِن كلِ منْ حولهم، ويتعرضون للإعتقال على أيدي الكرد قبل النظام، فقط لإنهم طلاب تلك المدرسة التي لا تتنازل عن حقوق الكرد تحت أي ظرفٍ كان، فعندما كانت قيادات البارتي مثلاً،في سجون النظام السوري في السبعينات، كان دُعاة تحرير كردستان الكبرى لم يشكلوا حزبهم الكردستاني بعد، وهاهم يُنظـِّرون اليوم عن الحرية والحقوق للبرزانيين الذين ذاقوا الأعتقال وصمدوا في وجه البعث وأزلامه.
ربما من أهم أخطاء البرزاني هو وقوفه على مسافة واحدة من كل أحزاب كرد سوريا ، فكيف يتساوى لدى البرزاني من هو برزانيٌ مع من حارب ويحارب البرزانية كإستراتيجية.

هذا بالإضافة الى إنه كان للبرزاني تأثير كبير على تشكيل الهيئة الكردية العليا، وبنسبٍ لا تمثل حقيقة السوريين بتاتاً، والتي مورست تحت ظلها ممارسات بشعة عديدة ضد المصلحة الكردية،وهو يعني ما يعنيه الإضرار بحلفاء البرزاني، ولم يكتشف البرزاني تلك الحقيقة إلى أن تحولت محاربة البرزانية من تلك الجهات التي كانت مدللة لدى حكومة كردستان من الهمس الى علانية في قنوات الإعلام.عندها شعر البرزاني بضرورة مراجعة مواقفه ومواجهة الواقع كما هو ليس كما كان يأمله.والسؤال ألم يكن الأحرى بالبرزاني أن يكتشف تلك الحقيقة قبل أن تصل الأمور الى شخصه وحزبه؟!
 معروفٌ في السياسة والعلاقات السياسية ، لكلِ طرفٍ الحقُ في دعم حلفائه، فالقوي قويٌ بحلفائه ، فما بالك بالكرد السوريين الذين ينظرون للبرزانية ليس كحليفٍ بل توأماً وأخاً أكبر.

فالنتائج الإيجابية تعود على الطرفين المتحالفين وكذلك السلبية.

ولعل هناك ثلاثة أسباب رئيسة  لخطأ البرازني المذكور.السبب الاول: هو إعتمادالبرزاني على مصادر معلومات ربما من ممثليه القدامى لدى الحكومة السورية  وقد عرُف عنهم مواقف سلبية كثيرة ، منها التسبب في المشاكل بين الأحزاب الكردية في سوريا التي تدعي البرزانية، ثانياً: إعتماد  الأحزاب السورية التي تمثّل البرزانية في سوريا على البرزاني بشكل كلي، معتقدين إن هز الرأس أمام البرزاني وقول “حاضر سيدي” وتلقي الأوامرسيكون بأمرٍ كافٍ، وسيرد للكرد السوريين حقوقهم وحريتهم، متناسين دورهم الحقيقي بإيصال الصورة الحقيقية للوضع السوري وعمل شيء ما دون وقفهم مكتوفي الأيدي، كمن وجد مصباحاً سحرياً يحل له مشاكله، وكإن دروهم ينتهي بالإرتماء في حضن البرزاني.

ثالثاً: رغم كل الإهتمام من قبل حكومة كردستان ، إلا أن المتتبع لنظرة ولتعامل السياسي لحكومة كردستان مع مشكلة الكرد السوريين تعتبر كمشلكة ثانوية لديها، مقارنة بإعطائها أهمية كبيرة لمشاكل صغيرة في الإقليم، بل والتعامل السياسي معهم من موقع الكبرياءوالإستعلاء.

بإعطاء الأوامر والنصائح والتنظير كــ: ..أذهبوا وأتفقوا… نحن معكم إن أتفقتم…
نستطيع القول إن البرزانية قد إنحسرت  بشكل واضح في سوريا بعد الثورة رغم كل ما قدمته قيادة كردستان من دعم مالياً وسياسياً، وذلك بسبب الضغوطات المعيشية والأمنية على الشعب الكردي، لإن حليفه السوري ” البارتي وحلفائه” كانوا يتلقون الدعم منه فقط ، أما الطرف الأخر فقد كان يتلقى الدعم من البرزاني والمالكي وإيران والنظام السوري.

وهو ما غيّر المعادلة لصالح محاربي البرزانية.

لذا على الذين يوصلون الرسائل للبرزاني ولفريقه أن يبلغوه الواقع والحقيقة، فالبرزاني لن يأكلهم ولن يقطع رؤوسهم، فهو الاب الحنون للكرد، الأمر يحتاج الى شجاعة المراسل، وقول الحق عما حالت اليه الاوضاع ، إن يُبلِغوه إن الذين كانوا يمرون من مطاراتها هم أنفسهم من يقمعون البرزانية والبرزانيين ويتحالفون مع أي كان حتى لو أقتضى الامر مع الإرهابيين في سبيل علو شأنهم على حساب الأخرين.

لذا من المؤسف القول إن سارت الأوضاع كما هي منذ ثلاث سنوات من عمر الثورة فسيكون مصير البرزانية في سوريا كمصيرها في كردستان تركيا، وكلكم يعرف تماماً إن كرد تركيا لم يخسروا البرازنية فقط بل خسروا حقوقهم أولاً .وربما كانت الخطوة الاولى لتدارك ذاك الخلل، هو زيارة البرزاني لآمد التي قد تكون بداية إعادة تجديد للبرزانية هناك.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…