حتى الآن لم تتغير الحركة السياسية في سوريا مع تغيير الواقع الذي يحيط بها، حيث لا تزال تؤمن بالرجل الواحد كزعيم و حزب واحد و تتبعه الملة في جميع خطواته الصحيحة و الغير صحيحة و يتحكم بها أشخاص لا يتغيرون و إن تغيرت الوجوه التي لا تزال تؤمن بأفكار ورؤى نمطية عفا عليها الزمن مثل غياب الحكمة و إفلاس في الأفكار و الرضوخ لمشيئة الأقدار و الإرتضاء بالموجود و فقدان الثقة و الأمل بالخطط المستقبلية سواء الآنية منها أو البعيدة و هكذا تضيع سنوات كثيرة في عمر شعوبنا و لا يزال الإحتفاظ بالأفكار القديمة و تجديد المسؤولية و حب القيادة يطغى على تفكيرهم اليومي و إن استمرت هذه الحالة فإننا نقف على أبواب الفشل ليتفشى المرض و الركاكة و الهشة سواء في المجتمع أو الحركة السياسية بشكل عام.
في هذا الواقع الذي يفرض نفسه على الجميع و في ظل سد الطرق أمام البديل المنتظر يختار الآخرون القرارات و يصادرونها و يتحكمون بالمسارات و المواقف السياسية و ما على الآخرين في القواعد إلا التقيد بها بل و يبحث البعض عن رضائهم و إرضائهم و لتجنب الآثار السلبية يرضخ الآخرون للأمر الواقع مما يزرع في النفوس اليأس من التغيير أو حتى إجراء اصلاحات ضرورية تعبر عن طبيعة المرحلة.
مع التعنت في عدم القابلية للتغيير المطلوب تفتقد الحركة إلى التجديد و الحكمة في تجنب الإنزلاق للخلافات و إلى الإدارة الناجحة في كيفية حل الأزمات و كيفية النهوض بالحركة و دفعها إلى الأمام لأخذ مكانها اللائق و مع هذا الجمود في الأفكار و عدم وجود البديل تصبح الحياة السياسية شبه متوقفة و تتسع الفجوة بين الجماهير و الحركة و تصبح القواعد الحزبية عبارة عن أتباع و مريدين ينتظرون الأوامر لتنفيذها .
صحيح أن تردي الوضع الأمني و المعيشي يلقي بظلاله على الوضع بشكل عام في الثورة السورية و لكن سوء الإدارة السياسية أيضاً يكشف ضعف حركة المعارضة و مدى التخلف السياسي لديها في محاولتها احتكار السلطة من منظور طائفي أو حزبوي و لذلك لم يتغير شئ في المفهوم الكلي فقط تم استبدال الزعيم الواحد برمز آخر يدل على الطائفية السياسية أو ما يسمى بالإسلام السياسي بسبب جمود الوعي السياسي لدى الشعوب في المنطقة و عدم تطوره مع مراحل الحياة و بسبب عدم معرفة الشعوب عما تبحث عنه بالضبط و ما تريده في هذه المرحلة و لذلك لجأت للشعارات الدينية و المطالبة بالخلافة الإسلامية التي تجد فيها جميع الحلول بغمضة العين أو بقدرة قادر و لذلك لا يمكن أن نربط تقدم الشعب و تطوره بنصوص ميتة أو جامدة و شعارات كبيرة و التي تعتبر غير صالحة للتطبيق في هذه المرحلة.
إن الدولة في سورية يجب أن تبقى دولة مدنية لا دولة دينية حتى لا تغرق في مستنقعات الحروب الأهلية و توزع المناصب على أساس مذهبي و طائفي و هذا يؤدي إلى شطب الوحدة الوطنية من القاموس في الدولة و تتحول السلطة للطائفة القوية و للتيار ذي الأغلبية (الطائفية) الشعبية أو التي تمتلك القوة على الأرض و هذا يعود بنا إلى الوراء لتشكيل مجتمعات قبلية و عشائرية متخلفة تبحث عن مصالح القبيلة و العشيرة قبل مصلحة الوطن.
23.09.2013