وفي السياق ذاته, فإن تحليل الوضع السائد اليوم في المجتمعات الشرقية هي أشبه بالحالة التي كانت مُعاشة في الحقبة القروسطية من إجحاف بحق الدين والبشر والفكر والعقل و….الخ لكن المجتمع الغربي تجاوز هذه المحنة ومنذ عشرات السنين, ووضع العقل والفكر والرأي قبل أي شيء, بل إن جل ما وصلت إليه حضارة أوربا ورقيها, وتقدمها, وتطورها كان حصيلة مجموعة من الأمور المهمة, وهم لم يكتفوا بحماية الفكر وصاحبه, ولا بتطوير العقول وتأهيلها, ولا بالتركيز على أصحاب الأفكار والابتكارات, ولا بحماية المنتج وصاحب الإنتاج من الخطر أو التهديد, ولا حتى بتوفير فرص عمل تتناسب وقدرة كل شخص, بل أنهم أولاً وقبل كل شيء ركزوا على الفاشلين, وعديمي الخبرة, وأولئك الذين يعانون من تكرار خيبات الأمل والقصور الفكري والعقلي, اهتموا بمن يفشل ومن يخسر ومن يُهزم, اهتموا بمن أضاع وقته وعمره ومستقبله, اهتموا بمن لا يجيد أي شيء, وصنعوا منهم رجال وعقول وقبل كل شيء, بنَوا الإنسان وطوروه, وحدثوا من مهاراته ونمّوا مواهبه, وها هو المجتمع الغربي اليوم بات بمقدوره أن يؤمن ليس معيشة مواطنيه فحسب, بل أيضا يؤمن معيشة الشرق برمته, عبر غزوها فكرياً, وأدبيا, وثقافياً, ومنتوجياً, ولن يكون بمقدور أي دولة أن تقف في وجه هذا المد الغربي الرهيب, لأن الدول الشرقية هي من أسست لبناء هش يمكن اختراقه بسهولة ويسر, فحطمت الإنسان وأحجمت عنه تأثيرات التطور والتقدم, وحاربت في مواطنيها نزعتهم نحو الاستقلال الفكري والروحي وحتى العاطفي, وأوغلت في التقليل من قيمتهم وشأنهم بل عملت على أقناعهم بمدى صغر هيبتهم, وحطمت من إرادتهم, وهلما جرا من هذه الأمثلة التي ستؤرخ للأجيال القادمة معلنة أن دول وحكومات وأحزاب صرفت جل وقتها وميزانياتها في محاربة مواطنيها.
ونحن ككورد لسنا بعيدين عن هذه التأثيرات ولا هذه الحالات الإختراقية, بل إننا نعيش في وسط الركام الفكري الذي بسبب الحد من قيمة النشطاء, والكتّاب, والمثقفين, والسياسيين, والمبدعين, وخاصة من فئة الشباب, وبشكل أخص الشباب الأكاديمي والمثقف.
إن نماذج عدة يمكن ذكرها عن مثقفين وكتاب ومبدعين …الخ هربوا من بطش شخصيات مريضة مكبلة بالأوهام والعاهات والعقد النفسية, همها جمع المجد بيدها, ظانة في نفسها أن التقاط اكبر قدر ممكن من الصور في مناسبات حزبية وإن لم يكن لهم أي دور في تلك المناسبات, إضافة إلى قهر الشباب الكورد وإجبارهم على التزلم لهم, يكون قد أمن لنفسه ولأسرته مكان يليق بشخصه المريض, ولدينا أمثلة عددية عن مواقف وتصرفات أدت لنتائج وخيمة نتيجة الاستفراد والتسلط والعقلية الضيقة التي ترغب بالاستفراد بكل شيء, ومنها تحجيم دور الشباب عن القيام بواجباته القومية والوطنية, ولكن لو قمنا بالرجوع قليلا إلى الوراء وتحديداً إلى فترة القائد مصطفى البرزاني سنجد كيف كان القائد يهتم بالشباب ويرعاهم, ومن بين تلك الأمثلة على رعاية القائد لجيل الشباب, دوره الريادي والرئيسي في بناء اتحاد الطلبة الكوردستاني, واليوم ها هو جناب السروك مسعود البرزاني يحمل راية الشباب ويستمر في رعاية جيل الشباب وتأكيده على أهمية وجودهم دوما في جميع المحطات, والدوائر, والمراكز, والمناصب, وهو دوماً يكرر ويقول الشباب الكوردستاني أمل الأمة الكوردية, ولعل اهتمامه بالشباب الكورد وفي الأجزاء الأربعة خير دليل على ذلك, , وحقيقة الواقع لو أردنا بناء مجتمع كوردستاني مبني على أسس علمية وسليمة وقوية, ويمكنها مجابة أي قوة ترغب في النيل من الحق القومي الكوردستاني, لابد لنا من اختيار طريق ورغبة وفكر البرزاني الأب والابن, ومن شاء ورغب في بناء مجتمع مهزوز وهش قوامه الغدر والخداع والنفاق والكذب والرياء, فما عليه سوى السير على طريق وخطى أولائك المرتدون عن نهج البرزاني الخالد.