آشيتي يبحث عن هدم أقليم كردستان وليس تصحيح مساره

د.

محمود عباس

   نشر مقال بعنوان ( مغازلة رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا ) في موقع الحوار المتمدن
       (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=373402 )
 مزيل بإسم ( عارف آشيتي ) يتبين من خلال طروحاته المتحايلة على القضية كمدافع، والمخادعة لمفاهيم القارئ والمثقف الكردي، والتي  يقدمها بطريقة سلسلة وبغطاء  الحرص على الوطنية وعزة نفس المثقف والحفاظ على فوقيته التنويرية، ومن خلال أسلوب سرده، يبدو أنه كاتب متمكن من حيث الكلمة والنقد، لكن غايته تتوضح عند التمعن فيما وراء الطرح، والتي هي أبعد بكثير من نقد للرابطة واعضائها، أو للحركة الثقافية بشكل عام، والإنتباه إلى أبعاد الفكرة التي يعرضها على الكتاب والمثقفين الكرد، والتركيز على الرابطة بشكل خاص على خلفية الرسالة

التي وجهتها إلى السروك مسعود البرزاني بصدد المؤتمر القومي القادم، تتوضح هدف السيد عارف آشيتي الشمولية، والتي لا أناقضه في بعضها، علماً أنه يبغي من خلال طرحه خلق صراع بين المثقفين والكتاب الكرد وبين حكومة الأقليم، وإخراجهم من منطق النقد إلى الإشتراك معه في عملية الهدم، وكما يقول بذاته أن مهمة المثقف  والكاتب هو البحث عن الذي اطلق القذيفة، حسب مثاله، وهو يعني هنا شخصية رئيس الأقليم بالذات، رغم أن مضمون الرسالة تحمل النقد الكثير من حيث عملية التحضير وجزئية الدعوات العشوائية ووضوح سيطرة الاحزاب السياسية الإنتهازية، ودور الأقليم في إحتضان كل هذا، لكن السيد ( آشيتي ) في منطقه واسلوبه المعروض، وكإنها نكاية بعقل القراء والكتاب، لا يحترم مدارك الآخرين كما يدعي، ولا يهتم بمضون الرسالة، أو غايتها، ولا يسأل ذاته ماذا سيفعلون حين حضور أعضاء الرابطة قاعة المؤتمر؟ هل سينجرفون إلى أجندات قادة الاحزاب؟ أم أنهم سينقدونهم في قاعاتها؟ ولا يحاول خلق النقاش والمحاورة على هذا المنهج الفكري، يضع  الشروط والحلول معاً، يطرح القضية ويعبث بها  بتحليلاته وإستنتاجاته، يبني صراع مميت حول القضية، وتعتيم للمسيرة الوطنية، لا يقف عند حد نقد اساليب حكومة الأقليم، وأخطاء السيد مسعود البرزاني التكتيكية والإستراتيجية على مستوى كردستان الكل، ومعها استراتيجية ال ب ي د وغيرها من القوى السياسية الكردية في أقليم غرب كردستان، بل يتجاوز إلى  حد التشهير بهم، وتخوين مغلف بعلاقاتهم الدبلوماسية والسياسية مع الاعداء، إلى درجة بيعهم لكردستان إقتصاديا، يقارن الأحزاب الكردية السورية التي كانت مخترقة من قبل السلطة الشمولية، بالحراك الثقافي، ووجه المقارنة خاطئة، رغم أننا بذاتنا لا ننظف جانب المثقف الكردي وتهاونه في العديد من القضايا، إما عن عدم إدراك، أو رضوخ للقوى السياسية، قد تكون الأقليم بطرفيه أو القنديل، ولا ننسى أن المثقف الكردي لا يزال تحت سيطرة ثقافة السلطة الشمولية، ويحتاج الى قوة للتحرر من منطق الإذلال الذي فرضت عليه على مدى عقود، ولا نعارض ناقدنا على أن المثقف الكردي لم يقم بواجبه كما يتطلب منه، بل وتخلف في كثيره، وكان حتى البارحة مسلوب الإرادة، ولا يزال ينحاز من جهة إلى أخرى، ولا تخرج رؤيته عن إطار جغرافية الأحزاب السياسية، لا يبحث في الأبعاد والمخططين الذين يوجهون الحراك الكردي السياسي، وقد أصاب في نقطة جداً مهمة  وهو أن المثقف يبحث في القشور وينسى اللب.

لكنه  يتمادى في نقده إلى درجة اتهام المذكورين و بشكل خاص السيد مسعود البرزاني  في تقزيم الشعب الكردي في الأقسام الأخرى، ويشبهها بسلطة شمولية لا تقل طغيانا عن سلطة الأسد، ويعيدها إلى جهالة وعدم إدارك حيناً، وإلى عدم إستطاعتهم الخروج من تحت عباءة المنطق العشائري أو الحزبي، وعدم القدرة على إخراج ذاتهم إلى سوية التفكير الكردستاني كما يتباهون إعلامياً به، وما يقدمونه للكل الكردستاني  يدخل في خدمة كيان أقليمه والحفاظ عليها كمحمية خاصة له ولمجموعة حوله، لا شك أن ناقدنا يعرض مع سرده الحاد توضيحات منطقية في الواقع الفعلي، وتمثل وجهة نظر العديد من كتاب الحراك الثقافي، لكنه لا يمتثل إلى واقعية الكاتب والمثقف المنطقي في نقده والذي يجب أن يلتزم بالبحث عن الحلول، وعرض وجهات النظر وتنوير الدروب، وذلك بعد كل نقد  بناء وتنظير لسياسة الحاضر، نحن هنا في مقاله أمام تشخيص عدواني أكثر ما يكون تحليل وتخطيط مثقف كردي يبحث عن الحلول لإخراج المجتمع الكردستاني من أزمته الطويلة.
    لا يهدمها من أجل بناء درب جديد من العدم القادم،  فالخطط المستقبلية لا تتبين من خلال المقال، ولا من خلال مقال سبق نشره تحت الإسم نفسه، رغم جدية الطرح في بعض أجزائه، لكنه يقف عند حدود الهدم، ولا يتجاوزها، بل ولا يعرض هذه المهمة على الآخر من الكتاب والمثقفين، صرخته غارقة في السلبية ويجاهد لإيقاف المسيرة الحاضرة بعد تشويهها وإلقاء كل الموبقات الموجودة والمخترعة على تكتيك وإستراتيجية الأقليم التي  يغلفها في ذاتية رئيسها ومجموعة متنفذة حوله، معتمداً على رؤية خاطئة متشكلة مسبقاً في خيال مبني على ما تنجرف إليه  مستقبل كردستان، وحيث لا يراها سوى ركام  عدمية، لا أمل فيها.
كردستان الحلم، وشعبه، قضوا مئات السنين في العتمة، والضياع، لكنهم لم يتخلوا يوماً عن المطالبة  بالحرية في الآفاق، والأقليم بكيانه الحاضر، حرك قلوب المجتمع الكردي، يهمهم من يقودها، وآل البرزاني أو الطلباني، في قليله لدى الجماهير الكردستانية لايزالون يعكسون تاريخ ثورة ونضال مديد، بعكس المثقف الذي يبحث في الخفايا، وينتبه إلى الدروب، ويبين أخطاء قادة الأقليم أو القنديل، ومصائب الأحزاب ومطبات القيادات وجهالة البعض من سكرتيرية الحركة الكردية السياسية والدبلوماسية بل والثقافية، لكن لا يحق للمثقفين تهديم الوطن على بنية التعارض مع الحكام، والذين بنوه غارقون في الأخطاء، ويتاجرون به، وعليه يجب هدم المسيرة والاقليم كما هو.

فعلى المثقفين من آمثال آشيتي البحث عن طرق تغيير المسار والقادة، لا تهديم الوطن، وبنائه ثانية من العدم، إننا هنا لا نبحث عن ثقافة موبوءة، يجب تنقيتها أو إستئصالها لتكوين مفاهيم إنسانية حضارية تلائم العصر، إننا هنا نبحث عن أركان أمة وبناء وطن، وهذا ما يود السيد الناقد تمييعه، ويستهتر بالموجود على بنية جهالة السياسيين الكرد.
 إستقاء كلمات قاسية مثل ( التخاذل والتذلل…والتصرف كمتسول )  لجلب الإنتباه إلى تهجمه، يخرجه عن إطار النقد البناء، علماً ان اللهجة الواردة في الرسالة بعيدة عن هذا المنطق، لكنه لا يتقيد بنصوص الكلمة، بل يبني الصيغة لذاته، وأنا أذكر هذا لأبين أن الكاتب يخرج من سياق النقد المقبول، والذي يجب أن يدفع بالآخرين الوقوف عليه، والتمعن في أخطائهم أمام شعبهم، ويبحثون عن ذاتهم، هل فعلا يتذللون لقادة على حساب مصير الشعب؟ ويتسولون أم قاعات مؤتمراتهم لتبيان الشخصيه؟ أم أن المثقف يجب أن يكون حكيماً في قدراته على تصحيح المسار، وعزل المفسدين، ومجابهة القادة المخطئون في مجالسهم السياسية.

لكن الكاتب يتناسى أنه بدون الحوار والمواجهة لا يمكن تحريك  ضمير وفكر الحكام  المعزولين عن الشعب، وإيجاد السبل الصادقة لتسيير الوطن بنقاء وسموا.

مع ذلك وللإنصاف فالكاتب ورغم خروجه عن السياق النقدي الهادئ والبناء يشارك العديد من المثقفين بالطرق على حقيقة موجودة، ويجب أن تثار بشكل دائم في كيان الحركة الثقافية، وقد كتبنا في هذه، العديد من المقالات بل وطالبنا يومها بمجازية فكرية، وهي موت المثقف الكردي.
د.

محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…