هل جماعات – ب ك ك – السورية ظاهرة أمنية ؟

 صلاح بدرالدين

  بداية وكما أرى لاغبار من حيث المبدأ على قيام أي طرف حزبي أو جبهوي أو أية جماعة منظمة أو ناشط يعبر عن جهة سياسية ويمثل قضية بنسج علاقات واجراء لقاءات وحوارات مع أي طرف معني بالقضية السورية في الداخل والخارج شريطة أن تتميز بالشفافية والوضوح واطلاع وموافقة من يمثلهم وتخدم المصالح الوطنية العامة كما أن متابعة أية علاقة سياسية بين طرفين أو أكثر لاتتعلق بالمظهر الدعائي بقدر ماترتبط بالمضمون والآلية والنتائج واستنادا الى هذه الرؤية فان موضوعنا المطروح هذا يتخذ منحى آخر ولاتشمله العلاقات السياسية بالمواصفات السابقة ذكرها
 وقد يتساءل أحد ما بأن الأطراف المعنية الأخرى هي المعنية بتحديد ممثليها ولاضير حتى لو كانوا من الأجهزة الأمنية والجواب كما أرى : لم لا ؟ فالضيف ليس بمقدوره تجاوز حدود مضيفيه خاصة اذا كان من نوع هذا الزائر  ولكن بشرط أن يكون واضحا ومعلنا وتسمى الأشياء بأسمائها .

 وفي هذا السياق أعادت الفضيحة الملتبسة أو (مسلم غيت) التي رافقت زيارة رئيس ” الاتحاد الديموقراطي – ب ي د ” الى تركيا الى الأذهان مجددا طبيعة تلك الجماعات – الآبوجية ” الإشكالية ومنشأها الذي لم يكن بعيدا عن خطط الأجهزة الأمنية في الأنظمة الحاكمة بالبلدان التي تقتسم الكرد وموطنهم واذا كان المقام لايسمح بسرد تفاصيل هذا الجانب من ظهور وسيرة وعلاقات – ب ك ك – وزعيمه الأمنية وتجليات تأثيراتها (التركية – السورية – العراقية – الإيرانية) طيلة ثلاثة عقود فأغلب الظن أنها معروفة للجميع فاننا سنبدأ القول بأن جماعات – ب ك ك – السورية بمختلف مسمياتها انطلقت سوريا ومنذ البداية برعاية جميل الأسد شقيق الدكتاتور المقبور حافظ وعم القاتل الصغير بشار وترعرعت تحت أنظار جهازي (الأمن العسكري والفرع الخارجي لأمن الدولة) وبعد اندلاع الثورة السورية منذ عامين ونصف سرعان ما سعى وسطاء السوء الى إزالة سوء التفاهم بين الجانبين وخلال أشهر قليلة وبمساهمة مباشرة من الجنرال قاسم سليماني قائد – فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني – تم جلب الآلاف من المسلحين من الخارج وتحديدا من – قنديل – الى مناطق التواجد الكردي بمنتهى السرية وباشراف مباشر من الجنرالين (آصف شوكت – قبل مقتله – ومحمد ناصيف) ومن ثم تم توكيل جهاز (المخابرات الجوية) السيئة الصيت  لاتمام المهمة حيث يسير كل شيء بالطرق الملتوية وبمعزل عن اطلاع ومعرفة الشعب الكردي ووطنييه وثواره .
 التفسير السياسي لاندفاعة هذه الجماعات نحو تركيا يتوقف أمام جدار – العقلية الأمنية – الراسخة في عقولها وليس مستبعدا أن تكون في اطار التفاهم السوري التركي الرسمي البعيد المدى مباشرة أو غير مباشر فبعد نحو شهر من لقاء (مسلم ووفد من جهاز-  الميت – بحضور السفير التركي بالقاهرة) وبعد زيارات عديدة لمسؤولي هذه الجماعات الى استانبول من دون علم ومشاركة حتى – هيئتهم العليا – التي طال مايتغنون بها وصلها رئيس – ب ي د – الذي صرح انه مدعو من وزير الخارجية وسيلتقي به ثم ظهر بوسائل الاعلام انه نقل من المطار الى مكان مجهول وليس الى مكاتب الخارجية ولم ينل شرف لقاء الوزير ولم يفصح حتى الآن عن الجهة التي التقى بها ويزيد – بطينه بلة – عندما يقول وبدون أي سند أو دليل أو شاهد : (قدّمنا احتجاجنا للمسؤولين في الخارجية التركية أثناء اجتماعاتنا، … ,قلنا لهم إذا كانت ليست لديكم علاقة مع تلك الكتائب المتطرفة كما تقولون، فكيف بهم التسلل إلى عبر حدودكم إلى أراضينا و بتلك الأعداد و العتاد؟؟؟”….

لكن المسؤولين في الخارجية وعدونا بتشديد اجرائاتهم على الحدود مع سوريا لمنع حالات تسلل تلك الجماعات).
 والتساؤل هو : كيف دخل هو ورفاقه الآلاف المؤلفة الى سوريا قبل وبعد اتفاق أردوغان – أوجلان ؟ تهريبا أم تسللا أم رسميا ؟ ولماذا تجاهل دخول المئات بل الآلاف من الإرهابيين الموالين لايران وبعض المرجعيات المذهبية عبر الحدود العراقية وبعلم حكومتها ؟ .

  ناضلت الحركة الوطنية الكردية السورية أكثر من نصف قرن لتعزيز مكانة القضية الكردية وانتزاع الاعتراف بها كمسألة سياسية وطنية ديموقراطية وبذلت ثلاثة أرباع جهودها في صراعها المرير مع الشوفينية والاستبداد لنقلها من براثن الدوائر الأمنية وألاعيب ومخططات الأنظمة الشوفينية والاثبات أنها ليست مسألة أمنية أو ارهابية وادراجها في برامج القوى الديموقراطية ودمجها بالمشروع السياسي الوطني العام للثورة الراهنة وإذ بهذه الجماعات تحاول – عبثا – إعادة القضية الى ماقبل درجة الصفر وتحويلها قسرا الى دوائر الأمن السوري والمخابرات الإقليمية واخضاعها لمصالح وأجندة الخارج الباحث عن نفوذ وذلك لتتناسب مع مفاهيمها ورؤاها وأدوارها وطبائعها العصية على التطبع مع سمات العصر ومنهج الشفافية والوضوح وتقديمات مرحلة الثورة الوطنية الديموقراطية في بلادنا والدرجات العالية لوعي بنات وأبناء شعبنا .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…