الحركة الكردية ما بين الوطني والقومي

حسن يوسف

تأسست الحركة الكردية في عام 1957 صيفاً وكانت بداية باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي ) أسوة بالأحزاب الكردستانية الأخرى المتواجدين في كردستان إيران والعراق وتركيا ، حيث كانت طموحات هذا الحزب تتجاوز الحدود الوطنية لسوريا وكانت تختصر أهدافها على الشعب الكردي ومنها تحرير وتوحيد كردستان
مثلما كانت الأحزاب القومية العربية التي تجاهلت الأقليات والقوميات التي تعيش بين ظهرانيها والتي كانت تدعو إلى الوحدة العربية ، إلا أن هذا الحزب تعرض لهزات قوية من قبل الأنظمة المتعاقبة على سدة الحكم وبخاصة بعد حل الأحزاب في سوريا والوحدة مع مصر واتخذت القيادة الكردية قراراً بعدم حل الحزب وبذلك تعرض مناضلوه للاعتقال والتنكيل أمثال نورالدين ظاظا وأوصمان صبري وحمزة نويران ورشيد حمو وآخرين من قيادة وقواعد الحزب الديمقراطي الكردستاني ،وكانت قيادة الوحدة تقدم الدعم لثورة ملا مصطفى البارزاني آنذاك إلا أنها كانت ترفض أي نشاط كردي في الاقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة ،وبذلك تم إقصاء الشخصيات الوطنية الكردية التي كانت تعمل في النطاق الوطني والتي تقلدت الكثير من مفاصل الحكم قبل الوحدة بين سوريا ومصر ،وبذلك تباعدت الأحزاب الموجودة على الساحة الوطنية (الأحزاب القومية العربية والحزب الكردي ) وأصبحت الأحزاب الأخرى والتي كانت تتصف بالأممية والوطنية تضعف على الساحة الوطنية نتيجة نمو الشعور القومي على امتداد الوطن العربي واستلام الأحزاب القومية العربية الحكم في بعض الدول العربية منها مصر وسوريا والعراق فيما بعد من قبل حزب البعث وبعدها في سوريا حيث تتضمن برامج هذه الأحزاب رفض وجود القوميات الأخرى في الوطن العربي وتعتبرها أمتداد طبيعياً للقومية العربية ،وبذلك تم دق أسفين بين الحزب الكردي هذه الأحزاب وما زاد الطين بلة هو تنفيذ الإحصاء الاستثنائي والتي جاءت أولى الخطوات  بالمرسوم التشريعي / 93 / بتاريخ 23 – آب – 1962م والذي جاء فيه:
«المادة الأولى: يجري إحصاء عام للسكان في محافظة الحسكة في يوم واحد يحدد تاريخه بقرار من وزير التخطيط بناء على اقتراح وزير الداخلية.
المادة الثانية: عند الانتهاء من عملية إحصاء السكان في محافظة الحسكة تشكل لجنة عليا بمرسوم جمهوري بناءً على اقتراح وزير الداخلية لدراسة نتائج الإحصاء وتقريرتثبيتها في سجلات الأحوال المدنية الجديدة أو عدمه، وإعداد التعليمات اللازمة لذلك».
وفي التنفيذ تم إجراء الإحصاء في يوم السبت بتاريخ 5/ تشرين الأول/ 1962 وكانت نتيجته تجريد حوالي /200/ ألف كردي من الجنسية السورية حيث تمت تسميتهم بـ «الأجانب الأتراك» إلى أن جاء المرسوم 267 لعام 1969م ليحولهم إلى «أجانب سوريين».
 ومن ثم أنقسم الحزب الكردي   إلى حزبين هما (الحزب اليساري الديمقراطي في سوريا و حزب الديمقراطي الكردي في سوريا (سميّ باليمين ) وتغيرت برامج هذين الحزبين لتصبح برامجهما عمومية ومنها تأمين الحقوق الثقافية والاجتماعية والسياسية للشعب الكردي في سوريا وفتح المجال للمناورة من خلال هذه الأهداف ،وعند دعوة البارازني (الأب الروحي ) للحزب إلى مؤتمر توحيدي بين جناحيه قام بتطعيم قيادة الحزب بشخصيات موالية له لتكون صمام أمان بين القيادتين التي تمسكت كلاً منهما أكثر بموقفهما بعد عودتهما من كردستان العراق وبذلك أنقسم الحزب الكردي إلى ثلاثة أحزاب كردية هي (الحزب الديمقراطي التقدمي بقيادة الأستاذ حميد درويش –والحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي ) بقيادة دهام ميرو – والحزب اليساري الكردي بقيادة (أوصمان صبري ) ومن ثم صلاح بدر الدين وعصمت سيدا وهذا الانقسام تزامن مع أنقسام أخر في الحزب الديمقراطي الكردستاني العراق بعد انتكاسة ثورة البارزاني في 1975 بين ( الرئيس) جلال الطالباني الذي أسس في دمشق الاتحاد الوطني الكردستاني بالتعاون مع الأستاذ حميد حاج درويش وأنتقاده لقيادة البارزاني للثورة الكردية في العراق ، خلال هذه الفترة غابت الحركة الكردية في صراعاتها مع بعض البعض وولائها لحزبي الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني حيث ارتبط بحلف  الأستاذ حميد درويش واليساري مع حزب جلال الطالباني   والبارتي مع حزب البارزاني صحيح أن أهداف هذه الأحزاب أصبحت نوعاً ما تستهدف الداخل الوطني من خلال برامجها والتي تنتقد سياسة النظام في الإطار الداخلي بشكل عام والكردي بشكل خاص من خلال النشرات الخجولة التي تصد رعنها شهرياً وتتوجه بها إلى الشعب الكردي فقط ،وتولدت القناعة لدى معظم الحزبيين بأن طريق الخلاص سيتم من خلال الثورة في كردستان العراق ومن ثم التوجه إلى الأكراد في سوريا  ،إلا أنه كانت هناك علاقة وطيدة بين الحزبين الكردستانيين والنظام في سوريا نتيجة الخلاف بين النظامين السوري والعراقي حيث كان كلاً منهما يدعم المعارضة الموجودة داخل البلد الأخر ،إلا أن الأحزاب الكردية كانت ترفض التعامل مع النظام العراقي بعكس الأحزاب الكردستانية العراقية باستثناءات قليلة من قبل الأستاذ صلاح بدرا لدين وذلك من خلال منظمات الفلسطينية التي كانت متواجدة في الساحة اللبنانية ،وعموماً تميزت هذه المرحلة بالصراعات الداخلية بين الأحزاب بالإضافة إلى الانقسامات وتوجيه اهتمام أعضائها إلى ساحة النضال في كردستان العراق ونسيان الهم الوطني والتي أصبحت السلطة تقوم بتشجعها ،وصارت الأحزاب الكردستانية تتدخل في كل شاردة وواردة داخل الأحزاب الكردية في سوريا ، وطبقت بحقه المشاريع الاستثنائية من (الحزام العربي والذي امتد لحوالي 300كم بعمق 10-15كم وتم بموجبه جلب العرب المغمورين من محافظتي الرقة وحلب والذي طبق بالتزامن مع ضعف الحركة الكردية في 1975وأيضاً تغيير أسماء المدن والقرى والبلدات وفصل الطلبة بحجة خطر على أمن الدولة ) مع إزدياد اليأس بين أبناء الحركة الكردية والتي تجاوزت عدد أحزابها الدزينةفي فترة الثمانينات ومنها( 1- حزب الديمقراطي الكردي في سوريا “البارتي” وحزب الديمقراطي التقدمي 3- وحزب اليساري الكردي 4- حزب الاتحاد الشعبي 5- حزب العمل الكردي 6- وحزب الشغيلة الكردي 7- حزب الديمقراطي الكردي 8- وحزب الاشتراكي الكردي 9- وتم إضافة هذه الأحزاب بأسماء مكررة 1- حزب الديمقراطي الكردي (البارتي ) المؤتمر الاستثنائي 2- قواعد اليسار الكردي 3- حزب الاتحاد الشعبي ………..

بالاضافة إلى ظهور عناصر حزب العمال الكردستاني pkk بعد لجؤ رئيسها السيد عبدا لله أوجلان إلى سوريا ) وتحالفه مع النظام  ، حيث برز تيار في الحركة الكردية يعطي الأولية للحقوق الكردية في الداخل الوطني الكردي حيث اجتمعت هذه الأحزاب في إطار حزب واحد باسم حزب الموحد الديمقراطي الكردي في سوريا وضم بين جناحيه أكثر من خمسة فصائل كانت موجودة على الساحة الكردية أول ما قاموا به هو المطالبة بالجنسية السورية وجعل من 5/10من كل عام يوم نضال في سبيل إعادة الجنسية للكرد من خلال الملصقات وتوجيه رسائل مغلقة إلى الرأي العام الوطني داخل المدن السورية الكبرى وفتحت الحوارات مع القيادات المعارضة التي كانت متواجدة داخل السجون السورية واستمرت هذه الحوارات وأصبحت القضية الكردية تطرح كقضية وطنية وديمقراطية ، إلا أن هذا الاتجاه جوبه بمحاربة قوية من قبل ثلاثة أطراف في الداخل السوري أولها : النظام حيث قام باعتقالات واسعة في صفوف هذا التيار في أعوام 1992 و1993و1994و1995 والتضييق على عناصره ،مما حذا بهم إلى نقل نشاطاتهم إلى الخارج السوري أمام السفارات السورية –ثانيهما – حزب العمال الكردستاني الذي كان يتعامل ويتعاون مع النظام لتوجيه الأنظار إلى الخارج الوطني وكأن ليس هناك قضية كردية في سوريا وبذلك تم تجنيد أكثر من عشرات الآلاف من الشباب والشابات في صفوف هذا الحزب وأخذهم إلى تركيا أو العراق بعد الحماية التي تمتع بها أكراد كردستان العراق وحتى القيام بضرب وقتل عناصر من الحركة الكردية التي كانت تقف أما م هذا التحالف مع النظام وهذا ما حصل مع القيادي الكردي عبد الحميد زيباري الذي قتل على يد ملثمين في جبل الكرد (عفرين) ثالثاً-الحركة الكردية أكثرية فصائلها والتي تعودت على نوع معين من العمل وهي نشر البيانات وإصدار الجرائد الشهرية وهذا ما طرح شيء الجديد على الساحة الوطنية بشكل عام وفي الشارع الكردي بشكل خاص ، مما أدى بالحركة الكردية بالبحث عن صيغ للتعامل مع الأحزاب الوطنية وتنشطت العلاقات بين الطرفين إلا أن حالات الانشقاق لم تتوقف في صفوف الحركة الكردية وأصبح العمل الحزبي الكردي يرتقى بأساليبه من خلال التجمعات التي كانت تقوم بها بمناسبة يوم الإحصاء وقانون الطوارئ ويوم الطفل وبمناسبة الإعلان العالم لحقوق الإنسان وما أعطى الدفع أكثر للقضية الكردية هي أحداث 12/3/2004والتي جرت في ملعب القامشلي وامتدت إلى جميع المناطق الكردية والمناطق التي يسكنها الأكراد في دمشق وحلب والذي تجاوز عدد الشهداء (40) شهيداً والمعتقلين إلى أكثر من خمسة ألاف والمئات من الجرحى وبذلك أصبحت القضية الكردية تهم الداخل الوطني السوري  أكثر مما هي قضية تهم الخارج الكردستاني ،وأنها أصبحت تطرح على جميع الصعد سواء في المعارضة أو المولاة وأصبحت جزءً من المعارضة الوطنية من خلال إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي وإن كانت لا تضم جميع الأحزاب الكردية إلا أنها تضم الأكثرية منها وهذا ما يجعل من الأكراد شركاء في القرار القادم مهما كان هذا القرار .

استئناس

 الأطر والأحزاب الكردية الموجودة في الساحة السورية
التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا وتضم:
1- حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) برئاسة إسماعيل عمر
2- حزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا أمين عامها عبد الحميد درويش
3- حزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي ) أمين العام نصر الدين إبراهيم
4- حزب اليساري الكردي في سوريا الأمين العام محمد موسى
الجبهة الديمقراطية الكردية في سوريا وتضم :
1- حزب الديمقراطي الكردي في سوريا البارتي – أمين العام نذير مصطفى
2- حزب الديمقراطي التقدمي في سوريا أمين العام عزيز داود
3- حزب الوطني الديمقراطي في سوريا أين العام طاهر صفوك
لجنة التنسيق الكردية
1- حزب أزادي الكردي في سوريا – أمين العام خير الدين مراد
2- حزب يكيتي الكردي في سوريا – كان سكرتيره قبل المؤتمر حسن صالح
3- تيار المستقبل الكردي في سوريا – منسقها العام مشعل تمو
أحزاب خارج الأطر الثلاثة
1- حزب الإتحاد الديمقراطي (عناصر pkk  ) السابقين
2- حزب الإتحاد الشعبي في سوريا- ربحان رمضان
3- حزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي ) يقودها عبد الرحمن آلوجي
4- حركة الوفاق الكردي – من عناصر حزب العمال السابقين منسقتها امراءه في كردستان العراق

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…