رؤية نقدية في جدلية الثورة السورية

هيبت بافي حلبجة
 
الجدليات الأثنتي عشر :

الجدلية الأولى : لقد تلاشى مفهوم الحق ، مفهوم الجريمة ، مفهوم الخيانة ، مفهوم العدالة والمساواة ، مفهوم الإرادة ، مفهوم الإبادة ، مفهوم الحرية والديمقراطية ، مفهوم المنطق ، مفهوم اللامنطق ، مفهوم  المجزرة  لمصلحة محتوى الواقع وحيثياته الآنية ومقوماته الآينية ، لمصلحة واقع ليس كما هو في للعلاقة ما بين شيئين أو قضيتين أو مقدمتين ، لمصلحة واقع منحرف ، مريض ، متناقض ، تائه وضال ، لمصلحة واقع حطم قوانين العقل ، وهشم دالة الحركة في الطبيعة ، وأستبد بالأسباب وأرهقها وأخضعها مباشرة للنتائج ، لمصلحة واقع يصرخ وفق مدلولات باطلة في جوهرها : قضية ترك الطائفة العلوية للأغلبية السنية !! وكأننا إزاء واقع تصادره سلطة الواقع .
الجدلية الثانية : إن الإئتلاف الوطني يرتكب جريمة سياسية كبرى عندما يتشدق فقط بتنحي الأسد وإسقاط نظامه ، ويغفل عن  الموضوعة الأساسية في العملية السياسية الثورية ، وهي طرح رؤية منكاملة فعلية تتضمن خطوات أستراتيجية لثلاثة قضايا جوهرية :
القضية الأولى : شكل الدولة ، نظام الحكم ، محتوى الدستور .
القضية الثانية :  كيفية الحفاظ على مجمل المصالح الدولية الضرورية ، سيما تلك التي تتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية ، روسيا ، الصين ، أوربا الغربية ، ودول المنطقة مثل ( تركيا ، أسرائيل ، السعودية ، قطر ) ، مع تحديد علاقاتها تحديدا باتا مع دول الجوار دون مواربة أو لبس .


القضية الثالثة : المعالجة الحقيقية والنهائية للقضية الكوردية .


الجدلية الثالثة : إن الإئتلاف الوطني ، ورغم تلك الأخطاء التي يمارسها والتي تبلغ في بعض الأحيان حد الخيانة السياسية والعملية للثورة ، يبقى حتى هذه اللحظة المظلة الضائعة التي تمثل العلاقة الضبابية ما بين الثورة والإرادة الدولية .


الجدلية الرابعة : لقد أنتصرت الثورة السورية ( رغم الإنتكاسات الحادة ) كمنظومة فكرية تاريخية ، فلقد ولد فرد متمرد على ذاته ، على فشله التاريخي ، على ضياعة ، على محتوى الإرادة ، على العلاقات الهلامية ، على مدى عدم مشاركته في تغيير ذاته .
الجدلية الخامسة : لقد تعرى العالم كله ، لقد تعرت كل دولة ، لقد تعرى كل شخص ، لقد تعرى العرب والكورد وكل الطوائف والفئات ،  وأنفضح التاريخ عند الثورة السورية ، من باطنية النظام السوري ، خطورة المشروع الإيراني ، أخطبوطية المحور الشيعي ، أنتحار ميشيل عون على محراب هو يتسول أمامه ،  شراسة المنظمات السرية التي تخدم هذه الجهة أو تلك ، تفاهة المثقف العربي ، بلادة التيار العلماني الليبرالي ، جهنمبة المؤدلج الإسلامي وتسرعه المقيت الأبرص الأردم في أستلام السلطة والسيادة دون أعتبار لأي عامل من عوامل نجاح الثورة  ، سذاجة الأطراف التي ألتحقت بالإئتلاف الوطني ومن قبله بالمجلس الوهمي الوطني .


الجدلية السادسة : لقد غدت سوريا العمود الفقري للعالم ومن المستحيل السيطرة على وضعها ضمن هذه الأحداثيات الحالية ، حسب التجليات التي تترأى هنا وهناك ، وكأنها ( أي سوريا ) خاضعة لجميع الإرادات ومتمردة عليها في نفس الوقت ، وما يفاقم من حدة الإشكالية هذه ، هو إن أنتصار الثورة السورية سوف يفضي إلى تحرر منطقة الشرق الأوسط برمتها .
الجدلية السابعة : لقد تحررت الإرادة الكوردية من سطوة الإرادات المحلية ، العربية ، الفارسية ، التركية ، وأصبحت إرادة مستقلة وجزءا  بنيويا من العوامل الفعلية التي تحدد ملامح الشرق الأوسط القادم ، الأمر الذي يزيد من جسامة المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق الحزب الديمقراطي الكوردستاني – العراق من جهة ، وعلى كاهل الأخ والرئيس مسعود البارزاني من جهة أخرى .


الجدلية الثامنة : نتيجة الأداء الهزيل والمترهل للحركة السياسية الكوردية ، ونتيجة أنحياز حزب العمال الكوردستاني للنظام السوري ، فإن حزب الأتحاد الديمقراطي يمارس أبعاد نظامه الخاص به ، وأصبح جزءا من الحل وجزءا من الإشكالية ، وجزءا من الرقم الصعب في المعادلة الإقليمية .

وهذا الوضع الخاص والمميز الممنوح لحزب الأتحاد الديمقراطي قد يحدث أضراراً قاتلة بالقضية الكوردية ، وقد يضفي عليها سمة إيجابية إذا ما تصرف بصورة مستقلة من جانب ، ومن جانب آخر إذا ما أبدى تفاهماً حميداً مع الأطراف السياسية  الأخرى .
الجدلية التاسعة : لقد أمست أسرائيل دولة سيادية ما بين دول المنطقة ، وغدا أمنها القومي جزءا حيويا فعالا من الأمن القومي لمنطقة الشرق الأوسط ، وأنتصرت إرادة البقاء على إرادة المتاجرة بالمقاومة المريضة ، وقهر أحساس الوجود أحساس الممانعة السقيمة المتورطة في أخبث المعادلات المقاولاتية  التي تطيح بروح وجوهر المجتمعات وتمنعه من التقدم والتطور .


الجدلية العاشرة : لقد مزقت ( بضم الميم ) الأقنعة عن الأنظمة الشمولية وتهتك مفهوم الإحتواء ، ذلك المفهوم الذي ورثناه بشكله الأبله البغيض عن مرحلة الحرب الباردة ، فقبل الثورة كان الوضع على صعيد الإحتواء ب ( حمار له ذيل واحد أو ذيول متعددة ) ، أما الآن بات الوضع ب ( حمارين أو عدة حمير لها ذيول قزمة ) ، وهذا أمر إيجابي نوعا ما لإن بأستطاعة كل الأطراف ( الحمير الجدد ) رسم خطوط مستقلة بعض الشيء عن الأصل المستبد الشمولي ( الحمار الأصلي ) .


الجدلية الحادية عشر : لقد تغيرت محتوى إشكالية الأديان والمذاهب والعقائد إلى إشكالية الوعي المجتمعي ، أو سوف ينتصر هذا الأخير على الأول حسب قانون وعي الضرورة ، او على الأقل سوف يحل محله بالتدريج ليقهره في النهاية لإعتماده على الوعي الخاص النوعي  والمستمد من القوة المعنوية للمعرفة وخاصية العلم .


الجدلية الثانية عشر : لقد أنتهت ( سوريا ) القديمة وتنتظرها محاور ثلاثة :
المحور الأول : أمتداد التصارع الحالي إلى أجل طويل بحيث تنجم عن ذلك سلطات وهمية فاشلة خاضعة لمقولة المال السياسي وعبيدة أسيرة له في جوهرها .
المحور الثاني :  إقامة دولة أتحادية فدرالية من نوع خاص وجديد على كافة المستويات ( الإدارية ، السياسية ، الدستورية ، العسكرية )  بحكم الأمر الواقع وليس نتيجة الإرادة الخيرة لأطراف الشعب السوري ، أو نتيجة الرغبة المحمودة للأطراف الدولية ، وهذه أفضل الحلول قاطبة .

المحور الثالث : التفكك أو التفتت إلى دويلات صغيرة قزمة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…