مأزق المعارضة السورية في سري كانيّه

شهاب عبدكي


   ما يحصل في سري كانيّه منذ 8-11-2012 وحتى
كتابة هذه الاسطر يتجاوز المنطق فيما ذهبت إليه كتائب الجيش الحر والتي دخلت
المدينة دون مبرر أو رغبة من  مكوناتها، ومع
ذلك كانت تحمل صورة ناصعة البياض في آذهان كثير من النشطاء المطالبين بالحرية –

ومنذ اليوم الأول من دخولها المدينة كانت
المفارقة بأن أنضم إليه غالبية شبيحة النظام ولصوص المدينة، والذين كانوا يتغنون
باسم بشار الاسد ويصفقون له ولأعوانه ، وعند مساءلتهم عن سبب تقبل هذه المجموعة
غير المقبولة سياسياً واجتماعياً فكانوا يجيبون بأنهم يعرفون ذلك ولديهم مشروع
بوضعهم في الصفوف الأمامية للمعركة القادمة مع النظام بذلك يكون قد تم التخلص من
الطرفين معاً في معركة واحدة –

وفي 18-11-2012 حصل الصدام الأول بين وحدات الحماية
الشعبية وبعض شباب المدينة من طرف وبعض هذه الكتائب (جبهة النصرة – غرباء الشام) من
طرف أخر وبرر قادة الجيش الحر ما يحصل بعدم خضوع هذه الكتائب لهم، فتدخل المجلس
العسكري وكتائب أخرى لحل الخلاف فكانت الهدنة و رافق هذه الفترة أعمال سلب ونهب
للمتلكات العامة والخاصة وقد امتدت الهدنة حتى 16-1-2013 وخلالها تزايدت أعداد
الكتائب وتنوعت حيث بلغ عددها حوالي 47 كتيبة أبرزها أحفاد الرسول، وكتائب جبل
الزاوية، وهذه الكتائب من مناطق مختلفة من سوريا (الحسكة – الرقة – دير الزور- حلب
– ادلب – وبعض المقاتلين من حمص وحماه) ورغم أن هذه الكتائب في صراع فيما بينها
ولكنهم اتحدوا على سري كانيّه  –  
وهنا يأتي التساؤل هل ظهر قادة الجيش الحر
على وسائل الاعلام لنفي علاقتهم بهذه الكتائب ان لم تكن تمثل الجيش الحر؟
 
وإن كان هذا هو الجيش الحر وأخلاقياته فهل من
عاقل يتقبل هذا الجيش ؟
 
فسري كانيّه أسقطت القناع عن حقيقة الجيش
الحر وأخلاقه كما يدعي وفضحت صورته وانقلبت الغالبية العظمى من النشطاء والذين
كانوا يؤيدونه إلى الضد بل هتفوا أكثر من مرة باسقاطه، ومن خلف هذه الكتائب خسر
الائتلاف الوطني المعارض مصداقيته كمعارض وطني يمثل كل المكون السوري ، ولم يكن
أحمد معاذ الخطيب بقدر المسؤولية حيث دافع عن جبهة النصرة وباقي الكتائب التي دخلت
المدينة عبر وسائل الاعلام ولم يتبنى أي مشروع يخدم الوفاق الوطني بشكل جدي مما
شجعت هذه الكتائب في التمادي وتحويل الصراع مع النظام إلى صراع آخر بعد أن لقي
حاضنة سياسية من الائتلاف الوطني السوري – 
 فالمعارضة السورية بشقيها المسلح والسياسي
أثبتت تشرذمها وعدم وحدة قرارها بل وعدم سيطرة قياداتها العسكرية على وحداتها
المقاتلة على الارض وعدم قدرة قياداتها السياسية على اتخاذ موقف سياسي واضح حيال الذي
يجري على الارض بل لكنت إلى اتخاذ مواقف فِضفاضة من الاوضاع في مدينة رأس العين-
 
المطلوب في هذا الظرف وقف كل الاشتباكات
والعمل على خروج هذه الكتائب من المدينة وتسليم الادارة لكل مكوناتها من الكورد
والعرب والشيشان والمسيحيين لبدء مرحلة البناء والتأسيس واعادة المهجريين واصلاح
المرافق العامة لتسير شؤون الآهالي وتأمين احتياجاتهم  –

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…