صَمْتُ حزب الاتحاد الديمقراطي لا يخدم الهيئة الكردية العليا

حيدر عمر

في أقل من أسبوع تناقلت بعض المواقع الإلكترونية الكردية خبرين يثيران تساؤلات حول ما تقوم به وحدات الحماية الشعبية.

الخبر الأول يشير إلى تعرُّض هذه الوحدات  لمظاهرة طلابية في مدينة عفرين يوم 24.

10.

2012 تنادي بإسقاط النظام، بحيث فرَّقتها بالقوة.

و الخبر الثاني يشير إلى اقتحام هذه اللجان مكاتب بعض الأحزاب الكردية المُمَثَّلة في المجلس الوطني الكردي، أحد طرفي اتفاق هولير و الهيئة الكردية العليا، في مدينة كوباني و ذلك يوم 27.

10.

2012 و تسبَّبت بأضرار مادية دون وقوع إصابات في الأرواح.
لا أعتقد أن اثنين يمكنهما أن يختلفا حول ما قد تسببه هذه التصرفات من أضرار يمكن أن تلحق بوحدة الصف الكردي ، ولاسيما في هذا الوقت العصيب الذي يدعو الكرد إلى نبذ الخلافات الجانبية و العمل معاً في سبيل اغتنام هذه الفرصة التي قد لا تتكرر إنْ هي انزلقت من أيديهم، و التي جاء اتفاق هولير و انبثاق الهيئة الكردية العليا عنه استجابة لِما أوجدته  هذه الفرصة من ضرورات ليس أقلها عدم السماح لإحداث أي شرخ بين الكرد في سوريا و غربي كردستان يمكن أن تنسلل منه القوى التي لا زالت تتربص بهم.


إن ما يزيد من خطورة الموقف هو أن بعض المصادر تناقلت خبراً عن لجوء أحد تلك الأحزاب المُعتَدَى على مكاتبها إلى نشْر قوة مسلحة قوامها مائة و خمسون مسلحاً حول مكتبه بغية حراسته و حمايته، مما ينذر باقتتال الأخوة إن تتكرر ذاك الاعتداء.
إذا كانت النيران المستعرة التي تحرق الأخضر و اليابس تبدأ من عود ثقاب صغير، فإنني أتمنى، بل أدعو الهيئة الكردية العليا أن لا تدع مجالاً لتأخذ وحدات الحماية الشعبية دور ذلك العود، و أن تجد مخرجاً لهذه الإشكالية حسبما تتطلبه الغاية التي من أجلها تشكَّلت هذه الهيئة، و لا يتم ذلك، حسب ما أرى، إلا عبر أحد طريقين لا ثالث لهما.
أما الأول، فهو إن لم تكن هذه الوحدات من مكوِّنات أحد طرفي اتفاق هولير و الهيئة العليا، أي المجلس الوطني الكردي و مجلس الشعب في غربي كردستان، و هذا ما لا تؤيده الوقائع، فعلى المجلسين و الهيئة العليا أن يعملا معاً من أجل ضمّ هذه الوحدات إلى الهيئة كطرف ثالث، مع ضرورة امتثالها لقرارات الهيئة كقيادة سياسية.
و أما الثاني، و هو المطلوب فيما أرى، و على اعتبار أن هذه الوحدات تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي و مجلس الشعب في غربي كردستان المعنيان ليس فقط بالمحافظة على الهيئة العليا باعتبارهما معاً أحد طرفيها، بل بالعمل على شدّ أزرها و تأطير الفعاليات الكردية تحت جناحيها أيضاً.

ومن هنا أراهما معنيين أكثر من غيرهما بالعمل على ضبط تصرُّفات وحدات الحماية الشعبية، و ضرورة التزامها بما ترتئيه هذه الهيئة.
إن ما أدعو إليه ليس بدعاً في عالم السياسة، فالمعروف في كل الأمكنة هو أن القوى السياسية هي التي تقود القوات المسلحة و ترسم لها أهدافها، ثم تترك لها عملية وضع الخطط اللازمة لبلوغ تلك الأهداف، و ليس العكس.

حتى إن حزب العمال الكردستاني الذي لا يخفي حزب الاتحاد الديمقراطي تبني أيديولوجيته، فإن قياداته العسكرية لا تخرج عما يرسمه لها قائد الحزب السيد عبدالله أوجلان الذي صرَّح أكثر من مرة أنه ليس عسكرياً و لم يطلق رصاصة طيلة حياته، بل هو مُنظَّر و مفكَّر سياسي.
من هنا أرى أن التزام حزب الاتحاد الديمقراطي تجاه ما تقدم عليه وحدات الحماية الشعبية لا يدخل في باب الحرص على حماية الهيئة العليا من الانهيار، و هو انهيار، إن حدث، سيكون مدمراً للآمال التي عقدها الكرد عليها، و عبروا عنها بالمظاهرات التي هتفت لها مستقبلة إياها كبداية لوضع قطار العمل الكردي على السكة الصحيحة  و المتينة.

لقد دأب حزب الاتحاد الديمقراطي و مجلس الشعب في غربي كردستان اللذين تتبعهما وحدات الحماية الشعبية على استنكار أيِّ تصرُّف يقوم به المجلس الوطني الكردي منفرداً بعد تشكيل الهيئة الكردية العليا، و لعل استنكاره لقيام المجلس الوطني الكردي منفرداً  بلقاء وزير الخارجية التركي في هولير قبل فترة ، ما زال حياً في الأذهان، و كذلك استنكر مجلس الشعب في غربي كردستان قيام المجلس الوطني الكردي  يوم 22.

10.

2012 بلقاء الأخضر الابراهيمي الموفد الدولي إلى سوريا منفرداً أيضاً، و أراهما محقين في ذلك.

ولكنني أرى أن هذا الحق نفسه هو الذي يُطالبُ حزبَ الاتحاد الديمقراطي بأن يُبَيِّن موقفه، ليس فقط من تصرفات وحدات الحماية الشعبية التي تتجاهل الهيئة الكردية، بل عليه أن يُبَيِّن الغاية من قَمْعِ و مَنْعِ المظاهرات الكردية المنادية باسقاط النظام، و موقفه من اعتداء هذه الوحدات على مكاتب الأحزاب التي من المُفتَرَض أنها شريكته في الهيئة الكردية العليا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…