oskar1@maktoob.com
عندالبحث عن أصل أي شعب لا بد من مواجهة الكثير من المشاكل المستعصية و خاصة كالشعب الكردي بسب الافتقار إلى الشواهد التاريخية و عدم التأكد من تثبيتبعضها في كثير من الحالات و تثبيت هوية أي شعب لا بد من أخذ مجموعة من المقاييس مثل الاسم,العرق,اللغة,وهذه المقاييس أيضاً عند الاعتماد عليها لا تسمح بأي استنتاج مرض للشعب الذي يتسمى به إذاً لا بد من العودة و الجوع إلى الأصول التاريخية …
فقد تحدث الكثير من العلماء في نظرياتهم حول الأصل الكردي بالاعتماد على المقاييس المذكورة فالعالم -زينفون-عندما بحث عن أصل الكرد بالاعتماد على الاسم أخذ تحفظات كثيرة لأنه وجد تشابه الأسماء في لفظها وهذا لا يسمح للإختصاصين ببناء فرضياتهم أو نقضها .
قيل إن الكاردوخيين لم يكونوا غير الأسلاف الحقيقيين للكرد لكن الدراسات الحالية لا تصل إلى النتيجة نفسها فكثير من العلماء أمثال -هارتمان-أثبتوا من الناحية اللغوية بأن هناك فرق بين لفظي (كورد)(كاردو)و إنهما غير متماثلتين و يقول -هارتمان-إن السرتيين و سترابون الذين كانوا يسكنون في ميديا الصغرى و بلاد برسيس هم أسلاف الكرد كما أكد العلامة -ليهمان-في معرض إشارته إلى الكاردوخيين بأنهم ليسوا من أسلاف الكرد بل هم من أسلاف الجورجيين بينما الرأي السائد في أوروبا في القرون الوسطى كان يقول أن الكرد ينحدرون من عقلاء الكلدان وفي نهاية القرن الثامن عشر أكد كبار اللغويين و المؤرخين أمثال -ميكائيليس-تأييدهم للنظرية السائدة عن انحدار الكرد من الكلدان كما ظهرت في تلك الحقبة دراسات علمية للمبعوثين الدمينيكان أمثال -كارزوني- تؤكد وجود ارتباط مباشر بين اللغتين الكردية و الفارسية وإن ما ذهب إليه هؤلاء من أن الكرد أنسباء الفرس وأن لغتهم مجرد لهجة من اللهجات الإيرانية وضع مسألة الأصل الإيراني للشعب الكردي على بساط البحث .
وفي القرن التاسع عشر -في النصف الأول منه تحديداً- تم تطورات سريعة للدراسات حول كردستان و أصل الكرد عن طريق جمع المعلومات عن لغتهم وتاريخهم وقبائلهم ولهجاتهم ومعتقداتهم بالإضافة إلى التطور الهائل في الاكتشافات و العثور على الكتابات المدونة في الآثار الباقية من الحضارات الشرقية القديمة و العثور على جزء منها في أرض كردستان كل ذلك ساهم في إعادة النظر في الآراء و النظريات عن كردستان القديمة ووضعت من جديد مسألة أصل الكرد أمام العلماء فأسهم كبار العلماء أمثال -روديجير – في دحض الفكرة القائلة باحتمال انحدار اللغة الكردية من الكلدانية و اظهروا علاقتها باللغة الفارسية و الزندية و بذلك ثبت علمياً النظرية القائلة بأن اللغة الكردية تنتمي إلى مجموعة اللغات الإيرانية كذلك برهن العالم الروسي – كونيك – بالاعتماد على الوثائق التاريخية بأن هناك صلة وثيقة بين الشعوب القديمة في آسيا القديمة و الشعب الكردي بالاستناد في بيان العلاقة بين اللغة الكردية و الايرانية أما أفكار العالم – ليرخ – يرى في الكرد أحفاد الكالديي ايران و هم محاربون أشداء نزلوا إلى سهول دجلة و الفرات منذ الألف الثالث قبل الميلاد لاخضاع العشائر السامية الضعيفة في بلاد بابل و من أحدث التحاليل و البحوث حول أصل الكرد بحث العلامة – مينورسكي – و التي عرضها في المؤتمر العالمي العشرين للاستشراق يعرض فيها ملاحظاته و يقول لو أردنا البحث عن أشلاف الكرد لوجب أن يكونوا البختانيين لا الكاردوخ كما لاحظ بأن الآساطير الكردية الواردة في – شرفنامه – تعطي بوختان دوراً هاماً أي أن الكرد حسب الآساطير المذكورة ينحدرون جميعاً من أخوين هما / بوخت/ و / باجان / كما إنه يقول من المجازفة اثبات أصول الشعوب عن طريق استشقاق الأسماء فمن الواجب الاستناد إلى وقائع تاريخية و جغرافية و هذا هو الصحة بعينها و الكرد المشتتين في الأرجاء الواسعة تعد طريقة حياتهم و لغتهم من العناصر الأساسية لبيان خصائصهم الوطنية و بما أن اللغة الكردية تتشعب فيها لهجات عديدة إلا أن لها خصائص قومية ثابتة تنتمي إلى مجموعة اللغات الايرانية الشمالية و الغربية و الاختلافات بينه نجدها في جميع اللهجات كما توجد في أساس اللغة الكردية لغة مجموعات مهمة و تكونت خصائصها العامة قبل نزوح الكرد و انتشارهم و حسب هذه الاعتبارات يجب القول ان انتشار الكرد تم فقط في بلاد ميديا الصغرى التي تضم حالياً آزربيجان و حسب هذه القائع و غيرها من الوقائع التاريخية و الجغرافية أصبح لديه الاحتمال الكبير بأن تكون الأمة الكردية تكونت من مزيج من قبيلتين متجانستين هما / الماردويي / و / الكيرنيويي / و اللتان تتحدثان بلهجات ميدية متقاربة و من المؤكد لدى توجههما صوب الغرب انضمت إليها عناصر من سلالات مختلفة أما العالم – مار – صاحب المدرسة المعروفة باسم / الجافتيك / يقول أن الكرد هم سكان أصليون للمناطق الجبلية في آسيا الصغرى و اللغة الكردية تكونت في تلك البقعة و بتأثير التغيرات الاجتماعية و الاقتصادية للناطقين بها و كذلك تأثير الحضارات التي تتابعت في المنطقة و التي أسهم فيها الكرد بشكل فعال و خضوع اللغة الكردية لتغيرات أساسية و تحويلها من أصلها الجافيتي القريب من الجورجية و الكالدية إلى حالتها الهندو أوروبية و التي تربطها باللغات الايرانية و لغات أرمينيا و حتى بالعناصر الهندو أوروبية للغات الحثيين و من الغريب أن نرى الباحثين – مينورسكي – و – مار – يتوصلان إلى نتائج متشابهة رغم تحركهما من اتجاهات مختلفة و خلاصة القول اننا ازاء أصل الكرد أمام نظريتين هما :
1- تعتبرهم من أصول هندو أوروبية ارتحلوا في القرن السابع قبل الميلاد من منطقة بحيرة أورمية باتجاه منطقة بةهتان .
2- تقول أنهم شعب أصيل مع وجود صلة قرابة بينهم و بين الشعوب الآسيوية القديمة الكالديين و الجورجيين و الأرمن .
وفيما يتعلق بالرأي الكردي حول أصلهم ما جاء في كتاب / شرفنامه / للمؤلف الكردي الأمير شرف خان البدليسي 1569 الطبعة الفارسية .
حيث يشير المؤلف إلى اسطورة الطاغية – ضحاك – الذي حل محل جمشيد في التربع على عرش / اليبشدايين / حيث كان ضحاك مصاب بمرض غريب حيث ظهرت على كلتا كتفيه زائدة غريبة بشكل أفعى لم يستطع أحد من الأطباء شفاءه فنصحه ابليس باستعما مرهم مركب من مخ الشباب و كان ضحاك الطاغية يأمر بذبح شابين كل يوم للغرض لكن الجلاد كان رؤوفاً فكان يذبح شاباً بدلاًمن اثنيين و يعوض بالثاني بمخ خروف و الشباب الناجون من الذبح يفرون إلى الجبال الوعرة مع مرور الزمن تزايد عدد الشباب الفارين و كثر عددهم و كونوا شعباً هم اسلاف الشعب الكردي مارسوا الزراعة و الرعي و امتازوا بالبسالة و الشجاعة حتى لقبهم العرب بالجن و بهذا الخصوص كتب السيد / فرج الله زكي / في الطبعة الجديدة لشرفنامه في تعليقه لهذه المسألة قائلاً ليس للكرد أية صلة بالجن حيث هناك الكثير من أبناء الكرد بين الملوك العادلين مثل صلاح الدين الأيوبي و منهم علماء و رجال تقوى كثيرون لا يمكن حصرهم .
أما الكاتب / محمد علي عوني / يأخذ على عاتقه مهمة اثبات الأصل الهندو أوروبي للكرد بالاستناد على الأدلة و البراهين اللغوية .
وهكذا من خلال ما تبين هناك اختلافات في الرأي حول أصل الشعب الكردي و لذلك يبقى الكثير مما ينبغي عمله أمام المؤرخين و خاصة المؤرخين الكرد للوصول إلى النتائج المرضية و الصحيحة حول أصل الشعب الكردي .