الأسد وحيدا!

طارق الحميد

بعيدا عن جدلية ما إذا كان التفجير الذي وقع في مبنى الأمن القومي السوري أمس وقتل فيه عدد من القيادات الأمنية الأسدية الكبيرة التي تعتبر الخلية الأمنية لطاغية دمشق، انقلابا، أم تصفية، من قبل الأسد لرجاله، أم أنها عملية قام بها الجيش الحر، فإن المؤكد اليوم هو أن الأسد قد تلقى ضربة قاصمة، حيث بات الطاغية كالمارد الذي يقف مقطوع الأيدي!

فمقتل وزير الدفاع الأسدي، وصهر الطاغية، وقيادات أمنية كبرى أخرى، يعني أن بشار الأسد بات اليوم وحيدا، ولم يبق له من الرموز الأمنية سوى شقيقه ماهر، وسواء كانت عملية الاغتيال تلك إحباطا لانقلاب كان يعد له، أو خلافه، فهي ضربة عنيفة للأسد، وتجعله يسير على خطى القذافي الذي عاش آخر أيامه وحيدا حيث قتل من قتل من معاونيه، وانشق من انشق.
فما حدث أمس في مقر الأمن القومي في دمشق يمثل ضربة معنوية مذهلة للقوات الأسدية، وكل حلفاء الطاغية، فالعملية استهدفت الدائرة المقربة جدا من الأسد، حيث قضى أقرب الرجال لديه، وفي توقيت عصيب من عمر الثورة.
فإذا كان ما حدث بالأمس هو تصفية الأسد لرجاله فهذا يعني أن أيام الأسد معدودة، حيث بات انعدام الثقة في أقرب دوائر الحكم، خصوصا أن من ضمن القتلى صهره زوج شقيقته، وهذا يعني صراعا في أسرة الأسد، وليس دوائر الحكم وحسب، أما إذا كانت العملية من صنع الجيش الحر الذي تبنى العملية فعلا، وهو الأقرب للواقع، وقال إنها عملية نوعية استهدفت رموز النظام الأسدي، فهذا يعني أن أيام الأسد قد باتت معدودة أيضا، حيث باتت دوائره المقربة هدفا سهلا للجيش السوري الحر، ومن هنا نستطيع أن نفهم ازدياد حجم الانشقاقات في قوات الطاغية، وفور الإعلان عن مقتل القيادات الأمنية الأسدية.
عليه، فإن كل المؤشرات تقول اليوم إن الأسد بات وحيدا في معركته الخاسرة، فالمواجهات اليوم ليست في حمص أو حلب أو درعا، بل هي في قلب دمشق، وهي معركة شبيهة بمعركة طرابلس أواخر أيام القذافي حين فتحت أبواب العاصمة الليبية بشكل مفاجئ وسريع للثوار الليبيين.

وهو ما حدث، ويحدث، اليوم في العاصمة السورية دمشق، حيث انتشر الجيش الحر بشكل سريع، ومذهل، أربك أركان النظام الأسدي، بل وعصف بها.

وكما قلنا بالأمس، فإن النار قد وصلت لأطراف ثوب الأسد، وها هم رجاله يكرون كحبات السبحة، بل إن الأمر قد وصل إلى حد أن بعض عمليات الجيش الحر ضد مراكز القوات الأسدية كانت تبث تلفزيونيا يوم أمس على الهواء من العاصمة دمشق، التي باتت وكأنها من غير سلطة مركزية!
لذا، فليس مهما الآن من قام بماذا..

المهم هو أنه بات من الواضح أننا أمام الفصول الأخيرة لنظام الطاغية الذي بات يتلقى الضربات ليس في أطراف سوريا، بل في عقر داره، وفي أقرب الدوائر المقربة منه، وهي ضربات مهولة معنويا، وسياسيا بالطبع.

وعليه فإن السؤال اليوم ليس: هل يسقط الأسد أم لا؟ بل إن السؤال الملح هو: متى؟
tariq@asharqalawsat.com

الشرق الأوسط

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…