بين إعلان دمشق وانتفاضة قامشلو رؤى مرشحة لنزيف أكثر

زاغروس

 من البديهي إن وحدة الصف والاتفاق الكرديين يشكلان مدخلا لمعالجة القضايا المصيرية لشعبنا ,ولو أطلعنا على البرامج والتقارير والنشرات الدورية لمختلف التنظيمات الكردية في كردستان سوريا منذ بدايات تأسيسها وإلى يومنا سنرى الكثير من العناوين والمانشيتات العريضة والمقالات المطولة التي تتحدث عن أهمية وحدة الموقف الكردي , علاوة إن الحديث عن وحدة الموقف تجاه القضايا المصيرية حاضرة في كل مناسبة , ولهذا وكما يبدو فإن( وحدة  الموقف  ) هي من القضايا الأكثر إلحاحا من قبل الجميع .

وعلى الرغم من إدراك الكل لأهمية هذه القضية فإن مسلسل الانقسامات في الحركة لم يتوقف ولا يزال مستمرة لغاية اليوم مع التأكيد بأن التعددية الحزبية لا تعني بالضرورة إلى وجود تعددية سياسية ولهذا فإن وحدة الموقف لا تعني بالضرورة وحدة الحركة , ولهذا فإن الأولوية هي لوحدة الموقف تجاه القضايا المصيرية , ومن هذا المنطلق ازدادت المطالبة الجماهيرية على القيادات وإلحاح الغيورين على وحدة الصف الكردي من أبناء شعبنا في الداخل والخارج بفعل انتفاضة آذار المباركة وما تلتها من أحداث وتطورات واهتمام بالشأن الكردي وبخاصة الاهتمام الذي تبديه اليوم أوساط كثيرة في أوربا وأمريكا بالقضية الكردية وبالمنطقة عموما , كذلك المطالب الدولية من النظام السوري واستفحال أزماته الداخلية والخارجية , وعلى المستوى الوطني فإن عدم استجابة المعارضة العربية في ( إعلان دمشق وجبهة الخلاص على السواء ) لمطالب وحقوق الشعب الكردي جاءت لتؤكد على أهمية وحدة الموقف الكردي وبات من الضروري البت كرديا وفي قامشلو حصرا في طرح الحركة الكردية ذاتها كقوة فاعلة ومؤثرة لها ثقلها ودورها في التوازنات والأحداث السياسية , وفي حال وجود تنسيق بين أطرافها ولو في حدودها الدنيا يصعب على أية معارضة أو سلطة من إقصائها وتجاهلها .


والسؤال الذي يطرح نفسه هل بالإمكان الصول إلى رؤية سياسية كردية مشتركة التي كثر الحديث عن أهميتها وضرورتها  …؟
بداية أستغرب تفاؤل البعض حول إمكانية  الوصول إلى مثل هذه الرؤية لوجود شرخ سياسي واضح بين أطراف الحركة حول العديد من القضايا والأحداث , إضافة إلى أنه لا توجد بوادر مشجعة من قبل العديد من أطراف الحركة للخطو بهذا الاتجاه , ولهذا لا توجد مؤشرات للوصول إلى صيغة مشتركة يمكن التفاهم والاتفاق عليها بين القيادات الكردية , ولو عدنا إلى الوراء قليلا ولتكن البداية من الحدث الكردي الأهم ( انتفاضة آذار 2004 ) ومرورا بالأحداث التي تلت الانتفاضة وبخاصة ( إعلان دمشق ) قد يكون الجواب النفي للأسباب التالية :
1-    الكل لاحظ الاختلاف بين أطراف الحركة حول تسمية الحدث  فهناك من سماها بالأحداث وأخرى بالفتنة , وأعتقد أن عدم إطلاق تسمية الانتفاضة على هذا الحدث من قبل العديد من الفصائل الكردية كانت لها دلالات ومؤشرات سياسية كبيرة وأظهرت جليا حجم هوة الخلاف كرديا  , فالانتقاص من شأن هذا الحدث الهام وتسميتها بأحداث آذار أو حتى بهبة آذار كما أطلقها البعض أثارت تساؤلات ومخاوف عديدة في الشارع الكردي , وتجسد هوة الخلاف أكثر حين مقاطعة الأطراف التي لم تسمٍ الحدث بالانتفاضة  , الاحتفاء بذكرى شهداء الانتفاضة في السنتين التين تلتا الانتفاضة .


2-    انضمام العديد من الفصائل الكردية إلى إعلان دمشق بالرغم من موقفها الواضح والصريح من القضية الكردية وحصرها في مسألة الجنسية والمواطنة , وما ورد في وثيقته بشأن المسألة الكردية لا يرتقي إلى مستوى الحد الأدنى من برامج الأحزاب الكردية ( ضمنا الأحزاب الكردية الموقعة على إعلان دمشق ) , وحتى بعد التنصل الأطراف العربية مما ورد في الوثيقة بخصوص المسألة الكردية نرى الأحزاب الكردية المنضوية تحت إعلان دمشق تهاجم الأطراف التي لم توقع عل هذه الوثيقة, من جهة أخرى فإن إصرار التحالف والجبهة الكرديين على طرح صيغة ( الاعتراف الدستوري بالقومية الكردية … ) بدلا من الصيغة ( الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي … ) التي قدمتها لجنة التنسيق الكردي , تعكس بوضوح مدى توافق رؤية الجبهة والتحالف مع ما ورد في إعلان دمشق بخصوص المسألة الكردية , ويحول هذا الخلاف دون اتفاق الحركة الكردية على رؤية سياسية مشتركة , فاعلان دمشق لم تقر بوجود شعب كردي يعيش عل أرضه التاريخية فكذلك صيغة الاعتراف الدستوري بالقومية الكردية لا تقر ولا تشير بالضرورة إلى وجود شعب على أرضه .


3-    الرهان الخاسر : العديد من أطراف الحركة الكردية تراهن على النظام وعلى إمكانية إصلاح نظام البعث لذاته أو إمكانية استجابته لمطالب الشعب الكردي أو الدخول معها في حوار .

ولهذا فإن هذه الأطراف تتجنب الدخول في أي موقف أو عمل قد يزعج النظام ولهذا تعتمد هذه الأطراف في سياساتها على أساليب وآليات خجولة في تعاطيها مع المشهد السياسي ولا يتعدى مجمل نضالها سوى على إصدار بيانات وإقامة ندوات وأحيانا تشكيل وفود ذات طابع اجتماعي إلى العاصمة والسعي لطرق أبوابه المسدودة وإلى ما هنالك من السبل والآليات غير الجدية لطرح قضية بحجم القضية الكردية .

وحين مشاركة هذه القوى في بعض التجمعات وا لاعتصامات بمناسبة ذكرى الإحصاء الشوفيني تكون مشاركتها شكلية ورمزية لتحويل هذه التجمعات الاحتجاجية قدر الإمكان إلى وفد أو ما يشابه الوفد .


4-    الوحدة الاندماجية في حزب آزادي جوبهت من قبل العديد من أطراف الحركة الكردية وبخاصة من الجبهة بمحاولات الإقصاء والتهميش وحين قيام حزب آزادي ويكيتي بمسيرات سلمية في قامشلو وكوباني استنكارا لاغتيال الشهيد الخزنوي ولإيصال رسالة إلى مؤتمر حزب البعث , وبعد مسيرة قامشلو قي 5/6/2005 بيوم واحد انعقد اجتماع بين التحالف والجبهة وشيخ عشيرة الطي , أدانوا حزبي يكيتي وآزادي  وحملهما مسؤولية ما هو مسؤولية السلطة وما قامت به عصابات لصوص قبيلة الطي من سلب ونهب لمحال ودكاكين في وضح النهار وبإيعاز من شيخ العشيرة والأجهزة الأمنية وجنجاويد البعث كما رسم في اجتماع جرمز في 4/5/2005 أي قبل المسيرة بيوم واحد .

إضافة إلى هذا الشرخ السياسي الواضح ووجود رؤيتين مختلفتين بيت أطراف الحركة , كذلك نرى أن طريقة طرح الرؤية المشتركة الكثير من التساؤلات وبخاصة إصرار البعض على إقصاء البعض الآخر وتهميش دورهم إنما يدل على عدم الرغبة لدى البعض لإيجاد رؤية كردية مشتركة ولم تكون هناك رؤية مشتركة من دون إشراك الجميع في مناقشة وصياغة الرؤية حضورا ورأيا .

يمكن لأي مراقب رؤية رؤى ومواقف مختلفة ومتشتتة بين أطراف الحركة ولهذا يبقى الحديث ولو في وقتنا الراهن عن وحدة الموقف الكردي وعن الرؤية الكردية المشتركة مجرد كلام ومضيعة للوقت , وبهذا يبقى واقع التشرذم السياسي على حاله وقد يجد البعض فرصة أخرى للتهرب من تلبية الاستحقاقات القومية بذريعة عدم وجود موقف كردي موحد , مع العلم إن وجود رؤى ومواقف مختلفة لا تشكل ذرائع وحجج لتهربنا من تلبية استحقاقاتنا القومية , فحتى لو تم إجماع الحركة على موقف ما مشترك في ظل هذه التباينات والاختلافات السياسية سيكون ذاك الموقف دون المستوى المطلوب , وهنا نتساءل أيهما أفضل رؤى ومواقف مختلفة أم رؤية مشتركة مشوشة …؟
لتكن الرؤى مختلفة وبالتالي يبقى خيار تصعيد النضال السياسي والجماهيري ( من مظاهرات ومسيرات … ) هي السبيل الأفضل في هذه المرحلة لدفع القضية الكردية إلى مواقع متقدمة ولخلق مناخات أفضل للتقارب والتفاهم على حقيقة أن القضية الكردية في سوريا هي قضية أرض وشعب ولا يمكن المساومة على هذه الحقيقة .

       
                     

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…