دلور ميقري
سؤالُ اليوم:
سؤالُ اليوم:
قد يبدو من السذاجة، أو ربما البلاهة، أن يَطرح أحَدُنا عل الآخرين مثلَ هذا السؤال: ” من هوَ السوريّ؟ “.
إلا أنه، على كل حال، سؤالٌ أظن أنه يَتبطنُ اليومَ، أكثرَ منه في أيّ يوم مضى، سريرَة الكثير من السوريين.
من ناحية أخرى، فثمّة أسئلة لا جوابَ لها؛ والسؤالُ ذاكَ، هوَ من بينها على ما أعتقد.
ليسَ في الأمر عَبَثٌ، أو حتى مُفارقة.
ولا يَخطرنّ ببالكم، أيضاً، أنه سؤالٌ فلسفيّ، وجوديّ.
إلا أنه، على كل حال، سؤالٌ أظن أنه يَتبطنُ اليومَ، أكثرَ منه في أيّ يوم مضى، سريرَة الكثير من السوريين.
من ناحية أخرى، فثمّة أسئلة لا جوابَ لها؛ والسؤالُ ذاكَ، هوَ من بينها على ما أعتقد.
ليسَ في الأمر عَبَثٌ، أو حتى مُفارقة.
ولا يَخطرنّ ببالكم، أيضاً، أنه سؤالٌ فلسفيّ، وجوديّ.
ومن النافل القول، بأنني لا أمتلكُ من جانبي جواباً قط.
ولكن، حتى لوَ زعمَ أحدُهُم أنه لديه هذا الجواب، فإنه سيكون مُشاركاً مع من طرحَ السؤال بالشبهة نفسها؛ المَوْصوفة في بدء القول.
أوديبُ يُجيب:
يُروى أنه قبلَ زمَن ” الأبّ القائد “، ببضعة ألوف من الأعوام، كان ثمّة سؤالٌ شاءَ أن يُحيّرَ بلداً فقدَ للتوّ مَلِكَهُ.
إنّ هَوْلَة (أو لنقل أنها غولٌ، مثلما تدعى عندنا في المَشرق)، كانت قد رَبَضتْ أمام مَدخل البوابَة الوحيدة لسور ذلك البلد، مانعة ً أيّ انسان من الدخول، أو الخروج، إلا بعدَ أن يُجيبَ على سؤال مُحدّد.
ومَن يُخفق في الإجابة، كان يلقى مَصرعه على الفور.
وقد قتلَ، على ما يبدو، جميعُ من تعثرَ حظهم ومرّوا بهذا الامتحان، العجيب.
بتدبير إلهيّ، أو ربما بمَحض الصدفة، جاءَ الشابّ الغريبُ ” أوديب “، من خارج البلد، ولم يلبث أنّ حلّ المسألة بجوابٍ بسيط.
فقررَ الأهالي، المُستبشرون بالخلاص من تلكَ الغول، أن يَجعلوا مُنقذهم مَلكاً جديداً.
ولكن، ما لم يَخطر ببال أولئكَ الناس، أنّ هذا المُنقذ كانت لديه عقدة ” قتل الأبّ “، المُزمنة؛ وأنه سيَجلبُ لمدينتهم شراً أعظم بكثير مما شكّلته الغولُ.
حلّ الطاعون، إذن، في المَملكة بعدَ عقدٍ من الأعوام، ثمّ عمَّ في أرجائها الموتُ والخراب.
فكان لا بدّ لسؤالٍ آخر، أكثر خطورة، أن يَجولَ هَمْساً بين الخلق: مَن هوَ هذا الغريبُ، الذي سلّمناهُ مفاتيحَ بلدِنا دونما أن نعرف عن ماضيه شيئاً..؟
سؤالُ الأزل:
حينما كنتُ فتىً، في ذروَة غرور ثوريّتي، المُتمَرْكِسَة، اعتدّتُ على تنكيد أترابي المؤمنين بهذا السؤال: ” مَن خلقَ الإله..؟ “.
فكان هؤلاء يردّون، وليسَ بدون استياء، مُرددين الآيَة الكريمة، القائلة بأنّ الله لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
بيْدَ أنني، بطبيعة حالي وقتئذٍ، ما كنتُ لأهدأ.
فما أفتأ، غيرَ مُقتنع بذلك الجواب، أن أعاود المُساءَلة المُناكِدَة: ” إذا لم يَلِده أحدٌ، فنحن على الأقل نعرفُ من وَلِدنا.
وبالتالي، فلا حاجة لنا، نحن أيضاً، أن نعرف كيفَ خُلِقَ الكونُ ومتى..؟ “.
الأبّ القائدُ يُجيب:
في سورية ما بعد الخامس عشر من آذار، المَعلوم؛ في المملكة الأسديّة، إذن، يَتمّ على نطاق واسع نشرُ ثقافة تأليه الحاكم.
هذا الأخير، ومن خلال ردّه العلنيّ ذات مرّة، وباستخفافٍ شديد، على سؤال الشيخ البوطي عن تلك ” البدعة “؛ فإنه ظهَرَ وكأنه سَعيدٌ وفخورٌ أن يَكتشفَ بأنّ رَعيّته تحبّه حتى العبادة.
ولكنّ التوجّه الرسميّ، الإعلاميّ على الأقل، ما زالَ يصرّ على أنّ بشاراً هوَ ” الأبّ القائد “.
وبما أننا لسنا رَعيّة لحاكم صليبيّ، والحمدُ لله، فمن غير المُجدي الجَزم بأنّ ” أبانا الذي في السموات ” لا شأن له مع أبينا هذا الذي في… الأرض.
سؤالُ الساعة:
يبقى ثمّة سؤالٌ، بلا مَعنى للحق؛ بما أنّ حاكمَنا مؤمنٌ وَرعٌ يؤدي الصلاة، كلّ عيد، في هذا المسجد أو ذاك وبرفقة بوطي نفسه..
أعني، سماحة الشيخ البوطي.
ولكنه سؤالٌ، على كلّ حال، برَسْمِ أولئك الذين يَعبدون بشاراً: كيف يُمكن أن يكون إلهاً، مَن تعرفون له أمّاً وأباً..؟
فالوالدة، استطراداً، هيَ عمّة ” المُحْسِن الأكبر “، الذي تبرع بملياراته من الدولارات لفقراء أوروبة وأمريكة؛ والوالدُ، كان ابناً لذاك ” المُجاهد الأكبر “، الذي طرَدَ المستعمرين الفرنسيين من جبال العلويين بعدما سبق ووجّه لهم رسالة شديدَة اللهجة.
نعم، استضـ… استطراداً.
لا أحَد يُجيب:
الملكُ أوديب، قتلَ أباه وتزوّج أمّه؛ إلا أنّ المَسألة الأهمّ في التراجيديا الإغريقية، أنه نجحَ في امتحان الإجابة على سؤال تعلّقَ به مصيرُ بلدٍ بأسره.
الملكُ بشار، جلّ جلاله، لم يقتلَ أباه ولم يتزوّج أمه؛ بيْدَ أنه، وهذا هوَ المهمّ في الكوميديا السورية، قتلَ آلاف الآباء والأمهات..
والأطفال.
وهوَ، إلى ذلك، جعلَ جماهيرَه تؤمن بألوهيّته، ودونما حاجة منها لمعرفة معميّات الخلق والتكوين.
ولكن، أما كان يَجدُرُ، حقا، بتلك الغول أن تطرَحَ هذا السؤال: مَن هوَ السوريّ..؟؟
ولكن، حتى لوَ زعمَ أحدُهُم أنه لديه هذا الجواب، فإنه سيكون مُشاركاً مع من طرحَ السؤال بالشبهة نفسها؛ المَوْصوفة في بدء القول.
أوديبُ يُجيب:
يُروى أنه قبلَ زمَن ” الأبّ القائد “، ببضعة ألوف من الأعوام، كان ثمّة سؤالٌ شاءَ أن يُحيّرَ بلداً فقدَ للتوّ مَلِكَهُ.
إنّ هَوْلَة (أو لنقل أنها غولٌ، مثلما تدعى عندنا في المَشرق)، كانت قد رَبَضتْ أمام مَدخل البوابَة الوحيدة لسور ذلك البلد، مانعة ً أيّ انسان من الدخول، أو الخروج، إلا بعدَ أن يُجيبَ على سؤال مُحدّد.
ومَن يُخفق في الإجابة، كان يلقى مَصرعه على الفور.
وقد قتلَ، على ما يبدو، جميعُ من تعثرَ حظهم ومرّوا بهذا الامتحان، العجيب.
بتدبير إلهيّ، أو ربما بمَحض الصدفة، جاءَ الشابّ الغريبُ ” أوديب “، من خارج البلد، ولم يلبث أنّ حلّ المسألة بجوابٍ بسيط.
فقررَ الأهالي، المُستبشرون بالخلاص من تلكَ الغول، أن يَجعلوا مُنقذهم مَلكاً جديداً.
ولكن، ما لم يَخطر ببال أولئكَ الناس، أنّ هذا المُنقذ كانت لديه عقدة ” قتل الأبّ “، المُزمنة؛ وأنه سيَجلبُ لمدينتهم شراً أعظم بكثير مما شكّلته الغولُ.
حلّ الطاعون، إذن، في المَملكة بعدَ عقدٍ من الأعوام، ثمّ عمَّ في أرجائها الموتُ والخراب.
فكان لا بدّ لسؤالٍ آخر، أكثر خطورة، أن يَجولَ هَمْساً بين الخلق: مَن هوَ هذا الغريبُ، الذي سلّمناهُ مفاتيحَ بلدِنا دونما أن نعرف عن ماضيه شيئاً..؟
سؤالُ الأزل:
حينما كنتُ فتىً، في ذروَة غرور ثوريّتي، المُتمَرْكِسَة، اعتدّتُ على تنكيد أترابي المؤمنين بهذا السؤال: ” مَن خلقَ الإله..؟ “.
فكان هؤلاء يردّون، وليسَ بدون استياء، مُرددين الآيَة الكريمة، القائلة بأنّ الله لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
بيْدَ أنني، بطبيعة حالي وقتئذٍ، ما كنتُ لأهدأ.
فما أفتأ، غيرَ مُقتنع بذلك الجواب، أن أعاود المُساءَلة المُناكِدَة: ” إذا لم يَلِده أحدٌ، فنحن على الأقل نعرفُ من وَلِدنا.
وبالتالي، فلا حاجة لنا، نحن أيضاً، أن نعرف كيفَ خُلِقَ الكونُ ومتى..؟ “.
الأبّ القائدُ يُجيب:
في سورية ما بعد الخامس عشر من آذار، المَعلوم؛ في المملكة الأسديّة، إذن، يَتمّ على نطاق واسع نشرُ ثقافة تأليه الحاكم.
هذا الأخير، ومن خلال ردّه العلنيّ ذات مرّة، وباستخفافٍ شديد، على سؤال الشيخ البوطي عن تلك ” البدعة “؛ فإنه ظهَرَ وكأنه سَعيدٌ وفخورٌ أن يَكتشفَ بأنّ رَعيّته تحبّه حتى العبادة.
ولكنّ التوجّه الرسميّ، الإعلاميّ على الأقل، ما زالَ يصرّ على أنّ بشاراً هوَ ” الأبّ القائد “.
وبما أننا لسنا رَعيّة لحاكم صليبيّ، والحمدُ لله، فمن غير المُجدي الجَزم بأنّ ” أبانا الذي في السموات ” لا شأن له مع أبينا هذا الذي في… الأرض.
سؤالُ الساعة:
يبقى ثمّة سؤالٌ، بلا مَعنى للحق؛ بما أنّ حاكمَنا مؤمنٌ وَرعٌ يؤدي الصلاة، كلّ عيد، في هذا المسجد أو ذاك وبرفقة بوطي نفسه..
أعني، سماحة الشيخ البوطي.
ولكنه سؤالٌ، على كلّ حال، برَسْمِ أولئك الذين يَعبدون بشاراً: كيف يُمكن أن يكون إلهاً، مَن تعرفون له أمّاً وأباً..؟
فالوالدة، استطراداً، هيَ عمّة ” المُحْسِن الأكبر “، الذي تبرع بملياراته من الدولارات لفقراء أوروبة وأمريكة؛ والوالدُ، كان ابناً لذاك ” المُجاهد الأكبر “، الذي طرَدَ المستعمرين الفرنسيين من جبال العلويين بعدما سبق ووجّه لهم رسالة شديدَة اللهجة.
نعم، استضـ… استطراداً.
لا أحَد يُجيب:
الملكُ أوديب، قتلَ أباه وتزوّج أمّه؛ إلا أنّ المَسألة الأهمّ في التراجيديا الإغريقية، أنه نجحَ في امتحان الإجابة على سؤال تعلّقَ به مصيرُ بلدٍ بأسره.
الملكُ بشار، جلّ جلاله، لم يقتلَ أباه ولم يتزوّج أمه؛ بيْدَ أنه، وهذا هوَ المهمّ في الكوميديا السورية، قتلَ آلاف الآباء والأمهات..
والأطفال.
وهوَ، إلى ذلك، جعلَ جماهيرَه تؤمن بألوهيّته، ودونما حاجة منها لمعرفة معميّات الخلق والتكوين.
ولكن، أما كان يَجدُرُ، حقا، بتلك الغول أن تطرَحَ هذا السؤال: مَن هوَ السوريّ..؟؟