قبل ما يقارب الشهر دعيت مع مَنْ دعيت لحضور طقوس المصالحة بين فريقين من كرد وعرب يسكنان ناحية “شبعا” القريبة من دمشق ، ومختصر المشكلة أن الجانب الكردي كان في حفلة عرس في إحدى المزارع الخاصة فهوجم من قبل بعض الشباب الطائش .
وقد كانت قد دعت إلى هذه المصالحة عائلة كردية تقيم منذ زمن طويل في المنطقة وهي تفوز بتقدير السكان جميعاً.
وقد أسْبِغَ على الحفل – كما كان متوقعاً- الطابع الاحتفالي حيث حضرت بعض أطراف الحركة الكردية، وبعض الوجوه الثقافية والإعلامية من قبل الكرد، ومن قِبَل الأخوة العرب حضرت بعض الشخصيات، والفعاليات الحزبية، والرموز الدينية، ومن ضمنهم “أمين شعبة حزب البعث “
وقد تركزت مداخلات الأخوة – كما كان متوقعاً – حول الأخوة الكردية – العربية التي عُمِّدَتْ بدماء الضحايا، وأعادوا الأسطوانة المشروخة بأن الكرد تبوؤا مناصب كبيرة في الدولة السورية !! والتضحيات الكردية من أجل استقلال البلد أرفع وأكثر من الإحصاء ، كما ذكَّرَنا الأخوة العرب بدَيْننا عليهم نحن الكرد الذين حررنا لهم بيت المقدس بقيادة الفاتح “صلاح الدين” إلى آخر ما جادت بها قريحة القوم من عبارات السجع والتنميق ، واعُتُبِرَ الأمر في النهاية عملاً أخرقَ لا دخل “للكبار” به اقترفه بعضُ المراهقين و” الصُيَّع” من الطرفين ، وإن السلم الأهلي بخير، واقتنع الجميع – استنباطاً من الكلمات التي ألقيت – من الطرفين أن لا عودة لهذا الفعل المشين لأن مابين الطرفين وشائج أقوى من أن تهتز لهذه الحادثة العابرة .
وهذه المرة أيضاً هجوم من قبل بعض الشباب وفي “شبعا” عينِها على بعض الشباب الكردي ، وأُشبعوا ضرباً مبرحاً.
وبعدها بأيام حدثت مشكلة أخرى كان مسرحها ورشة خياطة تابعة لبعض الشباب الكرد حيث تشرشحوا وأشبعوا هم أيضاً ضرباً، لكن هذه المرة في منطقة حرستا- ريف دمشق
سورية بلد الطوائف والملل والنِّحل ، وهذه المزية – هذه اللوحة الفسيفسائية الجميلة – يفترض أن تخلق عوامل المنَعة والقوة لاعوامل الخلخلة والضعف ، فالحديقة بهيجة العين ومشرقة بتعدد أزاهيرها وعطوراتها- حسب لغة الشعراء- ولنا في هذه البسيطة أكثر من مثال ناصع ” الهند – لبنان – سويسرا- ألمانيا- أمريكا ألخ…
أريد أن أُذَكِّر أن سوريا تجلس على برميل من البارود إذا لم تقم الدولة بواجباتها تجاه الناس وقد سبق أن حدثت مشاكل من هذا القبيل في السويداء ، وفي بلدة جرمانا قبل أشهر قليلة، وثمة مناوشات تحدث هنا وهناك تأخذ طابعها الطائفي المقيت والمنفر .
المطلوب تخفيف الاحتقانات ، ومعاقبة من يسيء إلى سمعة البلد ، وضربهم بأيد من حديد وتقديمهم إلى المحاكم المختصة لينالوا جزاء شر أعمالهم ، وكلما تأجل حل هذه المشاكل ستكون العواقب أكثر وخامة ، ويبدو أن السلطات المعنية تقوم بواجباتها لكن ليس بالمستوى المرتجى وهذا من شأنه أن يزيد من المخاوف والهواجس .
همسة في أذن بعض الأخوة العرب:
يقسم كاتب هذه السطور بأغلظ الإيمان بالنيابة عن أهله الكرد لإخوته وأصدقائه العرب أن لا دخل للكرد في سقوط بغداد ، وإن أمريكا أسقطت بغداد انطلاقاًً من المطارات العربية وتمركُز قوات التحالف في الدول العربية ، وقدمت بعض هذه الدول تعاوناً لوجستياً فاخراً لأمريكا.
ففكوا هالسيرة، وخففوا احتقانكم علينا، وفهمكم كفاية.