شيفرة إبراهيم محمود*

فرحان مرعي

قال تعالى في كتابه العزيز من سورة يوسف “اذ قال يوسف لابيه يا أبت اني رأيت احد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين” قال يا بني لا تقصص رءياك على اخوتك فيكيدوا لك كيداً ان الشيطان للإنسان عدو مبين” هذه الرؤيا وردناها من باب تداعي الافكار الى الذهن عند ورود قصص متشابهة وليس من باب المقارنة والمماثلة، واعوذ بالله من الشيطان الرجيم من مقارنة الباحث ابراهيم محمود بالنبي يوسف بن يعقوب وخاصة ان رؤيا الانبياء حقيقة، اما حلم ابراهيم محمود قد تأتي من باب الامنيات السياسية المشروعة وتلك من حقه كمثقف ومواطن كردي…..

،
على كل حال، بقيت مندهشاً ومستغرباً قبل ان اصل الى نهاية مقالة ابراهيم عن تلك الزيارة التاريخية للقيادات الكردية السورية الى بيته، ولم يكن استغرابي واندهاشي ابداً ناجمين عن زيارة هؤلاء القادة الكرد السوريون الى الباحث ابراهيم محمود، ولما لا، وما العيب في زيارة كهذه الى شخصية بقامة ابراهيم محمود الفكرية والثقافية، وكان من الممكن ان تكون هذه الزيارة في سبيل حث هذا المثقف والباحث الكردي على تولي قيادة المؤتمر الوطني الكردي المزمع تشكيله او قيادة المجلس الوطني الكردي بموازاة  المجلس الوطني السوري على الطرف الآخر من المعارضة السورية بقيادة المفكر برهان غليون وكان هذا سيعني بكل تأكيد ايماناً منهم – من هؤلاء الاشخاص القياديين -الاثني عشرآنذاك – بدور المثقف وقيمته في الحياة اليومية للشعب الكردي – ولكن اندهاشي واستغرابي كانا ناجمين حقيقة من انه كيف اتفق هؤلاء القيادات الكردية بعد طول الخلاف والانشقاق من توحيد مواقفهم على عمل وزيارة من هذا النوع، كما انتابني الاحراج ايضاً مع ابراهيم وهو يتلبك ويلتفت يميناً وشمالاً كيف يقوم بواجب الضيافة في هذا المحفل الكبير، ولكن، الحمد لله لم يدم استغرابي طويلاً حين ادركت وفهمت ان كابوساًً سياسياً تاريخياً كان يجثم على صدرالابراهيمي.
وايضاً ان هذه الحلم الابراهيمي التاريخي قادني الى تذكر اول زيارة الى بيته
قمت بها- قبل ثماني سنوات اقل او اكثر بقليل، وحين تعثرت في معرفة بيته بدقة سألت جاره القريب من ببيته وكان حانوتياً على ما اذكر – سالته عن منزل الاستاذ ابراهيم محمود- فقال لي ذلك الحانوتي: اتقصد صاحب الدراجة النارية – قالها باللغة الكردية – ودلني بالفعل على منزل ابراهيم ولا ادري حتى الآن ان كان يومها كان يملك دراجة نارية ام لا ولم اسأله بالطبع، ولكني  تأسفت كثيراً ان رجلا بهذا الحجم يعرف من خلال دراجة نارية وليس من خلال ثقافته الواسعة ومؤلفاته الكثيرة ومكتبته الكبيرة التي كانت تغطي الجدران والممرات وقال يومها ان هذه المكتبة لا تقدر بثمن من الناحية الثقافية والفكرية ومن الناحية المادية تقدر بحدود ثلاثة ملايين ليرة سورية في ذلك الوقت.

إلى اليوم ما زالت الهوة شاسعة بين المثقف والسياسي والشعب ويبدو انها لا تردم الا بالرؤى والأحلام وغالباً ما يكون على شكل كوابيس.

  *هذه المقالة كتبتها منذ فترة طويلة نسبياً في بدايات الثورة السورية وجاءت فكرتها عندما كتب الباحث ابراهيم محمود مقالة وفيها يسرد كيف جاءته القيادات الكردية الى بيته في حلم له او ما يشبه الكابوس، وقررت نشرها الآن عندما قرأت مقالته (حول سماسرة السياسة)

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…