بطاقة شكر لبرهان غليون

جان كورد

سيادة رئيس المجلس الوطني السوري
الدكتور برهان غليون

أرسل لكم بطاقة الشكر هذه، وقلبي حزين لما تشهده سوريا من مأساة حتى اليوم، ولا أدري كيف أفصح عن المشاعر التي انتابتني وأنا أقرأ وأسمع تصريحاتكم المتكررة عن الشعب الكوردي وقضيته العادلة في هذا البلد الذي شهد تلاحم مكوناته الاثنية والدينية عبر مراحل التاريخ المختلفة، في السراء والضراء، ولكن أرى من الضروري أن أتقدم بالشكر لكم لأنكم – كما يبدو- أحد الذين يقولون ما يؤمنون به دون مواربة، وبخاصة فيما يتعلق بوجود الشعب الكوردي وعيشه على جزء من أرض وطنه كوردستان، وبصورة أثارت امتعاض حتى أشد الكورد علاقة بكم وأقربهم إليكم في مجلسكم الوطني الموقر.
لن أدخل في تفاصيل مواقفكم غير المشجعة للعمل معكم بصدد القضية الكوردية، ولكنكم بالافصاح عنها قد وفرتم على كثيرين من ناشطي الكورد وقتهم الذي يحتاج إليهم الشعب الكوردي في كفاحه المشروع من أجل حقه القومي وفي سبيل إحداث التغيير الحقيقي في سوريا، إذ لاحاجة للدخول معكم في حوارات بعد ما أعلنتم عنه حيال الكورد وكوردستان،  ومن الضروري أن يفكر الناشطون الكورد في البحث عمن يتفهم آلامهم وآمالهم ويعتبر طموحهم القومي في إدارة أنفسهم ذاتياً ضمن سوريا موحدة وحرة بكل معنى الكلمة طموحاً مشروعاً، طالما هو في حدود العمل السلمي الديموقراطي، لا سوريا ذات نسخة رديئة من النظام المركزي الرديء الذي عانى منه شعبنا عقوداً من الزمن، ويعمل الآن على تغييره، حتى بالقوة، وهو مستعد لتقديم كل التضحيات في سبيل ذلك.
تعلمون يا سيادة رئيس المجلس الوطني السوري بأن الصين الشيوعية قبلت بأن يكون لمدينة هونغ كونغ وضع إداري واقتصادي خاص بها، على الرغم من أن شعب المدينة صيني وأنها تشكل بالنسبة للصين العملاقة نقطة صغيرة في لوحة كبيرة، وتعلمون بأن الرومانيين يتمتعون بحقهم في إدارة أنفسهم ذاتياً في دولة سويسرا، على الرغم من أنهم يشكلون 1% فقط من مجموع السكان، وتعلمون أيضاً بأن كلاً من النظام السوري والإخوان المسلمون الذين في تناقض كبير معه، سياسياً وفكرياً، قد اعترفا بأن الشعب الكوردي في سوريا يعيش على أرضه التاريخية، وأرض هذا الشعب تدعى “كوردستان” التي تعني بالعربية “وطن الكورد”، وهذا مختلف جداً عن مزاعمكم بأن لامجال لكوردستان أو لاذقستان، فهذا يهبط بمستواكم العلمي إلى مستوى ضابط الأمن السوري الشهير محمد طلب هلال، الذي أراد انهاء القضية الكوردية مثلكم ولكن بأساليب قذرة ومنحطة، بل إنه لم يكن ناكراً لوجود كوردستان على غرار ما تقومون به.

وقد تقولون بأنكم لاتنكرون وجود كوردستان في العراق وايران وتركيا، ولكن كيف يمكن التوفيق بين وجهي المسألة، حيث أن الكورد يعيشون على أرضهم هذه، في سوريا وخارجها في الاقاليم المذكورة، قبل تقسيم وطنهم بمعاهدة سايكس – بيكو الاستعمارية في عام 1916 وبعدها… فإن لم يكن الأمر هكذا فإنكم أيضاً – في نظرنا – مثل  بعض البعثيين العنصريين الذين دأبوا على الزعم بأن الكورد مهاجرون ولاجئون لاعلاقة تاريخية لهم بأرض سوريا… وهنا نفترق يا سيادة رئيس المجلس الوطني السوري، إذ لايمكن لنا التعامل كمواطنين كورد سوريين مع من لايختلف في شيء عن العنصريين حيال أهم قضية بالنسبة إلى شعبنا الكوردي، ألا وهي قضية وجوده وعيشه على أرض وطنه التاريخي.
ولقد كنتم – حسب علمنا – أحد الذين وافقوا على البند الخاص بالقضية الكوردية في الوثيقة الصادرة عن مؤتمر تونس للمجلس الوطني السوري، أم أنكم نسيتم ذلك؟
ولذا نشكركم لأنكم وفرتم على كل نشطاء الكورد المخلصين لقضية شعبهم عناء الحوار معكم والتباحث حول الأمور الأخرى التي تعتبر بالنسبة إلينا في الدرجة الثانية من بعد قضيتنا الأساسية.
على أمل أن تعتذروا مرة أخرى للشعب الكوردي وحراكه السياسي – الثقافي، مثلما اعتذرتم من قبل لهفوة سابقة من هفواتكم المتتالية، عن قصد أو عن استعجال، وعلى أمل أن يتبرأ رموز مجلسكم الموقر من هكذا طلقات نارية غير مجدية باتجاه شعبنا الكوردي الأعزل.

18‏ نيسان‏، 2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد حسو عفرين وريفها، تلك البقعة التي كانت دائمًا قلب كوردستان النابض، هي اليوم جرحٌ عميق ينزف، لكنها ستبقى شاهدة على تاريخٍ لا يُنسى. لا نقول “عفرين أولاً” عبثًا اليوم، بل لأن ما حدث لها، وما يزال يحدث، يضعها في مقدمة الذاكرة الكوردية. لماذا عفرين الآن؟ لأن عفرين ليست مجرد مدينة؛ هي الرئة التي تتنفس بها كوردستان، والعروس التي تتوج…

خليل مصطفى ما تُظهرهُ حالياً جماعة المُعارضة السورية (وأعني جماعات ائتلاف المُعارضة المُتحالفين مع النظام التركي) من أقوال وأفعال مُعادية ضد أخوتهم السوريين في شمال شرق سوريا، لهي دليل على غباوتهم وجهالتهم ونتانة بعدهم عن تعاليم وتوجيهات دين الله تعالى (الإسلام).؟! فلو أنهُم كانوا يُؤمنون بالله الذي خالقهُم وخالق شعوب شمال شرق سوريا، لالتزموا بأقواله تعالى: 1 ــ (تعاونوا على…

  نظام مير محمدي* يمثل الخامس والعشرون من نوفمبر، اليوم العالمي للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة، فرصة للتأمل في أوضاع النساء في مختلف المجتمعات ومناقشة التحديات التي يواجهنها. وعند تأملنا في هذا السياق، تتجه أنظارنا نحو السجون المظلمة في إيران، حيث تُعتقل النساء ويتعرضن للتعذيب لمجرد ارتكابهن جريمة المطالبة بالعدالة وإعلاء أصواتهن لوقف القمع وتحقيق الحرية. هؤلاء…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* تطورات هامة ومستجدات كبيرة تشكل واقع إيران والمنطقة والعالم. وتشير المواقف المتخذة إلى أن “إيران” في محور هذه التطورات! من هو الرابح ومن هو الخاسر؟ أجريت الانتخابات في ما يقرب من 70 دولة حول العالم، في عام 2024، وكان أهمها الانتخابات الأمريكية. كما فاز الحزب الجمهوري في أمريكا برئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى الفوز بأغلبية مقاعد مجلسي…