(كفانا تشرذماً وطعناً بهذا وذاك) هذا هو المبدأ الذي التزمته والصمت منذ بداية الثورة وحتى قبل حين.
ولكن لكل شيءٍ حدٌّ بإمكان المرء بلوغه ونحن على أبواب الشهر الثالث عشر من القتل والدمار، ومن تسلق على ظهر هذه الثورة يريد أن يبطئ تقدمها بل أكثر من ذلك يريد بها أن تخطو نحو (الخلف)
(ولدي 7 شهود على هذا) ثم طُرِحَت الأسماء، ومن يقصي أحداً من الأسماء لا يسأله الآخر عن السبب- وهنا سقطت كلمة الديمقراطية التي تعني (السلطة للشعب) تماماً، عن هذا المؤتمر قبل انعقاده, حتى أن المنبر بحدّ ذاته مصطلحٌ أو كلمة مأخوذة من جوقة اليمينيين الذين لم يفلتوا من هجموم كل الداعين لهذا المؤتمر, وتلك مصيبة أخرى..
لا أتمنى أن يعتقد البعض أني أكتب عن المؤتمر لعدم دعوتي إليه, فأنا لم أحضر أي مؤتمر منذ بدء الثورة, وأنا أؤمن أن على الكاتب أو الصحفي و الإعلامي أن يكون مستقلاً, وفي الاستقلالية يكمن صدق الرسالة, لذلك نجد أن المستقلين قلائل ويتم تهميشهم عن قصدٍ وعمد.
في مساء اليوم الثاني للمؤتمر اتصلت بأحد أعضاء اللجنة المنظمة الأخ خلف علي الخلف وقلت له بالحرف (لاتورطني) لدي فيلم وثائقي عن الثورة وكل ما يخصها, وهذا الفيلم على حسابي الشخصي غير تابع لأية جهة, فقال لي حرفياً أنْ ليس هناك ما يمنع.
أتممت إجراءات تأجير الكاميرا وإعطائهم العنوان، وفي صباح اليوم التالي كان المصور بكامل عدّته ينتظرني على باب الفندق, الذي بدا لي وكأننا مقدمون على دخول البنتاغون.
بعد الخضوع لمجموعةٍ من الأسئلة والتفتيش وطلب الهويات ولأي جهة تتبعون وخلافه من التصرفات المشينة, شاهدت الشيوعي الأحمر (سمير عيطة) قريباً من الباب, تبادر إلى ذهني (الفرج) ألقيت التحية وشرحت له ما تمّ الاتفاق عليه مع الأخ خلف, فكان رده مباشرة أن التصوير ممنوع وأنه سيسأل خلف ثم سيعود إلي, لم تشفع قطرات العرق المتناثرة على جبهتي أن يقول كلمة تفضل استريح, أو بُعد المكان الذي قصدناه, أو ..
أو ..
وبعد غياب ما يقارب الربع ساعة لم يرضَ السيد عيطة أن يرد علينا بكلمة.
سمعته وأنا في ظل الباب الخارجي وهو يشير بيده إشارة الطرد قائلا لضابطٍ مصري, لا تدخلوهم, (مدخلهومش), طبعاً أختصر الكثير من التفاصيل وبعد اليأس, في هذه اللحظة طلبت من الضابط أوراقنا, لكنها لم تكن في حوزته, انتظرنا بعض الوقت وتأكدت أنهم أخذوها لتصويرها (ذهنية البعث العفنة) خلال ذلك الوقت اتصلت على خلف أكثر من عشرة اتصالات لازالت ظاهرة على هاتفه وحتى اللحظة مشاغله في حماية الوطن لا تسمح له بمعاودة الاتصال أو الرد أو التبرير, هنا وجدت الأخ (حازم نهار) الذي يلبس زي الملائكة على الفضائيات, شرحت له ما حدث في نصف دقيقة, رفع يديه وكتفيه قائلاً: (أنا لا علاقة لي هلق فقت من النوم) , قلت له أنت من الداعين لهذا المؤتمر لا يجدر بك أن تجيبني هكذا, فأكد لي مرة أخرى مادخلني شوف الشباب, قلت له أنت تذكرني يا سيد حازم بمسؤول في دائرة حكومية سورية نسعى للخلاص من حالته (ما دخلني شوف الشباب) لكنه تركني على عجالة ليلحق بإفطاره, هنا أخرج لنا السيد عيطة الشيوعي الأحمر شابين وسيمين أحدهما يضع حلقة في أذنه, لاداعي لذكر اسمه, ولاداعي لذكر ماذا كان يفعل هذا الشاب وأين كان حين كنتُ أتحدثُ مع النخبة في سوريا عن ضرورة قيام ثورة عندنا قبل ولادة الثورة بثلاثة أشهر, برّر لنا الشابان أن هناك الكثير من المدعوين قادمين من سوريا, قلت له أعلم ذلك وأنا في الأمس اتصلتُ مع أحد القادمين من سوريا وذكرت له أني سأنصب كاميرتي في زاوية بعيدة ومن يريد عمل لقاء فأهلاً به, ومن لايريد هذا شأنه, (هنا أود أن أوضح, كانت هناك أكثر من كاميرا في الداخل, يعني إلى متى استغفال الناس والشعب, يعني ألا يعلم النظام وأجهزته الأمنية أنه حين يخرج أثنا عشر شخصاً من سورية على متن طائرةٍ واحدة أنهم متجهون إلى هذا المؤتمر؟ وأنهم يعلمون أسماء من مر بجانبهم وأسماء جداتهم) يكفينا سخافات ومبررات لا تفرض سوى مقولة (عذرٌ أقبحُ من ذنب).
عند الخروج وجدنا عدة سيارات لعدة جهات إعـلامية إحداها شبكة الأخبار العربية, سألني المصور الذي انتدبته الشركة قائلاً:
– ايه الكذب ده..
شوف العربيات..
ثم سألني مستغرباً:
– هما دول مع بشار ولا إيه؟
وبطيبة المصريين وبفطرتهم أكمل كلامه وفيه الزبدة:
سيبك من كل حاجة وسيبك من التصوير, المفروض أنك سوري وعرفت عن نفسك أنك اعتقلت, والتقيتوا في مكان برا سوريا..
(ده المفروض ياخدوك بالأحضان) ايه التعامل والقرف ده.
مصطفى سعيد
Mustafa.saeed1976@gmail.com