٭إبراهيم بهلوي
من يتابع الثورة السورية منذ اندلاعها في الخامس عشر من شهر مارس من عام 2011 يراها تتجه إلى نيل الحرية وترسيخ حالة الوطن ومفهوم المواطنة في وطنهم سوريا، يجد بأن حالة مستقرة بين الشعب الثائر تزداد بزيادة الممارسات القمعية للنظام من قتل واعتقال وترهيب وتحريض ضد الطائفية، مع ذلك بقي الشعب الثائر للحرية يحافظ على ممتلكاتهم دون أية عملية تخريب أو سرقة تطال أملاك المواطنين أو الممتلكات العامة، مقارنة بغيرها من ثورات الربيع العربي، ورغم اقترابها إشعال شمعتها الأولى إلا أن أخلاقيات الثورة تجاوزت بمفهومها لدى السوريين ما يروج له النظام والبعض الآخر من يقف إعلاميا ويتخوف من حرب طائفية في سوريا .
أما مفهوم الطائفية من فكرة الانتماء لطائفة معينة دينية أو اجتماعية ( جماعة من الناس يجمعهم مذهب أو رأي يمتازون به ) ، ولم يكن هذا المفهوم مرتبطاً بالمفهوم العرقي حيث التقت قوميات عديدة في طائفة واحدة رغم تمايز لغات أبنائها واختلاف حدود أوطانها .
ثم تداخل هذا المفهوم مع مفاهيم أخرى فلسفية أو مذهبية أو عرقية ليبين دور الأقلية العددية في المجتمع المنفصل عن دور الأمة التي تعيش ضمنها هذه الأقلية ، فأصبح هذا المفهوم يستخدم بديلاً لمفاهيم : ( الدين ، العِرقْ والملّة ) التي كانت دارجة قبل ذلك .
ورويداً ..
رويداً تغلغل مفهوم ( الطائفية ) في المجتمع كناتج لاختلاط تلك المفاهيم معاً ضمن محيط مؤهب من الناحية الفكرية والسياسية وأصبح يعبر عن حالة الأزمة التي تعيشها بعض المجتمعات ( ومنها العربية ) والانشقاقات والانقسامات التي عانت منها وأصبحت ( الطائفية ) مذهباً و ( إيديولوجية ) وهوية انتماء حلت محل الانتماءات الأعلى وتعالت عليها ، ونشأ الصراع والاقتتال الطائفي وتغلغل في الأوساط الشعبية وعمّ بعض الأقاليم الدولية وتمخض عنه انقسام الطوائف إلى مِلَلٍ ونِحَلٍ متصارعة ، كل مِلّة أو نِحلة ادعت بأنها الفرقة الناجية وأنها هي الفرقة الوحيدة التي تملك الحقيقة .
ومن الوسائل المتبعة التي يقومون بها ” من يروجون للطائفية” استهداف المدنيين عن طريق الكمائن والاغتيالات لأغراض مختلفة أولها الترهيب وليس آخرها الإبادة الجماعية.
أما أهم نتائجها هي: غياب الدولة وضعفها و انتشار الميليشيات وانعدام الأمن والسكينة وتعطل مناشط الحياة الاقتصادية والاجتماعية و انهيار خدمات التعليم والصحة والبنى التحتية و وضع المجتمع رهينة للقوى الخارجية سواء كانت دولاً أو هيئات أو منظمات.
هذا طبعاً غير النزوح الجماعي عن مناطق التماس ووقوع الضحايا من كل الأعمار وانتشار العنف والفساد وازدهار تجارة السلاح ونقص الغذاء والدواء.
ومنذ بدء الثورة السورية كان ما يصيب جسد سوريا وثورتها من عمليات عنف من قبل النظام نفسه المدرع بكافة أنواع الأسلحة لمواجهة صدور عازلة ، و مهاجمة الأحياء التي لا تكف بالمطالبة بالحرية ” حي بابا عمر- الخالدية” في حمص وغيرها من المحافظات والمدن المنتفضة فهي تستهدف المواطنين والعزل “أطفال-نساء-شيوخ-شباب”،ولا تكف عن عملياتها العسكرية المكثفة ضد المدن الثائرة المطالبة للحرية.
ومنذ البدء أيضاً كان الحراك الشعبي العام في سوريا بشعاراته وجغرافية احتجاجاته موجهاً ضد النظام وحده وليس ضد طائفة معينة ، وبالرغم من أن الجيش السوري يضم في صفوفه قيادات عسكرية من الطائفة العلوية تفوق أعدادهم بقية الطوائف، فان ذلك أمر طبيعي لان النظام وخلال السنوات المنصرمة من هيمنته على المجتمع السوري قد خلق لنفسه جيش عقائدي من أكثر المقربين له من عائلته ومن لف لفهم ممن تجعهم مصالح مشتركة لبقاء النظام وديمومته كحاكم مطلق لسوريا، وعلينا أن لا ننسى بان الجيش السوري “العرمرم “الذي يقتل الشعب الثائر بكل وحشية لا يزال يضم ضباط وجنود من طوائف أخرى غير العلوية، بالطبع هؤلاء المستمرون في صفوف الجيش بينهم من استفاد من طول عمر النظام ومنهم من بقي تحت الاحتفاظ الجبري في الجيش وممنوع عليه المغادرة، وان حاول الهرب تم قنصه لتتهم جماعات مسلحة باغتياله، حسب الروايات الرسمية للإعلام والسلطة السورية.
جميع مؤشرات الثورة السورية تفيد بأن الشعب السوري يقف في وجه ما يروجه النظام ويفتعله من إثارة الفتن، وهذا يبدوا جلياً في نقاط التظاهر التي تزداد أعدادها يوم بعد آخر، محولين شعاراتهم إلى أغاني تنطق بها حناجر الأطفال من أقصى جنوبها إلى شمالها، هذا عدا عن مفاهيم الحداثة التي تصبغ بها الفكر السوري ، من أيمانهم بالديمقراطية والعلمانية، هاتين النظرتين التي تنادي بها بأن التخلص من ركام الماضي “الطائفية” والسعي نحو الديمقراطية التي تبني ولا تهدم وتصون ولا تبدد ، وتوفر لجميع الشعب الحرية والعدالة والمساواة والمشاركة الفعالة في تقرير شأنهم العام.
والعلمانية تنطلق من نفس الأسس وهو مطلب شعبي وخاصة للأقليات التي تسعى إلى خلق حالة الألفة وإشاعة الديمقراطية والمواطنة وأنها المساواة التامة بين الجميع أمام القانون، وتعتبر علاقة لتنظيم الأمور بين الدين والدولة الذي يعني حياد الدولة ومؤسساتها تجاه الأديان والعقائد، كما تضمن عدم تدخل الدولة في النقاشات الدينية ، والأهم من ذلك عدم استخدامها الدين للتغطية على اختياراتها وممارساتها السياسية إن كانت صائبة أو خاطئة ، وفي ظلها فقط ينعتق المواطن من عقليته الطائفية.
وهذه الأمور متوفرة بين طبقات الشعب السوري وهم ينشدون لها منذ زمن وبالأخص في هذه المرحلة الحساسة من عمر الثورة السورية،وهي تقترب من سنتها الأولى وهي تضرب أروع الأمثال في ثورتهم ،فما سمع وتابع إنسان ثورتهم لتمنى أن كان سورياً لما تضمنت من بسالة وبطولة وردع الطائفية والالتفاف على الوحدة والمناداة بالتعددية والديمقراطية ودولة مدنية.
بقي لنا أن نذكر بأن الدولة السورية تتكون من عدة قوميات وطوائف منها ” العربية-الكوردية- التركمانية –الدرزية-المسيحية…..إلخ ” ولكن هناك تعايش بينهم وشارك جميع هذه الطوائف في استقلال سوريا من الاستعمار الفرنسي دون النظر إلى حالة الدين او العرق أو الأمة، همهم هو الحصول على الاستقلالية والحرية والعيش يداً وأهلاً في ظل دولة سوريا واحدة، وبالفعل تحقق الأمر لهم كشعب سوري نال استقلاله من الاستعمار الفرنسي بعد دفع دماء وتضحيات كثيرة من جميع أبناء الوطن الواحد.
ثم تداخل هذا المفهوم مع مفاهيم أخرى فلسفية أو مذهبية أو عرقية ليبين دور الأقلية العددية في المجتمع المنفصل عن دور الأمة التي تعيش ضمنها هذه الأقلية ، فأصبح هذا المفهوم يستخدم بديلاً لمفاهيم : ( الدين ، العِرقْ والملّة ) التي كانت دارجة قبل ذلك .
ورويداً ..
رويداً تغلغل مفهوم ( الطائفية ) في المجتمع كناتج لاختلاط تلك المفاهيم معاً ضمن محيط مؤهب من الناحية الفكرية والسياسية وأصبح يعبر عن حالة الأزمة التي تعيشها بعض المجتمعات ( ومنها العربية ) والانشقاقات والانقسامات التي عانت منها وأصبحت ( الطائفية ) مذهباً و ( إيديولوجية ) وهوية انتماء حلت محل الانتماءات الأعلى وتعالت عليها ، ونشأ الصراع والاقتتال الطائفي وتغلغل في الأوساط الشعبية وعمّ بعض الأقاليم الدولية وتمخض عنه انقسام الطوائف إلى مِلَلٍ ونِحَلٍ متصارعة ، كل مِلّة أو نِحلة ادعت بأنها الفرقة الناجية وأنها هي الفرقة الوحيدة التي تملك الحقيقة .
ومن الوسائل المتبعة التي يقومون بها ” من يروجون للطائفية” استهداف المدنيين عن طريق الكمائن والاغتيالات لأغراض مختلفة أولها الترهيب وليس آخرها الإبادة الجماعية.
أما أهم نتائجها هي: غياب الدولة وضعفها و انتشار الميليشيات وانعدام الأمن والسكينة وتعطل مناشط الحياة الاقتصادية والاجتماعية و انهيار خدمات التعليم والصحة والبنى التحتية و وضع المجتمع رهينة للقوى الخارجية سواء كانت دولاً أو هيئات أو منظمات.
هذا طبعاً غير النزوح الجماعي عن مناطق التماس ووقوع الضحايا من كل الأعمار وانتشار العنف والفساد وازدهار تجارة السلاح ونقص الغذاء والدواء.
ومنذ بدء الثورة السورية كان ما يصيب جسد سوريا وثورتها من عمليات عنف من قبل النظام نفسه المدرع بكافة أنواع الأسلحة لمواجهة صدور عازلة ، و مهاجمة الأحياء التي لا تكف بالمطالبة بالحرية ” حي بابا عمر- الخالدية” في حمص وغيرها من المحافظات والمدن المنتفضة فهي تستهدف المواطنين والعزل “أطفال-نساء-شيوخ-شباب”،ولا تكف عن عملياتها العسكرية المكثفة ضد المدن الثائرة المطالبة للحرية.
ومنذ البدء أيضاً كان الحراك الشعبي العام في سوريا بشعاراته وجغرافية احتجاجاته موجهاً ضد النظام وحده وليس ضد طائفة معينة ، وبالرغم من أن الجيش السوري يضم في صفوفه قيادات عسكرية من الطائفة العلوية تفوق أعدادهم بقية الطوائف، فان ذلك أمر طبيعي لان النظام وخلال السنوات المنصرمة من هيمنته على المجتمع السوري قد خلق لنفسه جيش عقائدي من أكثر المقربين له من عائلته ومن لف لفهم ممن تجعهم مصالح مشتركة لبقاء النظام وديمومته كحاكم مطلق لسوريا، وعلينا أن لا ننسى بان الجيش السوري “العرمرم “الذي يقتل الشعب الثائر بكل وحشية لا يزال يضم ضباط وجنود من طوائف أخرى غير العلوية، بالطبع هؤلاء المستمرون في صفوف الجيش بينهم من استفاد من طول عمر النظام ومنهم من بقي تحت الاحتفاظ الجبري في الجيش وممنوع عليه المغادرة، وان حاول الهرب تم قنصه لتتهم جماعات مسلحة باغتياله، حسب الروايات الرسمية للإعلام والسلطة السورية.
جميع مؤشرات الثورة السورية تفيد بأن الشعب السوري يقف في وجه ما يروجه النظام ويفتعله من إثارة الفتن، وهذا يبدوا جلياً في نقاط التظاهر التي تزداد أعدادها يوم بعد آخر، محولين شعاراتهم إلى أغاني تنطق بها حناجر الأطفال من أقصى جنوبها إلى شمالها، هذا عدا عن مفاهيم الحداثة التي تصبغ بها الفكر السوري ، من أيمانهم بالديمقراطية والعلمانية، هاتين النظرتين التي تنادي بها بأن التخلص من ركام الماضي “الطائفية” والسعي نحو الديمقراطية التي تبني ولا تهدم وتصون ولا تبدد ، وتوفر لجميع الشعب الحرية والعدالة والمساواة والمشاركة الفعالة في تقرير شأنهم العام.
والعلمانية تنطلق من نفس الأسس وهو مطلب شعبي وخاصة للأقليات التي تسعى إلى خلق حالة الألفة وإشاعة الديمقراطية والمواطنة وأنها المساواة التامة بين الجميع أمام القانون، وتعتبر علاقة لتنظيم الأمور بين الدين والدولة الذي يعني حياد الدولة ومؤسساتها تجاه الأديان والعقائد، كما تضمن عدم تدخل الدولة في النقاشات الدينية ، والأهم من ذلك عدم استخدامها الدين للتغطية على اختياراتها وممارساتها السياسية إن كانت صائبة أو خاطئة ، وفي ظلها فقط ينعتق المواطن من عقليته الطائفية.
وهذه الأمور متوفرة بين طبقات الشعب السوري وهم ينشدون لها منذ زمن وبالأخص في هذه المرحلة الحساسة من عمر الثورة السورية،وهي تقترب من سنتها الأولى وهي تضرب أروع الأمثال في ثورتهم ،فما سمع وتابع إنسان ثورتهم لتمنى أن كان سورياً لما تضمنت من بسالة وبطولة وردع الطائفية والالتفاف على الوحدة والمناداة بالتعددية والديمقراطية ودولة مدنية.
بقي لنا أن نذكر بأن الدولة السورية تتكون من عدة قوميات وطوائف منها ” العربية-الكوردية- التركمانية –الدرزية-المسيحية…..إلخ ” ولكن هناك تعايش بينهم وشارك جميع هذه الطوائف في استقلال سوريا من الاستعمار الفرنسي دون النظر إلى حالة الدين او العرق أو الأمة، همهم هو الحصول على الاستقلالية والحرية والعيش يداً وأهلاً في ظل دولة سوريا واحدة، وبالفعل تحقق الأمر لهم كشعب سوري نال استقلاله من الاستعمار الفرنسي بعد دفع دماء وتضحيات كثيرة من جميع أبناء الوطن الواحد.
كاتب كوردي سوري
٭مفهوم الطائفية ومدخلاتها “مجلة همس النوافذ مقال للكاتب لؤي كامل ” العدد 012 تحت عنوان “الطائفية والمجتمع المدني الديمقراطي والعلماني”
٭الديمقراطية والعلمانية – نفس المصدر