الرئيس مسعود البارزاني يطالب الأكراد بوحدة الصف

شهاب عبدكي

في الكلمة التي ألقاها الرئيس مسعود البارزاني رئيس إقليم كوردستان العراق للسادة المؤتمرين كافة , تبين موقفه الحريص على وحدة الصف الكوردي في الابتعاد عن الحالة الحزبية الضيقة والتي لا تخدم القضية الكوردية :

(عليكم الابتعاد عن التكور الحزبي والتفكير بشكل قومي بالأخص في هذه المرحلة الحساسة، قوتكم في وحدتكم لمواجهة التغيرات المستقبلية، أحترم جميع الأحزاب وأحترم تطلعاتهم ولكنني ضد الدعاية لأي حزب كان في المرحلة الراهنة من ثورتكم في سوريا، ونحن على يقين بأنكم سوف تكملون رسالتكم التي حضرتم من أجلها وهي وحدة الصف والكلمة الكوردية في سوريا.

 

نقدر جداً هذا الحس المسئول من رجل عرف مرارة الانشقاق في تاريخه النضالي حتى تأكدت لديه القناعة بأن ترتيب البيت الداخلي من أهم دعائم حل القضية الكوردية ، فأغلب الأحزاب تعلم بأن اغلب المثقفين والسياسيين المستقلين البعيدين عن حب الظهور طالبوا منذ بداية الثورة بترتيب هذا البيت ،  حتى يكون للأكراد مكانة سياسية في سوريا المستقبل .
لم تستطع الأحزاب التقليدية أن تتخلص من هواجس الماضي والذي بدأ يورثه للجيل الجديد عبر سلسلة من الصراعات المفتعلة بغية المحافظة على بعض الامتيازات الحزبية أو الشخصية ، والسيد مسعود يدرك هذه الأمور جيداً ، وكأنه يعيش في الوسط السياسي الكوردي السوري ، لذلك أتت نصائحه في غاية الأهمية وأعطت ارتياحاً عاماً في الوسط الكوردي ، الذي كان يخشى من الانقسام الحاد بعد هذا المؤتمر في ظل إقليم كوردستان ، ونعتقد أن الوقت لم يفت بعد على تنفيذ مطالبه أو دعوته في التحضير الجيد للمعركة السياسية التي تنتظرنا في الأيام القادمة من الأطياف الإسلامية أو حتى من بعض القوميين , تريد منذ اللحظة أن تصادر الحريات عبر توزيع الهدايا حسب قناعتها ، دون توافق وطني شامل على دولة مدنية لا تهمش فيها خصوصية أي مكون في هذا البلد المتعدد الأطياف .
وحتى يتخلص المجلس الوطني الكوردي من الشكلية عليه البدء في توزيع الأدوار بشكل منسق وجدي وليس الطعن في كل تصريح أو لقاء ، والعمل على إيجاد صيغة توافقية جامعة للكل دون إقصاء ، فالمجلس خطوة مهمة في تاريخنا النضالي ولكنه ليس غاية بحد ذاته ، بل وسيلة لتنفيذ مقررات المؤتمر لتحقيق آمال الشعب الكوردي في سوريا ، فنحن بحاجة إلى خطاب عقلاني سياسي مدروس من كل جوانبه ، لا يحرج سياسياً مفاوضاً أو محاوراً في مكان ما ،  و بالتالي قطع العلاقة مع الضبابية في دراسة الواقع الكوردي ومطاليبه المشروعة وأن يكون مستنده في ذلك الشرعية الدولية والمواثيق المتعلقة بها  .
مضمون حل قضيتنا أولاً وأخيراً هي عدالتها وشرعيهتا وحتى يتم إقناع الآخرين بهذه الأمور نحتاج إلى زخم إعلامي وسياسي كوردي متحرر من  العقلية الحزبية والانفتاح على كل ما يجري عبر مؤسسات إستراتجية كوردية مهمتها التواصل والعمل مع محيطه العربي والإقليمي والدولي لفتح الطريق أما السياسيين حتى يكونوا على دراية بكل التفاصيل السياسية .


وإذا نظرنا من هذا السياق لابد من إعادة النظر في كثير من تحركاتنا السياسية والتنظيمية وعلى الأحزاب المتشابهة أن تنظم أنفسها في تنظيم واحد فاسم سكرتير لمجموعة صغيرة لا يعطي معنىً حقيقياً لهذه التسمية ، بل هو مجرد اسم خالٍ من المضمون ، وهذا انطباع عام وليس شخصي ، فنمط التفكير في البروز الشخصي يضعف من وجود القضية وشرعيتها ، وبالتالي تؤثر سلباً على دور هذه الشخصيات في المحافل السياسية العامة ومصداقيتها ، فالدعوة تكتسب شرعيتها من حاملها السياسي والشعبي والتاريخي .
الحركة الكوردية عليها أن تعرف بأن العمل السياسي في الساحة السورية بحاجة لجهود كبيرة وحثيثة ، فهذه الساحة تختلف كلياً عن غيرها لما أنتجته عقود الاستبداد من إنكارٍ وتهميشٍ وفرقةٍ بين مكونات المجتمع السوري ، بالتالي لا يمكن إقناع الآخرين بسهولة ، لأن التغيير قد يساهم في خلق نوع من التعاطي السياسي أكثر انفتاحاً مع الآخر ، ولكن مشوار النضال القومي الكوردي قد يستمر إلى ما بعد ذلك بكثير .
ما جسده الرئيس مسعود البارزاني في كلمته عن الوضع الكوردي في سوريا ، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من قبل الأحزاب ، وأن تحاول  فهم فحواه بدقة وأن يعرفوا أن مصلحة الكورد تكمن في تطبيق ما قاله ، لأنه يلامس الواقع السياسي الكوردي المتشرذم ، والبعيد كل البعد عن الواقعية حتى الآن .

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…