بين غربة وغربة والسجن بينهما !

حواس محمود

عندما شعرت بغربة عن بلدي عندما شعرت أنني محاصر بلقمة عيشي وبمرسوم يمنع عني مهنتي لأمارسها كمهندس وهو المرسوم 49 القاضي بمنع تحويل الملكية الا بقرارات امنية ومع مضايقات أمنية على حرية الكلمة والتعبير ككاتب ومع سماعي لأخبار الاعتقال والفقر والتهميش والاقصاء وشعارات خلبية لا تسمن من جوع ولا تغير من معادلة القمع شيئا رأيت ان أغادر هذا المغترب الى اقليم كان محط طموحات جمة  وقبلة الاحرار لكنني وللاسف  وجدت أنني ذهبت من غربة الى غربة وهنا المفارقة أن يغادر المرء بلده الى بلد يطمح بالحرية والعدالة والترحيب
 وجدت نفسي محاصرا بلقمتي أيضا وجدت أن الأبواب تسد أمامي وجدت أن وجها آخر للاستلاب والتغريب يمارس علي رغم الحريات الشكلية الممنوحة أنه اقليم كوردستان وجدت الامرين عانيت وعانيت حتى محاضرة للأطفال أريد تقديمها لم تتح لي ولا محاضرة بوزارة الثقافة ولا اتحاد الكتاب الكورد ولا من يحزنون أي غربة هذه؟ ، اذن وقعت بين نارين نار الغربة للوطن ونار الغربة للمكان المغترب اليه فجمعت أفكاري وشددت الرحال الى حيث المغترب الأول وهو بلدي القامشلي بسوريا فلم يكن أمامي سوى التوقيف المذل المهين والذهاب الى اقبية الفروع الامنية وكأنني ارتكبت جرما كبيرا رغم أنه من المفترض أن أحترم وأقدر ككاتب وباحث لي اسم ونتاج  في الساحة الثقافة العربية والكردية لكنني عشت ألمي ومعاناتي وأنقطعت عن اطفالي وعائلتي  الذين كانوا يرافقونني في صورة غير معهودة وفي اساءة للوطن الكبير الذي كان يجب أن يتسع للجميع لكنه ضاق علي وجمعت وحشرت بين أصحاب الجرائم والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية وبعض الانحرافات المسلكية كنوع من المساواة بيني وبينهم ورغم انني اقدر أدميتهم وأبرر الكثير منهم مما ارتكبوه بسبب اخفاق سياسات السلطة التنموية والاجتماعية والسيكولوجية الا أن مكاني كان يجب الا يكون هناك بل كان يجب أن أكون محاضرا لهؤلاء خارج السجن في مراكز الدراسات والرعاية الاجتماعية والثقافية  لا أن أحشر بينهم رغم تقديري الكامل لادميتهم مرة أخرى

اكتب هذا المقال اليوم 12 – يناير -2012 لأنه يصادف ذكرى اعتقالي لمدة شهر ونصف من العام الماضي ، تعرفت على الكثير من الفروع الأمنية والسجن والمفارقة أن النتيجة كانت براءتي، اذن من يعوض لي حقي الضائع معنويا وتعرض أطفالي لغياب والدهم  ومعيلهم شهرا ونصف والقلق الذي انتابهم من هول الاعتقال ، والمسؤولية برأيي  تقع على عاتق السلطة السورية  – وسلطة اقليم كوردستان فتصورا يا رعاكم الله ؟!!!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…