البطالة وسط الشباب السوري – الحلقة الأولى

حسان أيو

تشكل شريحة الشباب في سوريا النواة والمرتكز الأساسي في المجتمع، ولأن الشباب هم المحور الأكثر أهمية في الدراسات والأبحاث الاجتماعية، فيجب الوقف مطولاً أمام هذه الشريحة من المجتمع، والتي بيديها الدافع القوي في التعاطي مع العصر وذلك من خلال طاقاتها الإبداعية الموجودة لديها والتي يجب الاستفادة منها والتعاطي معها بطريقة صحية وسليمة، ولأهمية تواجد جيل الشباب الفعال وفعاليتهم في حراك المجتمع في كافة مجالاته، فيجب علينا الدارسة بدقة لما يعانيه الشباب من خلال التقارب إلى هموم هذه الشريحة، كيف يفكر، وما هي الصعوبات التي يمر بها، كيف تعالج تلك الصعوبات، وعلى عاتق المسؤولية التاريخية للمصير الذي يعترضه جيل الشباب، ولهذا فمن الواجب أن نبحث في التفاصيل الدقيقة التي يحيى بها الشاب السوري في حياته اليومية

فمع تزايد العدد السكاني، وتدني فرص العمل في وسط الشباب وما يعانيه من قلة فرص العمل، وتفشي البطالة بشكل مخيف في المجتمع السوري وبالأخص وسط الشباب.

فلذلك يلجئ الشاب السوري إلى العمل بطرق ووسائل غير صحية وإلى الانحراف أيضا وهذا ما يجعل التعاطي مع هذه التفشي للبطالة في وسط الشباب من الأمور القلقة التي تهدد المجتمع دائماً بالانهيار.


إذ يشكل اليافعين والشباب من (10 إلى 24 عاماً) ما يقارب 37.1% من مجموع السكان عام 200، أي ما يزيد على حصة الشريحة العمرية (25 عاماً فما فوق) والمقدرة بـ 36.7% من السكان وإذا اعتبرنا أن مجموع هؤلاء يشكلون قوة العمل في البلاد فإن أكثر من نصف قوة العمل هذه من فئة الأعمار دون الخامسة والعشرين، وهذا ما يعكس فترة الشعب السوري؛ وحسب المسحات التي قام بها المكتب المركزي للإحصاء كانت نسبة العاطلين عن العمل من فئة 15 ـ 24 عاماً تقارب 72.3% من مجموع العاطلين عن العمل أي ما يزيد عن ثلاثة أمثال حصتهم من السكان والمقدرة بـ (22.8%) وما يقارب ضعف حصتهم من قوة العمل؛ أي أن البطالة ليست متحيزة ضد الإناث فقط وإنما هي متحيزة أيضاً ضد الشباب، وحسب المسح متعدد الأغراض لعام 1999 كانت نسبة المتعطلين والذين لم يسبق لهم العمل نحو 83.75% من إجمالي عدد العاطلين عن العمل، مما يؤكد انعدام فرص العمل الجديدة وعدم مواكبة التنمية والنمو الاقتصادي بشكل عام للنمو السكاني وللنمو في قوة العمل.

يتضح من علاقة الارتباط بين معدل النمو السكاني في المحافظات المختلفة ومعدل البطالة في هذه المحافظات؛ أن العلاقة إيجابية 59% على الصعيد الكلي؛ مما يعني أن النمو في السكان وفي قوة العمل لم يترافق بعملية تنمية ملائمة وكافية على صعيد الاقتصاد الوطني؛ ومن هنا كان هذا المعيار هو الأهم بالنسبة للمعايير الأخرى والمبحوثة؛ والتي بينت ضعف ارتباطها.

فجميع الدراسات المسح التي حصلت والإحصائيات بخصوص البطالة في سورية من مكتب مكافحة البطالة وجميع الخطط الموضوعة من قبل السلطات المعنية في أمر البطالة لم تعطي النتيجة التي تثلج القلب فهناك تفاوت بين الأرقام والنسب البطالة في سورية، والفرص العمل التي تناقش لإعطائها للشباب لا تناسب العدد الحقيقي للعاطلة في وسط الشباب، فعلى سبيل المثال عندما تعرض فرصة عمل من قبل الجهات المعنية بمكافحة البطالة ويطلب مثلاً خمسون طالب خريج جامعة للمسابقة للوظيفة في سلك التدريس في محافظة لا على التعين في سورية، يتقدم لهذه المسابقة ثلاثة ألف خريج جامعي، هذا الرقم المتقدم للمسابقة يبث الرعب في الداخل ويعطي جواباً للتفاوت بين تلك الأرقام المقدمة عن البطالة وسط الشباب في المجتمع السوري، ويشكل إحدى معيقات التطور الأساسية في المجتمع السوري

المصادر

1- [1] مصدر إنتاج مسح سوق العمل لعام 1995 في الجمهورية العربية السورية ـ المكتب المركزي للإحصاء 1996.

[2] مصدر: مسح سوق العمل لعام 1995 في الجمهورية العربية السورية ـ المكتب المركزي للإحصاء 1996 الجزء الثالث من التقرير ص33.

3-مقالة الدكتور د.

نبيل مرزوق ( باحث اقتصادي)

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   لطالما كان الكرد جزءًا لا يتجزأ من النسيج السوري، حيث ساهموا بفعالية في مختلف مفاصل الدولة منذ تأسيسها، فقد تقلد العديد منهم مناصب رفيعة، بما في ذلك الرئاسة، ورئاسة الحكومة، الوزارات، رئاسة الأركان التي كان أول من تولاها كردي، حتى صعود التيارات القوموية العروبوية الناصرية والبعثية، التي سعت إلى تهميش الكرد وتذويب هويتهم. ورغم ظروف القمع، لم…

كفاح محمود   ربما كانت الإذاعة الألمانية في عهد زعيم ألمانيا النازية، أدولف هتلر، هي النموذج الأول للضجيج الإعلامي وصناعة الأوهام، من خلال عمليات غسل الأدمغة وتسطيح الرأي العام، حيث تبلورت تلك الصناعة في مقولة وزير الدعاية النازية، جوزيف غوبلز: «اكذب حتى تصدق نفسك.» ومنذ ذلك الحين، تكاثرت «إذاعة برلين» في عواصم الشرق الأوسط، إذ وجدت بيضها مفرّخًا في شتى…

يُجدّد تيار مستقبل كردستان سوريا تهنئته لأبناء شعبنا الكردي في سوريا والعالم ، وشعوب المنطقة كافةً، بمناسبة حلول عيد نوروز المجيد، رمز التجدّد والحرية والانبعاث . لقد شهد نوروز هذا العام (٢٠٢٥ /٢٧٢٥ ك) زخماً احتفالياً استثنائياً، تجلّى في مشاركة واسعة شملت مدناً سورية عديدةً ، من دمشق وحلب واللاذقية والسويداء وحماة، إلى المدن الكردية مثل عفرين وكوباني وديريك، في…

ابراهيم محمود* تعتمد هذه الشعوب وجماعاتها المختلفة إثنيات وعقائدَ وعوالم جغرافية، على نقطة إسناد، هي في مقام نخاعها الشوكي، في كيل المديح لها، ورفْعها بأكثر من معنى في مقام “التقديس”، أو ما يكون فطرياً لديها. التاريخ صنيعٌ إنساني، وصانُعه بالمقابل. أن يكون صنيعَه، ذلك يُدخِله في حكْم البداهة. أما أن يكون صانَعه، فهنا “حطَّ الجمال”، إذ يبدأ الاختلاف والتنوع وحتى…