الجامعة العربية والنظام السوري: تفسير الدم بالماء..!

إبراهيم اليوسف

إلى غياث غياث مطر

حاولت جاهداً، أن أخفي موقفي الشخصي، من مقررات الجامعة العربية، بصدد عدوان اللانظام الأمني  الاستبدادي، على الشعب السوري، وذلك من خلال إقناع نفسي بأن الجامعة  ليست “معارضة” أو”طرفاً” ولا “جزءاً من الثورة”، ولذلك، فإنه ليفترض بها  اتخاذ موقف الحياد، مادامت “سلحفاة”نخوتها قد تحركت أخيراً، وإن كنت”أصعق” كغيري أمام سلسلة  الأخطاء الفظيعة التي وقعت فيها -والخطأ هنا سكوت عن الذبح الجماعي- بدءاً من مغازلة “نبيل العربي” لنظام دمشق، المستبيح لدماء أبناء سوريا- في أولى زيارة له إلى  سوريا، وهو الذي جاءت به الثورة المصرية إلى سدة”المسؤولية-وكان من جملة، ما غفرته له أنه جديد على “الكار” من جهة، وإنه –من جهة أخرى- حديث في قراءة أضاليل نظام مخادع،
 يعد حقيقة-أبا للمكر-لا ينافسه أحد البتة، على قصب السبق، في الكذب والتزوير، وكنت أتابع مهزلة”المهل” التي تتناسل، الواحدة منها تلو الأخرى، وكأن أعضاء الجامعة يعيشون “العصر الحجري” ، مادامت  حركاتهم االبطيئة، لا تليق  بمنظر مسيل الدماء السورية المراقة، وهدير الأسلحة الثقيلة،  والمتوسطة، والخفيفة، أرضاً، وجواً، وبحراً، في أمثلة مشخصة، وأمكنة متعددة، ولا تزال حمص التي تصنع ملحمة النصر، تتكبد أرواح بنيها التي تزهق  أمام أعين الملأ، الذي لا يغفر سهوه انتشار وسائل الاتصالات الحديثة، التي توصل “رائحة الدم” إلى أنف كل إنسان، وقد بلغ أعداد شهداء حمص وحدها-في اليوم الذي وافق فيها اللانظام الأمني على قبول ” بروتوكول الجامعة” بعد أن انتهت المهلة المقررة، خمسين شهيداً، ولا جديد في الكلام-هنا- عن معرفة النظام أنه، عبر سياسة خداعه، يطيل من أمد عمره، أسابيع، أو أشهر، كي يرصِّع المهلة قرب المهلة، من دون أن يعني أحداً “القتل الجماعي” للشعب السوري-وها هي حمص تنحر عن بكرة أبيها وجدها- وكأن هناك تواطؤاً متبادلاً بين كلهم، مادام نبيل العربي، يسارر أحد الذين التقوه قائلاً:” سأصارحكم بما هو ليس للنشر، إن سوريا النظام السوري، يستنسخ سياسات إسرائيل، بحذافيرها”**..!.

ولعلَّ الوثيقة التي تمَّ تسريبها، من أحد الشعب الحزبية التابعة لريف دمشق، والتي لابدّ أنها نسخة عن أصل موزًّع على المغسولة أدمغتهم من بيت الفساد والدم، تقضي بتقديم الأكفياء في”بلاغة الكذب” لعرقلة مسار-لجنة المراقبين-في حال قدومهم، لتقديم إفادات ملفقة عن الواقع، وتكذيب القتيل على أنه قاتل، وتبرئة القاتل على أنه قتيل، وهو التفاف- بلغة السياسة، على نصاعة الحقائق الواضحة للعيان، الحقائق التي تفوح منها رائحة دماء السوريين، ونشيش أرواحهم المتلظية في محارق اللانظام وشبيحته، وهو أمر”موقوت” إلى حين، لأن الثورة السلمية التي أشعلها ثوار سوريا، ولا تشبه إلا نفسها، لن تدع الموافقة على “البروتوكول” وفق سوء النية، المبيَّت، أن يفلح، حتى ولو شدَّ من أزره المراقب الروسي الملقًّن بصدى رنين”سبائك الذهب”المهرَّبة، لتقدم لهم رشى، حسب المقامات، وحجم شهادات الزور.


عتوُّ اللانظام بلغ حداً، لا يمكن احتماله، فلم يعد هناك”اعتقال” ورمي للمعتقل في منفردة، أو زنزانة، أو ملعب، بل بات “المعتقل” يقدم للنطع، فتقطع أوصاله إرباً إرباً، ناهيك عن قطع حنجرة المغني، ولسان الشاعر، أوعين “مصور البث المباشر”، بعد أن غدا اقتطاع العضو الذكري فلكلوراً لدى جلاوزة نظام باتت ابتكاراته، في إطراد.

ولعل ابن حمص وحده، قادرعلى كتابة “المجلدات” عما لقيه، ناهيك عن ابن “كفرنبل” أو درعا، أو جسر الشغور، وغيرها من النقاط الأكثرسطوعاً، في خريطة سوريا العظيمة.
إن الجامعة العربية، وكذا مجلس الأمن، ومفوضية حقوق الإنسان، ليست بحاجة إلى معاينة “أرض الواقع” ميدانياً، لأن شباب الثورة الذي هزم “الجيش الإلكتروني” للانظام، كما هزم الدم “جيش الإعلام”” أو الأفاكين”، وكما تهزم الصدور العارية”جيش الشبيحة والأمن”، قدم هذا الشباب “الإفادة” الأكثر وضوحاً، عبر دمائهم التي يطهرون بها أرض سوريا، من درعا إلى عين ديوار، وبات أي “بروتوكول” سوى هذا”البروتوكول” الأعظم، حوشياً، من قبيل “لزوم ما لايلزم”، يريد رادة البراهين  خداع شعوبهم التي تعيش لحظة الدم السوري، بل وقبل ذلك خداع شباب الثورة، على أنهم معه، وهم عارفون في قرارات أنفسهم، أن الروح الآيلة إلى الزهق لا تتقبل أية مهلة، ولوكانت”رمشة عين” لدى حملة النخوة الأصيلة، وإني لأفهم أية قراءة غير هذه تواطؤاً مع القاتل،  وتماهياً معه، وتآمراً على السوري،  دونما أيِّ مسوغ، بل وانتصاراً للقاتل، وشراكة معه في الدم المراق نفسه، ولقد صدق أبناء كفر نبل عندما كتبوا على إحدى لافتاتهم” على سوريا الالتزام بالمبادرة العربية، وإلا فهناك مهلة جديدة،
أجل، إن “ملاحقة الكذَّاب القاتل في سوريا إلى باب داره، ترفٌ فائضُ، لا يتحمله واقع الإنسان السوري، الذي هو أحوج إلى من يعينه قائلاً: إن أفضل بروتوكول مع هذا النظام القاتل، هو أن يرحل حالاً”، لأن الدم الذي يشكل جداول تسيل في كل مكان، لا تفسير آخر لها، سوى أن هناك قاتل مجرم، مقابل ضحية، وإن أية قراءة أخرى، هي كذب على التاريخ وطهارة الدم وحركة التاريخ….

في آن، معاً…!.
هوامش وإحالات ومراجع:
*رزق الشهيد غياث مطر بنجل سماه ذووه”غياثاً”
** قالها لي أحد الذين التقوه”من خارج المجلس الوطني السوري”
*** النظام لا نظاماً أينما ورد..
إحالة دموية صغيرة:
-ما الذي يقوله نبيل العربي أمام صرخة تلك الأم التي راحت تصرخ بأعلى صوتها محاولة إيقاظ ابنها من موته…!.
بارقة:
-لعبة تلاميذ أدلب في باحات مدارسهم، هي ترديدهم شعار” حرية للأبد ..غصباً عنك يا أسد..!”
-حول السؤال: لم المزيد من المهل؟”يراجع أعضاء الجامعة العربية واحداً واحداً”
-المقال المقبل إشهدوا إنها” كفر نبل”…!

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…