من أجل توسيع المجلس الوطني الكردي في سوريا

  بقلم: سردار بدرخان

لا شكَّ في أنَّ إقدامَ غالبية أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا بمشاركةٍ من الشخصيات الوطنية المستقلة وتنسيقيات الشباب والمرأة ولجان الدفاع عن حقوق الإنسان، على عقدِ المؤتمر الوطني الكردي الذي طالَ انتظاره في أجواء نصف علنية، وحضور ما يربو عن 250 شخصية سياسية وثقافية واقتصادية من مختلف مناطق الوجود الكردي، في مدينة القامشلي يوم 26/10/2011 ، يعتبر خطوة جريئة وضرورية على الطريق الصحيح بصرف النظر عن الملابسات التنظيمية التي رافقت عمليات الترشيح والتصويت،
 وأن مبادئ مشروع الوثيقة السياسية ومقررات المؤتمر تعدُّ تطوراً نوعياً في الوعي والسياسة الكردية، ومؤشراً واضحاً على قدرة الكرد بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية على تجاوز خلافاتهم عندما يتعلق الأمر بقضية شعبهم الكردي المظلوم، وأنهم يستطيعون بناء أسسٍ متينة لوحدتهم وتلاحمهم وبذل الغالي والنفيس في سبيل حريتهم وكرامتهم، وهذا جانبٌ إيجابي مشرقٌ ومكسبٌ نضالي لشعبنا التواق إلى الحرية والمساواة.

لكن الذي حصلَ قبل عقد المؤتمر من ناحية إصرار البعض على إقصاء الآخر لأسباب خاصة به لا يندرجُ البتة في خانة النضال الوطني الكردي ولا يخدمه بحال من الأحوال، بل يعتبر تصرفاً فوقياً يسيء إلى عملية النضال الديمقراطي السلمي واحترام الرأي الآخر.

وأعتقد بأن موافقة الأحزاب على ذلك القرار (الفيتو) كان قراراً خاطئاً وأساءَ إلى حدٍّ ما لهذا العمل الوطني الكبير الذي انتظره شعبنا طويلاً، وترك فيه ثغرة يجب على الحكماء من أبناء شعبنا السعي لمهمة إصلاحه كي يكتمل هذا العمل ويأخذ الجميع مواقعهم تحت رايته والسير على طريق تحقيق حرية شعبنا وحقوقه القومية المشروعة في إطار وحدة البلاد.
ومن منطلق الحرص على الوليد الجديد وحمايته وتفعيل دوره في الحياة السياسية، يترتب على قيادة المجلس الوطني الكردي التحلي بالمرونة والحكمة خدمةً للهدف النبيل الذي نسعى جميعاً لتحقيقه، والمبادرة السريعة لتوسيع المجلس كي يضم القوى التي بقيت خارجه .
علينا جميعاً، أحزاباً، جماهير وطنية، شباباً، كتاباً ومثقفين..

أن نعيَ بأننا نعيش اليومَ عصراً جديداً يستوجبُ طريقة جديدة من التفكير ونمطاً جديداً من العمل يستند إلى الوضوح والصدق والشفافية ويعتمد على مبدأ ثقافة وسياسة الحوار واحترام حقوق الأقلية، وأن نقتنعَ بأن زمنَ الانقلابات وعقلية الاستئثار بالقرار السياسي من جانب جهة محددة بعينها قد ولّى إلى غير رجعة، وأن سياسة الإقصاء والتهميش هي سياسة ظالمة أياً كان مصدرها ولا يجوز السماح بممارستها بحالٍ من الأحوال.
من جهة أخرى، علينا أن نعترف بأن أحزابنا رغم عثراتها هنا وهناك، وأخطائها وانشقاقاتها عبر العقود الماضية هي جزءٌ من تاريخنا السياسي، وقد قدّمتْ لشعبها حسب معرفتها وظروفها الموضوعية كلَّ ما استطاعت تقديمه، وهي تستحق التقدير والاحترام على نضالاتها وتضحياتها في تلك الأيام حالكة السواد.

يجب على النشء الجديد قراءة تاريخ حركته السياسية بتأنٍ وموضوعية وتشخيص أخطائها للاستفادة منها، وتكييفها مع الظروف المستجدة كي تتحول إلى أدوات فاعلة ومؤثرة ضمن إطار وطني جامع وبرنامج عمل عصري ينظم العلاقة بين أطرافها.

كما ينبغي على قيادات أحزابنا أن تدركَ هي أيضاً بأن جيلاً كردياً جديداً مسلحاً بالعلم والمعرفة والثقافة قد دخلَ الساحة السياسية، ويتمتع هذا الجيل بقدرة كبيرة على التحليل والتفاعل مع المعطيات الجديدة وثورة التقانة ، ويستطيع أن يقدِّم الكثير لخدمة شعبه، ولا يمكن التعاطي معه بعقلية وأساليب العمل التي كانت متبعة قبل ربع قرن من الزمن، ويترتب عليها تفهّمَ هذا الأمر الواقع والاستعداد التام لتقبله، والقدرة على احتضان هذا الجيل النشط والاستفادة من طاقاته الخلاقة لخدمة القضية القومية المشروعة لشعبنا الكردي وخدمة بلدنا سوريا، والكفّ عن وضع العراقيل والموانع المصطنعة أمام توحيد الصفوف ووحدة الكلمة الكردية التي يطالب بها هؤلاء الشباب الذين يدركون جيداً أنه في عصرنا هذا، لا يوجد فيه مكان ولا احترامٌ للضعفاء والمشتتين اليائسين، وأننا بوحدتنا نزداد قوة واحتراماً وتبوأً لمكاننا الطبيعي بين أبناء الوطن وقواه السياسية.
بممارسة المهاترات والسياسات العنفية الاستفزازية والابتعاد عن لغة وثقافة الحوار والتفاهم وقبول المختلف، تزداد الخلافات الكردية عمقاً والتشنجات توتراً، وتعمّ الساحة أجواء المشاحنات والمواقف المسبقة التي كانت سائدة قبل أيام الثورة السلمية ورياح التغيير التي هبَّتْ على شرقنا.


على الشباب من أبنائنا التحلي بالمرونة واليقظة، والإيمان بالتعددية الفكرية والسياسية وتجنب التطرّف في المواقف والرؤى، لأنها تقود في النهاية إلى ما لا يرضي الجميع.
* عن جريدة الوحدة (يكيتي) – العدد (220) تشرين الثاني 2011 

لقراءة مواد الجريدة كاملة انقر هنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…