كنت بحق مشعلاً في حياتك وستبقى مشعلاً بعد رحيلك تنير لنا طريق المستقبل

المحامي مصطفى أوسو*

  نقف اليوم بمزيد من الإجلال والإكبار أمام ذكرى مرور أربعين يوماً على استشهاد المناضل مشعل التمو الناطق الرسمي لتيار المستقبل الكردي في سورية، ففي يوم السابع من تشرين الأول 2011 قامت أجهزة النظام الأمنية القمعية وعناصر الشبيحة التابعين له…، في مدينة قامشلو جهاراً وفي وضح النهار بارتكاب عملية بوليسية إرهابية جبانة وغادرة، أدت إلى استشهاد المناضل مشعل التمو وإصابة  القيادية في تيار المستقبل الكردي زاهدة رشكيلو ونجله مارسيل التمو بجروح بليغة.
  لقد عرف عن الشهيد مشعل التمو، الموقف الراسخ والثابت والجريء والفكر النير الحر والصادق الملتزم بالهموم والقضايا العامة، حيث كرس جل سنوات عمره في النضال من أجل قضية شعبه الكردي ووقف سياسة الاضطهاد القومي والتمييز بحقه وتأمين حقوقه القومية الديمقراطية…، وقضايا الشعب السوري والعمل بدون هوادة لإنهاء حالة القمع والاستبداد والفساد…

  وقد تعرض بسبب مواقفه وآرائه النبيلة والجريئة…، للمضايقة والملاحقة والسجن – حكمت عليه محكمة الجنايات الأولى بدمشق في 11 / 5 / 2009  بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف – ولكن كل ذلك لم تنل من عزيمته وإرادته…، بل زاده قوة وتصميماً على المضي في الطريق الذي خطه لنفسه، فمنذ اليوم الأول لخروجه من السجن في 8 / 6 / 2011 انخرط بقوة وزخم كبيرين في الثورة السورية وفعالياتها المختلفة ميدانياً وسياسياً وإعلامياً…، مطالباً بكل صراحة وشفافية ووضوح إلى العمل بوتائر عالية وتشديد النضال من أجل الحرية والديمقراطية… واسقاط النظام وتأمين البديل الديمقراطي.
  نعم، لقد قامت السلطات السورية باقتراف جريمة الاغتيال الآثمة بحق الشهيد مشعل التمو، لأنه اعتبر نفسه جزءاً لا يتجزأ من الثورة الشعبية السلمية المتفجرة في سورية ضد الظلم والقهر والإذلال وانتهاك الحقوق والحريات وامتهان الكرامة الشخصية…، وعمل في صفوفها الأولى بكل جد ونشاط واقتدار…، ولأنه رأى في هذه الثورة المباركة إيذاناً بدخول سورية عصر جديد، هو عصر الحرية والديمقراطية والمساواة ونبذ العنصرية والتفرقة والتمييز واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية…
  واليوم وبعد مرور أربعين يوماً على اغتيال عميد شهداء الثورة السورية، الشهيد مشعل التمو، فأن الثورة السورية تزداد ثباتاً ورسوخاً وهي في تطور وتصاعد مستمرين وتحرز يوماً بعد يوم المزيد من المكاسب والانتصارات بفضل التضحيات الكبيرة التي قدمها ويقدمها الشعب السوري بقومياته وأديانه وطوائفه… المختلفة، مقابل تعنت السلطة واستخدامها للمزيد من العنف والقوة المفرطة وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين وقتلهم بدم بارد وتصفيتهم، والقيام بالاعتقالات التعسفية وممارسة جميع صنوف وأشكال التعذيب الوحشي بحق المعتقلين، التي أدت إلى العديد من حالات الوفاة بينهم أطفال ونساء وشيوخ…، مما فرضت حالة جديدة على الواقع السوري، وهي ضرورة العمل من أجل بناء الدولة الديمقراطية المدنية التعددية، القائمة على مبادئ الحق والقانون والتداول السلمي للسلطة…، بعد أن أصبح النظام فاقداً تماماً لأية شرعية قانونية ودستورية.


  هي بلا أدنى شك جريمة تندرج في سياق جرائم الاغتيال السياسي بحق المعارضين، وهي مرفوضة ومدانة بجميع الأشكال والمقاييس والأعراف…، وتبرز الوجه السيء والقبيح جداً للسلطات السورية التي لا تقبل بأي شكل من أشكال الرأي أو الفكر أو العمل…، المخالف لها.
  أن هذه المناسبة، مرور أربعين يوماً على اغتيال الشهيد مشعل، ليست مناسبة للعزاء فمشعل الذي كان مشعلاً في حياته سيبقى مشعلاً كذلك بعد رحيله ينير لنا طريق المستقبل.
  نعاهدك يا مشعل بإننا سنبقى على العهد باقون، عهد العمل والنضال دون كلل أو ملل حتى انتصار الثورة السورية وتحقيق أهدافها في الحرية والانعتاق وبناء سوريا الخالية من القمع والاستبداد والاضطهاد والتمييز…، سوريا القائمة على مبادىء التعاون والتسامح والإخاء والتعدد القومي والديني والطائفي…
المجد والخلود للشهيد مشعل التمو
الخزي والعار لسياسة القتل والاغتيال والتدمير
* عضو اللجنة السياسية لحزب آزادي الكردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يكتسب الخطاب الشعبوي سلطته وسطوته حين يتم استغلاله كأداة لإعادة تشكيل الواقع وفرض رؤية محددة، لتسيدها، بغض النظر عن صحتها أو توافقها مع منطق الواقع. هذا النوع من الخطاب لا يكتفي بتقديم المواقف الخاطئة بوصفها حقائق، بل يتجاوز ذلك إلى تشويه المواقف العقلانية، وتجريم كل من يتبنى رأياً صائباً، في محاولة لترسيخ الوهم وإضعاف كل محاولة للتصحيح. إن…

فرمز حسين ليس سهلاً البقاء في القمة، مقولة سويدية و تعني أن الحفاظ على البقاء في القمة أصعب بكثير من الوصول اليها. هذا المثل ينطبق حرفياً على هيئة تحرير الشام و الفصائل الاسلامية المسلحة الأخرى التي دخلت دمشق منتصرة. الأسد سقط و زمرته بعد ثورة شعبية دامت أكثر من ثلاثة عشر عاماً شارك فيها الأغلبية الساحقة من السوريين مضحّين في…

نظام مير محمدي* لقد أشعل تحرير سوريا الجدل من جديد حول الفرص الضائعة التي أطالت أمد نظام بشار الأسد الوحشي. فقد كشف الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في مقابلة أجريت معه مؤخرا أنه في عام 2013، خطط هو والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون لشن ضربة لزعزعة استقرار الأسد بعد استخدامه للأسلحة الكيميائية. ومع…

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…