ومن المؤمل أن يستوعب المجلس الوطني الكردي المنبثق عن المؤتمر كل الطاقات الكردية الفاعلة على الساحة رغم كل التهويل السلبي من لدن أقلام الأسماء المستعارة، وقبل أن تقعد الهيئة التنفيذية للمؤتمر اجتماعها الأول! بغية الإساءة اليه ووقف عجلة تطوره خدمة لأجندات اخرى ومن المؤكد ان هذا الهجوم المنفعل والمفتعل لايخدم بأي شكل من الأشكال قضية الشعب الكردي، لأن قوة الشعب تكمن عمليا في وحدة حركته السياسية مهما كانت السلبيات التي قد تترافق مع عملية الوحدة هذه.
ولا أذيع سرا بقولي أنه قد انقسم المؤتمرون حول هذه النقطة الجوهرية الى فريقين:
الأول يطالب بالأكتفاء في هذه المرحلة بالصيغة القديمة (الأعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي كقومية ثانية في البلاد ومن ثم إيجاد حل ديمقراطي للقضية الكردية وفق الأعراف والمواثيق الدولية وفي اطار وحدة البلاد) دون أي توضيح لمضمون الحقوق القومية المقصودة في الصيغة المطروحة، أهي حقوق مواطنة مع مراعاة الثقافة الكردية كما تطرحها المعارضة العربية؟ أم المطلوب هو تشكيل كيان سياسي خاص بالكرد؟ وإذا كان كذلك فما نوع هذاالكيان ؟
ـ هل هو الإدارة الذاتية للمنا طق ذات الإغلبية الكردية كما جاء في مشروع الحزب الديمقراطي التقدمي؟ وهو المشروع الوحيد الذي وزع على اعضاء المؤتمرولم يناقش.
ـ أم المقصود هو الحكم الذاتي للمنطقة الكردية؟
ـ أو الفدرالية كما طرحها الفريق الثاني؟
وكما هو معلوم أن صيغة الحقوق المشروعة وفق الأعراف والمواثيق الدولية صيغة فضفاضة وحمالة أوجه ويفترض بأصحاب الطرح توضيحها بكل صراحة كما فعلها التقدمي في الورقة المقدمة ولم يدافع عنها وطلب عرضها للنقاش داخل المؤتمر.
أما الفريق الآخر الذي طرح صيغة الفدرالية كحل للقضية الكردية والمنسجم مع قرار المؤتمر الداعي بلامركزية الدولة ، أي أن تكون سوريا المستقبل دولة اتحادية ـ وكان حزبنا من المؤيدين له ـ فلم يكن يملك مشروعا واضحا حول الفدرالية التي يطالب بها.
ـ هل هي فدرالية المناطق ذات الأغلبية الكردية؟
ـ أم فدرالية دمج المناطق الكردية وإعتبارها دائرة إقليمية واحدة رغم المسافات البعيدة التي تفصل بين المناطق الكردية ؟
ـ أم أنها فدرالية أثنية، أم جغرافية؟؟
وكيف يكون التعامل مع الأقليات العربية والآثورية وغيرها التي تعيش معنا في هذه المناطق؟
هل نفرض عليهم رؤيتنا وكيف يكون موقفنا فيما إذا رفضوا وجهة نظرنا وفق هذاالحل؟ وما مكان الكرد الذين يعيشون في مدينتي حلب ودمشق ويشكلون ما مجموعهم مليون نسمة في هذا الإقليم!؟.
لم تتم مناقشة كل هذه التفاصيل في المؤتمر باستثناء مداخلة العضو (شورش) الذي اشار الى صعوبة تطبيق هذا الطرح في الواقع العملي نتيجة تباعد المسافات بين المناطق الكردية وتداخل المناطق ذات الأغلبية الكردية مع المناطق ذات الأغلبية العربية وخاصة في الجزيرة.
هكذا بقي الموضوع بدون حسم لصالح أي فريق، ومع احتدام النقاش وجد المخرج بإضافة مقولة (حق تقرير المصير) الى الصيغة الأولى كحالة توافقية حيث يجد كل طرف نفسه فيه، ومن المؤكد أن كل طرف سوف يشرح المبدأ وفق رؤيته السياسية الخاصة طالما لم يحسم الموضوع بحيث يقطع الطريق على التفسيرات المتباينة بين جميع الأطراف.
كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي أحدث تقرير لها صدر عام /2007/الدورة/61/ البند /68/ المادة/4/ يفسر حق تقرير المصير للشعوب الأصلية داخل الدولة الواحدة (بالحق بالإستقلال الذاتي أو الحكم الذاتي في المسائل المتصلة بشؤنها الداخلية والمحلية فضلا عن سبل ووسائل تمويل تلك المهام الاستقلالية.) وبالتأكيد تقع مسؤولية مثل هذه التوضيحات على الكوادر القانونية ذات الخبرة في القانون الدولي.
إذا نحن أمام اشكالية كبيرة في الأيام والشهور القادمة مع المعارضة العربية السورية أوالسلطة بعد رحيل النظام واستلام المعارضة السلطة في سوريا.
وسوف نواجه بسؤال كبير وهو:
ـ ما تفسيركم لمقولة حق تقرير المصير في حل القضية الكردية سوريا؟
عندها سوف يبدأ التباين في المواقف من جديد.
لذلك وحتى يبقى المجلس الوطني الكردي المرجعية الأساسية لشعبنا ونعود إليه في فض أي خلاف أوتفسير أي موضوع سياسي قد يعترضنا يتطلب منا جميعا – سياسيين ومثقفين وقانونيين- مناقشة هذا الموضوع بكل هدوء ومسؤولية وصراحة للوصول معا إلى صيغة ترضي شعبنا أولا وتحقق المرونة الكافية للتعامل مع شركائنا العرب والآثوريين والسريان والأقليات الأخرى التي نعيش وإياها في سوريا.
لنرفع معا شعار سوريا وطن الجميع وتتسع للجميع في ظل دولة لامركزية ديمقراطية تعددية مدنية.