المؤتمر الوطني الكردي ـ الحقوق القومية رؤية من الداخل

فؤاد عليكو

يعتبر انعقاد المؤتمر الوطني الكردي انجازا تاريخيا هاما ومحطة مفصلية في تطور الحركة الكردية نحو تمتين الشخصية الكردية المستقلة سياسيا وثقافيا وبلورة القضية الكردية كحق شعب وفق المواثيق الدولية.

ومن المؤمل أن يستوعب المجلس الوطني الكردي المنبثق عن المؤتمر كل الطاقات الكردية الفاعلة على الساحة رغم كل التهويل السلبي من لدن أقلام الأسماء المستعارة، وقبل أن تقعد الهيئة التنفيذية للمؤتمر اجتماعها الأول! بغية الإساءة اليه ووقف عجلة تطوره خدمة لأجندات اخرى ومن المؤكد ان هذا الهجوم المنفعل والمفتعل لايخدم بأي شكل من الأشكال قضية الشعب الكردي، لأن قوة الشعب تكمن عمليا في وحدة حركته السياسية مهما كانت السلبيات التي قد تترافق مع عملية الوحدة هذه.
 على الرغم من وقوف المؤتمرعلى الكثير من القضايا الجوهرية التي تهم الشارع الكردي اليوم، واتخذت بشأنها قرارات هامة وصائبة كالتعامل مع المعارضة السورية ككتلة كردية موحدة، ودعم وتبني الحراك الشبابي واعتباره جزء من الثورة السورية واعتبار اللامركزية السياسية الحل الأمثل لسوريا المستقبل، إلا أن ماكان ملفتا للنظر هو افتقار الحركة الكردية في مؤتمرها إلى رؤية سياسية واضحة بشأن حل القضية الكردية في سوريا رغم استحواذ النقاش في هذا الموضوع على الجزء الأكبر من الوقت.

ولا أذيع سرا بقولي أنه  قد انقسم المؤتمرون حول هذه النقطة الجوهرية الى فريقين:
الأول يطالب بالأكتفاء في هذه المرحلة بالصيغة القديمة (الأعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي كقومية ثانية في البلاد ومن ثم إيجاد حل ديمقراطي للقضية الكردية  وفق الأعراف والمواثيق الدولية وفي اطار وحدة البلاد) دون أي توضيح لمضمون الحقوق القومية المقصودة في الصيغة المطروحة، أهي حقوق مواطنة مع مراعاة الثقافة الكردية كما تطرحها المعارضة العربية؟ أم المطلوب هو تشكيل كيان سياسي خاص بالكرد؟ وإذا كان كذلك فما نوع هذاالكيان ؟
ـ هل هو الإدارة الذاتية للمنا طق ذات الإغلبية الكردية كما جاء في مشروع الحزب الديمقراطي التقدمي؟ وهو المشروع الوحيد الذي وزع على اعضاء المؤتمرولم يناقش.
 ـ أم المقصود هو الحكم الذاتي للمنطقة الكردية؟
ـ أو الفدرالية كما طرحها الفريق الثاني؟
وكما هو معلوم أن صيغة الحقوق المشروعة وفق الأعراف والمواثيق الدولية صيغة فضفاضة وحمالة أوجه ويفترض بأصحاب الطرح توضيحها بكل صراحة كما فعلها التقدمي في الورقة المقدمة ولم يدافع عنها وطلب عرضها للنقاش داخل المؤتمر.
أما الفريق الآخر الذي طرح صيغة الفدرالية كحل للقضية الكردية والمنسجم مع قرار المؤتمر الداعي بلامركزية الدولة ، أي أن تكون سوريا المستقبل دولة اتحادية ـ  وكان حزبنا من المؤيدين له ـ  فلم يكن يملك مشروعا واضحا حول الفدرالية التي يطالب بها.
ـ هل هي فدرالية المناطق ذات الأغلبية الكردية؟
ـ أم فدرالية دمج المناطق الكردية وإعتبارها دائرة إقليمية واحدة رغم المسافات البعيدة التي تفصل بين المناطق الكردية ؟
ـ أم أنها فدرالية أثنية، أم جغرافية؟؟
وكيف يكون التعامل مع الأقليات العربية والآثورية وغيرها التي تعيش معنا في هذه المناطق؟
هل نفرض عليهم رؤيتنا وكيف يكون موقفنا فيما إذا رفضوا وجهة نظرنا وفق هذاالحل؟ وما مكان الكرد الذين يعيشون في مدينتي حلب ودمشق ويشكلون ما مجموعهم مليون نسمة في هذا الإقليم!؟.


لم تتم مناقشة كل هذه التفاصيل في المؤتمر باستثناء مداخلة العضو (شورش) الذي اشار الى صعوبة تطبيق هذا الطرح في الواقع العملي نتيجة تباعد المسافات بين المناطق الكردية وتداخل المناطق ذات الأغلبية الكردية مع المناطق ذات الأغلبية العربية وخاصة في الجزيرة.
هكذا بقي الموضوع بدون حسم لصالح أي فريق، ومع احتدام النقاش وجد المخرج بإضافة مقولة (حق تقرير المصير) الى الصيغة الأولى كحالة توافقية حيث يجد كل طرف نفسه فيه، ومن المؤكد أن كل طرف سوف يشرح المبدأ وفق رؤيته السياسية الخاصة طالما لم يحسم الموضوع بحيث يقطع الطريق على التفسيرات المتباينة بين جميع الأطراف.
كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي أحدث تقرير لها صدر عام /2007/الدورة/61/ البند /68/ المادة/4/ يفسر حق تقرير المصير للشعوب الأصلية داخل الدولة الواحدة  (بالحق بالإستقلال الذاتي  أو الحكم الذاتي في المسائل المتصلة بشؤنها الداخلية والمحلية فضلا عن سبل ووسائل تمويل تلك المهام الاستقلالية.) وبالتأكيد تقع مسؤولية مثل هذه التوضيحات على الكوادر القانونية ذات الخبرة في القانون الدولي.
إذا نحن أمام اشكالية كبيرة في الأيام والشهور القادمة مع المعارضة العربية السورية  أوالسلطة بعد رحيل النظام واستلام المعارضة السلطة في سوريا.
 وسوف نواجه بسؤال كبير وهو:
 ـ ما تفسيركم لمقولة حق تقرير المصير في حل القضية الكردية سوريا؟
عندها سوف يبدأ التباين في المواقف من جديد.

لذلك وحتى يبقى المجلس الوطني الكردي المرجعية الأساسية لشعبنا ونعود إليه في فض أي خلاف أوتفسير أي موضوع سياسي قد يعترضنا يتطلب منا جميعا – سياسيين ومثقفين وقانونيين- مناقشة هذا الموضوع بكل هدوء ومسؤولية وصراحة للوصول معا إلى صيغة ترضي شعبنا أولا وتحقق المرونة الكافية للتعامل مع شركائنا العرب والآثوريين والسريان والأقليات الأخرى التي نعيش وإياها في سوريا.
لنرفع معا شعار سوريا وطن الجميع وتتسع للجميع في ظل دولة لامركزية ديمقراطية تعددية مدنية.

في 8/11/2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…