ولنا كلمة ..

روني علي

نحن في زمنٍ تتسع فيه زاوية الرؤية..

في زمنٍ يمكننا أن نرى أكثر مما يُرى – هذا لمن يمتلك حاسة الرؤية وبصيرتها – يمكننا أن نرى الترنح والتخبط، الهبوط والسقوط .

أن نرى القاع والعلياء وشقوق الجداران وما تحويه..

وبحث البعض عن المواقع..

نرى التشدد والانزلاق ..

الصمت وزوبعة الصرخات وما بينهما..

نرى تلك الشعرة الفاصلة بين هذا وذاك، والمجدولة من الكلمات، الكلمات ولا سواها، وفن التلاعب بها واللعب عليها، وما إن مُسحت أو محيت، انهارت الجدران والمتاريس، وكانت الحقيقة ..

وما أدراك ما الحقيقة ..

نحن في زمن أضحى النفاق فيه واجباً، والعبودية طوعاً، وتجاوز الذات بقيَمها وقيمتها وإنسانيتها، ومرغها وعجنها بكل أنواع الرذائل نضالاً وتضحية ..

في زمنٍ قاماتها الباسقة تنحني، وهاماتها تطأطأ، والوجوه الممكيجة تفقد رونق جمالها، بل والدخول في نسق القافلة التي تنقاد بحكم الغريزة – غريزة القطيع – عنواناً، لا بل حذف الذات وترتيبها في جدول الأرقام واقعاً وحقيقة ..

في زمنٍ أفرزت الصراعات والحضارات ..

الحروب والإنكسارات، أشكالاً من التصارع .

أفرز شرقاً موسوماً بسطحية تفكيره وسذاجة فكره، وحامله الاجتماعي المستمد من طاعة أولياء الأمر .

وغرباً أكثر انفتاحاً وإن كان على حساب الدماء والدموع ..!! شرقاً تتزاحم  فيه المناسبات ..

الاحتفال بالنجوم والنياشين، ميلاد القائد وتنصيبه وانتصاراته، بقادسياته وحطينياته – وما أكثرها – ..

شرقاً يهلل لاحتفالات الزنازين، ويرقص على أنغام السوط، عند إقلاع بساط الريح وسماع موسيقا السلاسل، وينتشي لولادة كل سادي جديد، حتى أضحت مجتمعاتها موسومة بالمازوشية..

!! ؟ .
في قلب شرقنا، في ميزوبوتاميانا، نطرب على أصداء كل موقف أو قرار أو اختلاقٍ جديد ..

ولا يهمنا إن كان يخلقنا أو يعدمنا ..

نلعب على درجات تاريخنا ونلهو، بل ونهلوس أحياناً ..

ولا يهمنا في ذلك أيضاً إن كنا من ذلك التاريخ، أو ندرك حقيقته، إن كنا نجيد قراءته..

بقدر ما يهمنا أن نتشبث به بأيدينا وأسناننا ..

حتى لو قادنا كل هذا إلى أن نلعب على حافة قبورنا، بل على أشلاء عقولنا..

المهم لنا أن نخطب ونسن القوانين ونرتجل القرارات..

لأننا مصابون بداء لا دواء له إلا عند أولياء الأمر، وحتى نمتلكه، ما علينا إلا القيام بالواجبات والخدمات، وما يهمنا إن هلوسنا أو حُط بنا في أسفل السافلين..

وما عليك أنت  أيها الميزوبوتامي إلا أن ترقص وتهلل لأولياء الأمر وتصفق إلى الأبد، حتى لو طلب منك أن تخلع عن نفسك كل ما يمت إلى الفكر والتفكير والرأي والكيان بصلة .

لأنك تدرك جيداً أن الفاصل بين الجنة والنار يقف عند طاعة هؤلاء الأولياء ..

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…