استهلالاً ، أؤكد أنني من هؤلاء الذين لا يتشفّون حتى بموت العدو ، وإن عينيّ لا تتحملان مجرّد النظر حتّى في – وجه قاتل أبي – وهو يلاقي مصيره الطبيعيّ على يد المحكمة العادلة ، سجناً ، أو إعداماً بالرصاص ، وإن كنت كأيّ امرىء يزعم حمل راية الدفاع عن الإنسان ، أياً كان ، أرى ضرورة أن يأخذ القضاء مجراه، إزاء أية جريمة،أو مجرم ، أياً كان لونه ، ولغته ،وهويته ، وانتماؤه ، وهو ما جعلني أتلقى بمثل هذه الروح القرار الذي أصدرته المحكمة القضائية العراقية صباح هذا اليوم 5-11-2006-وهو يوم ترك وشمه على قلبي، وروحي
منذ سنوات، حين منيت فيه برحيل أبي ، معلمي الأول ، الذي علمني كيف أرفض الظلم ، وكيف أبصق في صورة مجرم من طراز صدام حسين ,وسواه ،بل هو في مثل هذا اليوم عينه , تمّ توقيفي قبل سنين , ولأول مرة في حياتي في “نظارة” سجن مدينتي، بسبب اعتداء أحد مخبريّ الحي , وهو- بالمناسبة- يعيش في أوربا ,وممن غزوا المدينة من االطارئين على أهليها أجمعين، ولعلّه قدّم نفسه- هناك- لاجئاً مضطهداً في مسقط رأسه, مع أنه كان عين الجهات الأمنية, كما يعرف ذلك أهل الحي ….؟ لا بأس , وبعيداً عن الاستطراد الجاحظيّ , إن إصدار حكم الإعدام بحقّّ الدكتاتور صدام حسين ,وحفنة من أعوانه , وبعيدا ًعن لغة التشفي – حتى بحق عصابة من المارقين , لمّا يزل هناك – للأسف – من يدافع عن وجهة (( نظرهم !)) الدموية , ويترجمها تفجيرات، وعبوات ناسفة, ودماراً، وزهقاً للأرواح البريئة , وسفكاً للدماء , وتيتيماً وترميلاً , وشقاء إنسانياً ،صارخاً ,ولطخة عار على جبين حملة ذلك (( الفكر)) ( الكفر) أياً كانوا ….! لن أتعامل- هنا- مع قرار الحكم من خلال تناوله لوحوش آدمية ، ضارية ،مارست كلّ ما يمكن من عهر واستبداد و امتصاص دماء , نزولاً عند شهوتها الدموية المزرية ،القابلة للعدوى , ضمن ثقافة وأمد محددين ، بل أريد الذهاب أبعد، لتناول الاستبداد ، خارج مهاده المشخصن في مخيلاتنا جميعاً، في مثل هذه اللحظة التي راح ذوو الشهداء الذين قضوا على أيدي صدام وزبانيته ،يبتهجون في كافة أنحاء المعمورة،لانتصار الحقّ على الظلم وسقوط بعض أعتى رموز الاستبداد في العالم طراً…..! ثمة حقيقة صاعقة,لابدّ من أن أقولها , وهي : إن زمان الاستبداد قد ولّى ,وهو وعيد وإنذار واضحان،في حدود دائرة صوتي ، وما نجد من مظاهر ومحاولات لإعادة دورة الاستبداد المقيتة إلى أول شبابها , هراء محض , مهما حاول حماته – على اختلاف مواقعهم، وعناوينهم، في خريطة الإرهاب , لإشعال الفتن، والمؤامرات ،والدسائس ،والقتال على مسارح الأغيار لإطالة أعمارهم , وهو تحديداً، ما حدا بي أن اكتب عن الإعدام الرمزيّ لهؤلاء أجمعين , على اختلاف مللهم ونحلهم , وألوانهم , وعناوينهم ومذاهبهم , وأديانهم , وكلّ هذه المعالم لا علاقة لهم بها , إذ أنهم جميعاً لينضوون تحت راية لواء الإرهاب، والاستبداد، والجور، والقمع ,وولغ الدم ،وانتهاك الكرامات والحرمات ، وكلّ هذه الصفات لتمتّ بصلة رحم وقربى لبعضها بعضاً، مادام أن لكل ّ هؤلاء فلسفة واحدة ، حتى وإن اختفى، وتمترس بعضهم وراء شعارات براقة ,كاذبة – يعبر عنها صدام ومحاموه في مرافعاتهم ويمثلها سواهم في الشارع- وهي لتلتبس على أسرى ثقافة السذاجة, والعصبية العمياء , بدعوى مقاومة الاحتلال , مادام هؤلاء أساطين للاحتلال ,ذاته ، الذي كان بوابة للتحرير , وإرساء أول مشروع ديمقراطي في المنطقة , يحرص حماة الاستبداد على إفشاله , من خلال النظر إلى المعادلة المعقدة : الوطن- أمريكا – صدام – إرهاب – من خلال زاوية خاصة,بما يدعو بعضهم للتمادي إلى درجة التباكي على عهد الدكتاتور , والترويج لثقافة ابتلاع حقّ الآخر , من خلال شعار معاداة كل ما ينجز تحت هيمنة الاحتلال الزائل ,لامحالة، وإن كان ذلك الحكم العادل وهو في نظري الإعدام المعنوي – لعصابة صدام, وغيرهم الآلاف” ” من الطلقاء في العراق ,ممن لم تتم تسميتهم ، وهم شركاء الجريمة، ولابد من فضحهم ،في أقل تقدير ،وإن كان من مصلحة العراق، كاملاً، اهتبال فرصة الوئام , “عراقياً”، بعيداً عن ثقافة سفك الدماء ,وإلغاء الآخر ,التي ولدت في مختبرات عفلق، وأيتامه الأنجاس , ممن سقطت آخر ورقة توت عن عريّهم المفضوح ,مهما نظّروا لثقافتهم الزائفة- هذه، التي لا يزال ـ أخوبطة- ينطلق منها , متوهماً مرة أخرى، مقدرته على قيادة” العالم” من حفرته ما قبل الأخيرة ,مرسلاً رسائله التي لن تجدي، أمام رسالة الحق في لحظة زهق الباطل ، وهي حفرة فكر، ومرحلة،حيث راح وهو يتلقى خلاصة قرار القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن – يالدلالات اسم هذا الكردي الحلبجاوي عربياً! – وهو مرتعد الأوصال , كهرّ مذعور , ليحوّل هزيمة فكره، وشخصه، ومرحلته ، إلى “نصرمبين”، بعد أن خذلته آيات الذكر الحكيم،البريئة منه، من خلال التلفظ بعبارة مثل: عاش الشعب – عاش العراق العظيم – الله اكبر – التي نقولها ,عالياً من قلوبنا، ولكن بأفواه نظيفة,غير مدنسة-أجل، عاش العراق، وأهله ،وهنيئاً لهم قرار القصاص- وهو المعنوي عندي هنا- ولا نامت أعين الجبناء……..!