بهلوانيات إعلامية!؟

كفاح محمود كريم
 

    نتذكر جميعا تلك البهلوانيات الإعلامية التي كان يطلقها وزير الخارجية العراقي السابق والأسبق* وهم يتحدثون عن التحالف الدولي ضد نظامهم، ولعل كبيرهم الذي علمهم السحر حينما كان يرفع تلك الشعارات الطنانة ذات الإيقاع التخديري تارة والبدوي تارة أخرى، ابتداءً من حرق نصف إسرائيل، وانتهاءً بأسوار بغداد التي سينتحر عندها الأمريكان وغيرهم، أو ما كان يرسله الصحاف من بالونات وفقاعات في تصريحاته اليومية إبان الحرب، وهو يتحدث ناطقا رسميا عن نظامه المتهرئ المتهالك!؟
    تذكرت كل هذه الهرطقات والسوبرمانيات الفارغة أيام ما كان القذافي يتنقل من زنقة الى أخرى وهو يطارد الجرذان فإذ به يختبئ كصاحبه في حفرة أو أنبوب تحت الأرض، وهو ما يزال يصرخ بالملايين التي ستخرج لتحرر ليبيا من شعبها!؟

    ويبدو والعلم عند الله ان هذا النوع من الرؤساء، تطور وتناسل من أصل واحد، أو متشابه حد التطابق في تركيب كروموسوماته وخلايا تفكيره وزوايا نظره، أو ربما أنهم خريجو نفس المدرسة الدكتاتورية المسطحة ذات البعد والعين الواحدة، فهم متشابهون حد التطابق وكأنهم توائم سياميون في أشكالهم وتصرفاتهم، فقد اثبت لنا وزير خارجية سوريا انتمائه لذات الصنف الدموي أو الحامض النووي لفئة السوبرمانيين، حينما الغى بجرة قلم قارة اوربا بمن فيها من الخارطة المعتمدة في بلاده، وأعقبه رئيسه الذي هدد العالم بزلزال يحرق الشرق الأوسط لو جرى شيء لنظامه؟

    والمشكلة العويصة؛ انه بالتأكيد رأى واستمع جيدا الى صدام حسين ومعمر القذافي وحسني مبارك وزين العابدين وعلي عبدالله صالح، بل انه من مفارقات الأقدار قد أرسل ذات يوم رسالة الى صدام حسين، يترجاه فيها وينصحه قبل أن يضربه الزلزال الذي احرقه ونظامه وحتى بلاده؟

    فما أشبه اليوم بالبارحة، وهؤلاء يشهدون بأم أعينهم زوال ملكهم وزعاماتهم وسقوط نموذجهم المتخلف في السياسة والإدارة والاقتصاد، بعد ان تسببوا في تدمير بلدانهم وشعوبهم، وهم جميعا قد شهدوا نهاية صدام حسين ونظامه، بل ان احدهم حذرهم في احد مؤتمراتهم الطاووسية من ان نهايتهم جميعا ستكون كنهاية صدام حسين، والغريب انه كان أولهم الذي انتهى الى أبشع ما انتهى اليه الأول؟

    هل ان تصريح الأسد الابن ووزير خارجيته إشارة لبداية سقوطهم كما حصل مع نظام صدام حسين والقذافي وقبله حسني مبارك وزين العابدين!؟

    الأيام القادمة حبلى بالأحداث، ولكن بالتأكيد لن يكون هناك زلزال يحرق احد غير نظامهم، كما لم تكن في طرابلس وسرت إلا تلك النهاية المقززة، وفي بغداد لم تكن هناك أسوار إلا تلك التي شهدت انهيار نظامهم المهين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
 * طارق عزيز ومحمد سعيد الصحاف.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   في دهاليز السلطة، حيث تتهامس الأقدار وتتصارع الإرادات، تُحاك خيوط اللعبة السياسية ببراعة الحكّاء الذي يعيد سرد المأساة ذاتها بلغة جديدة. تُشبه تركيا اليوم مسرحًا تراجيديًا تُعاد كتابة فصوله بأقلام القوة الغاشمة، حيث تُختزل الديمقراطية إلى مجرد ظلٍّ يلوح في خطابٍ مُزيّف، بينما تُحضَر في الخفاء عُدّة القمع بأدواتٍ قانونيةٍ مُتقَنة. إنها سردية قديمة جديدة، تتناسخ…

خالد بهلوي بعد ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وإرساء أسس بناء الاشتراكية وظهور المعسكر الاشتراكي كقوة اقتصادية وعسكرية تنافس الدول الرأسمالية ومعسكر الحلف الأطلسي، انعكس هذا التوازن على العديد من الدول، فحصلت على استقلالها، ومن بينها الدول العربية. كما خلقت هذه التحولات قاعدة جماهيرية تنادي بضرورة الاشتراكية، وأصبحت بعض هذه الدول، وحتى الأحزاب القومية التي تشكلت فيها، تدّعي…

شكري بكر لا يزال موقف حزب العمال الكوردستاني غير واضح تماما من فحوى نداء أوجلان في تسليم السلاح وحل نفسه. هنا سؤال يطرح نفسه: هل رسالة أوجلان وجهها لحزب الاتحاد الديمقراطي في تسليم السلاح وحل نفسه؟الصفقات التي يقوم بها الـ PYD مع الشرع هنا وهناك دلالة للسير بهذا الاتجاه.أعتقد أن الـ PYD سيسلم سلاحه وحل نفسه عبر الإقدام على عقد…

صلاح بدرالدين   زكي الارسوزي من مواليد – اللاذقية – انتقل الى الاسكندرون لفترة طويلة ، ثم عاد يمتهن التدريس في دير الزور وحلب وغيرهما ، وله الدور الأبرز في انبثاق حزب البعث ، ومعلم الرواد الأوائل في هذا الحزب ، وقد طبع كتابه الموسوم ( الجمهورية المثلى ) في دار اليقظة العربية عام ١٩٦٥ ، وتضمن آراء ، وأفكار…