ولهتِ قلبي يا بثنُ

د.

آلان كيكاني

كدت أبكي اليوم حزنا على مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان وأنا أقرأ في الاندبندنت البريطانية حواراً معها , حيث تمظهرت بثينة في الحوار بمظهر المسكين الذي لا حول له ولا قوة , حتى أنها لا تستطيع زيارة قبر أمها في حمص لأنها تخشى على حالها من القتل الذي يمارسه الإرهابيون هناك , وتضيف قائلة : إن الجيش السوري يواجه هجمات شرسة من الإرهابيين في كل أنحاء سورية .

هكذا تريد بثينة في طمس واضح للحقيقة أن توحي للعالم أن قوى الجيش والأمن في سورية هي ضحية إرهاب الشعب , والعالم كله بات يعلم علم اليقين أن رجال الأمن والجيش هم الذين يقتلون المواطنين العزل المطالبين بحريتهم بصورة سلمية وليس العكس .
جميل أن تحس بثينة بأمها المرحومة وتزور قبرها , والسؤال هنا هل تحس هذه السيدة العجوز بالمئات من الأمهات السوريات اللواتي زففن فلذات أكبادهن إلى قبورهم وهم في ريعان الشباب ؟ هل تحس بآلام وأحزان الحمصيات اللواتي يعشن الآن في جحيم الإرهاب الذي يحصد أولادهن ؟ هل فكرت بأوضاع الآلاف من الأمهات اللاجئات مع أطفالهن من أبناء بلدها في تركيا ولبنان ؟
إنها تريد أن تعطي انطباعاً للعالم أن شوارع حمص وحاراتها ملأى بالسلفيين الجهادين ذوي اللحى الطويلة الذين سيقتلونها إن هي ذهبت إلى هناك لغاية إنسانية وهي زيارة قبر أمها وبالتالي تريد تبرير ما تقوم به قوى الجيش والأمن من ارتكاب الفظائع هناك , وبذلك تخلط بثينة بين الجلاد والضحية .


في حقيقة الأمر هي خائفة حقاً وإن كان تعبيرها عن خوفها في الحوار هو بغاية جلب عطف القارئ الأجنبي وتشويه الحقائق.

هي خائفة , شأنها شأن كل أركان النظام الذين يعيشون في رعب وهلع ونيران الثورة تمتد كل يوم حتى أوشكت على القضاء عليهم .


حمص , وما أدراك ما حمص ؟
قد يصدق المرء هكذا تلفيقات عن أي بقعة في سورية إلا هذه المدينة التي تحتل القلب من سورية , ليس لضعف يميز أهلها ولا لجبن يوسم أبناءها , وإنما لطيبة أهلها وثقافتهم العالية , ناهيك عن خفة دمهم وسلمية طبعهم .
والمضحك أن تستدر بثينة عطف القارئ وشفقته حين تدعي الفقر , فتقول رداً على سؤال المحاور أن لا أصول لديها ولا دولارات في البنوك لذلك فإن شمولها بالعقوبات من قبل أمريكا والأتحاد الأوربي لا معنى له .
ثم تحيك بثينة كذبتها الكبرى بقولها للمحاور أن خبازة مسيحية سورية بكت عندما التقتها في دمشق وشكت لها من تهديد رجال طليقي اللحية لها واتهامهم لها بأنها تخلط الخبز بالويسكي !
يا للمسخرة ! أتحسب بثينة أن الإنسان الغربي غبي لهذه الدرجة كي يصدقها ؟ كيف يمكن أن يُخلط الخبز بالويسكي ؟ الخبز يدهن بالزبدة أو بالجبن أو يخلط بالثريد ولكن أن يخلط بالويسكي فهذا من إبداعات بثينة الفكرية التي قالت أن لها مؤلفات تباع في المكتبات الأمريكية .

مسكينة بثينة هذه , منعها الإرهابيون في حمص من زيارة قبر أمها .

وكأنها مستشارة ملك السويد , لو أرادت زيارة مقبرة ذهبت لوحدها , دون لواء من الجيش والشبيخة في حراستها !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…