وتتساءل هل يعني أن على الأكراد أن يتخلوا عن كرديتهم ؟ ” .
أما المسألة الأخرى المتعلقة بتصريح الاستاذ الجامعي – د غليون – رئيس ” المجلس الوطني ” المشكل في استانبول فهي ذات شقين : الأول حول مقارنة الكرد السوريين بالمهاجرين الآسيويين في فرنسا والثاني حول عروبة سوريا فهي أبعد من هفوة وأعمق من كبوة لأسباب جوهرية عديدة سنأتي على ذكرها تباعا .
في ستينات القرن الماضي وخلال مناقشاتنا وحواراتنا كقيادة يسارية كردية للاتجاه القومي الديموقراطي آنذاك مع ممثلي وقيادات الأحزاب والقوى الوطنية العربية السورية من شيوعية وقومية وناصرية حول الحقوق الكردية ورفع سياسة الاضطهاد واعادة الجنسية للمحرومين الذين سحبت جنسياتهم بموجب الاحصاء الاستثنائي الذي جرى عام 1962 كنا نصطدم على الدوام مع معظم محاورينا حول اذا كان كرد سوريا سكان أصليون بحسب وقائع التاريخ القديم والحديث وتطورات القضية الكردية جراء الثورات والانتفاضات وتأثيرات العوامل الخارجية واللعبة الدولية وتجلياتها من معاهدات سيفر ولوزان ومؤتمر الصلح بباريس وصفقات مالطا وطهران ويالطا في والحوادث المتلاحقة في الحربين العالمتين منذ انهيار الامبراطورية العثمانية واقتسام ممتلكاتها وبينها كردستان التاريخية حسب اتفاقية سايكس – بيكو وبالتالي يقيمون على أرض الآباء والأجداد رغم أنهم أصبحوا ضحايا القوى الكبرى الظالمة أم لاجئون ومتسللون حسب التفسير الآيديولوجي القوموي للتاريخ والجغرافيا من جانب شوفينيي القوميات السائدة في البلدان الأربعة التي تتوزع الكرد وموطنهم .
في الفترة ذاتها وعندما بدأ نظام حزب البعث بممارسة سياسة – فرق تسد – وبتطبيق مشروعه العنصري الاقصائي المستند الى مفصلين متكاملين : حرمان 140 ألف (وصل العدد عام 2011 الى 350 ألف ) مواطن كردي من حق المواطنة أي من حق التملك أيضا وتنفيذ مخطط الحزام العربي بعد تقليص عدد المنتفعين من الأرض تمهيدا لجلب مواطنين عرب من خارج المنطقة الكردية وتزامن ذلك أيضا بتصاعد الموجة الشوفينية ضد الكرد عندما هب البعث السوري لنجدة شقيقه العراقي ضد الثورة الكردية وارسال لواء من الجيش الى كردستان العراق نقول في تلك الفترة بالذات حاول منظرو البعث حرمان الكرد السوريين من صفة الشعب والقومية واثبات ذلك في حملة تعبوية واسعةوقد جاء في المجلة الدورية النظرية الداخلية المحدودة التداول لحزب البعث السوري واسمها – المناضل – عام 1966 بحثا مطولا بهذا الشأن تضمن محاولة تلفيقية مثيرة لاثبات أن كرد سوريا لاتتوفر فيهم علائم الشعب والقومية وهم أفراد لاجئون الى سوريا وليس لهم قضية قومية وعلى الدولة التعامل معهم كجالية تماما كما الجاليات العربية في دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والهدف من كل هذا اللف والدوران هو حرمان الكرد السوريين من حقوقهم القومية ونفي كونهم من سكان سوريا القدامى الأصليين وهناك فارق كبير بين مستوى ودرجة حقوق شعب مقيم على أرضه التاريخية من جهة وحقوق جالية أو فئة أو أقلية أثنية مهاجرة تقيم على أراضي الآخرين ولم نكن نتمنى لأكاديمي عاش غالبية سني حياته في بلد الثورة الفرنسية المجيدة ومنبع مبادىء حقوق المواطن والديموقراطية والمساواة وحق الشعوب في تقرير المصير ورئيس ” لمجلس ” معارض ينشد الحرية أن يحذو حذو حزب شوفيني ينادي باسقاطه خالف وقائع التاريخ ومبادىء الحرية قبل خمسين عاما ويأتي الآن ليقلده في بداية القرن الجديد في مقارنة كرد سوريا بجالية آسيوية مهاجرة تماما كما فعل الطغاة الشوفييون .
أما مايتعلق بمسألة الهوية القومية لسوريا التي يصر السيد – غليون – على عروبتها وقبله أصر السيد علي البيانوني على ذلك بمناسبة أو بدونها فقد نستطيع فهم النزعة الاستعلائية الشوفينية من أوساط القومية السائدة وخاصة من جانب النظام الحاكم ونحن كمكونات غير عربية في سوريا وفي المنطقة عامة نشعر بتصاعد هذه النزعة السيئة المسيئة تجاه الشعوب والأقوام غير العربية خاصة بعد التحالف الفكري – السياسي – الثقافي المعبر عن تشابك المصالح ومنذ مايقارب العقدين بين الاتجاهين الأصوليين العلماني القوموي والاسلاموي انني شخصيا لم ولن أتحسس من المقابل العروبي فهو شريكي في الحاضر والمستقبل وخبرت هذه المسألة الاشكالية في العراق بعد اسقاط الدكتاتورية وصياغة دستور العراق الفدرالي الجديد حيث أثيرت قضية عروبة العراق وكونه جزء من الأمة العربية وتم النقاش حولها مطولا الا أن تم التوافق على مبدأ أن عرب العراق جزء من الأمة العربية وكرد العراق جزء من الأمة الكردية وأن العراق جزء من محيطه العربي والاسلامي وطويت الصفحة على هذا الأساس وينطبق كما أرى ما تم بالعراق من حيث المبدأ على الواقع السوري أيضا.
أما النظر الى المسألة المثارة من زاوية أن السيد – غليون – يعبر عن موقف ” المجلس ” الذي يترأسه والى درجة كبيرة السيد البيانوني فأرى أن ما أثير من مواقف تفسر على أنها هفوات أو اساءات للمكون الكردي تنطلق من واقع أسوأ كون التمثيل الكردي في ذلك ” المجلس ” قاصر وغير شرعي وغير معبر عن الحالة الكردية السورية نوعا وكما وأن التمثيل الكردي بكل المآخذ عليه جاء تعيينا من جانب الممسكين بزمام الأمور وهم تيار الاسلام السياسي المتحالف مع التيار القومي لذلك تشوه التمثيل الكردي بل تقزم الى أبعد الحدود اضافة الى ضبابية الموقف أو اللاموقف من مختلف القضايا الوطنية السورية وفي مقدمتها القضية الكردية .