دولة مواطنة لا دولة دينية ولا دولة قومية مطلب الثورة السورية

فرحان مرعي

لقد أصبحت دولة المواطنة هي المطلب الأساسي للشعوب وخاصة للشعوب العربية في ربيع ثوراتها ويأتي مبرر هذا المطلب والهدف بعد فشل كل المشاريع الدينية والقومية والأممية في العالم العربي خلال القرن الماضي وانتهاك الحريات الفردية وحقوق الإنسان وهيمنة فكرة الطائفية والقبلية والعشائرية  لذلك نجد معظم التيارات الدينية تتجه نحو الاعتدال والوسطية وترفع شعارات ومشاريع اقرب إلى العلمانية والديمقراطية منها إلى الدولة الدينية وتراجعت الماركسية إلى الوراء ليصبح تراثاً قديماً عندما فشلت في تجديد ذاتها ومواكبة التطور الإنساني وانكفأت المشاريع القومية أمام تيار العولمة وتقارب الأمم والحضارات وتمازج الثقافات
 وتبينت من التجربة والوقائع ان اللعب بالمشاعر وعواطف الناس هي من سمات وجوهر الأفكار القومية والدينية كما أصبحت الماركسية  ديناً جديداً عندما تحولت إلى نصوص مقدسة ،لذلك نجد الثورة السورية ومن الملاحظة الميدانية انها لا تؤدلج شعاراتها دينياً ولا قومياً فمنذ اندلاعها  لا تجد شعاراً قومياً عروبياً ولا قومياً كردياً- كثاني قومية في سوريا  – ولا شعارات دينية مثل الاسلام هو الحل ولا شعارات طبقية مثل بناء دولة العمال والفلاحين وما شابه ذلك في انحياز واضح نحو دولة وطنية ديمقراطية  مدنية رغم التهويل الذي يصدر عن الإعلام السوري وبعض الأصوات هنا وهناك بان المتظاهرين هم من الجماعات السلفية الدينية او من الإخوان المسلمون، لقد أصبح واضحاً الخلفية السياسية والمخابراتية لهذه الشائعات، فمن أهم شعارات الثورة السورية انها تطلب الحرية والكرامة وبناء دولة مدنية وديمقراطية لا طائفية ولا مذهبية تحترم فيها حقوق الإنسان دون تمييز بين عرق او دين ،صحيح ان النظام السوري خرب مفهوم المواطنة لمدة اربعين سنة وأكثر ولكن الشعب السوري بقيمه وتراثه التاريخي الغير بعيد وتعدده العرقي والديني المعتدل قادر على بناء دولة المواطنة لتكون الأساس لسوريا المستقبل ، لانه في دولة المواطنة يوجد مكان لكل فرد مهما كان عرقه او دينه ولا هيمنة لدين معين او قومية واحدة او ثقافة واحدة ، في دولة المواطنة : الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم، المواطنون متساوون أمام القانون ولكل مواطن الحق في الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحرية العقيدة مصونة وتحترم الدولة جميع الأديان والقوميات والأقليات , ولكل مواطن الحق في ان يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير ومن حقه الاجتماع والتظاهر سلمياً ….وغيرها من الحقوق والواجبات، ، ان دولة المواطنة بهذا الشكل هي فوق القوميات والديانات لتستوعب كل القوميات والديانات في إطار وحدة وتعدد الثقافات من اجل بناء دولة مدنية تعددية قوامها الازدهار والاستقرار …….

  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…