حسن مجيد
عندما نتابع الوضع في جيايى كورمنج – عفرين، بمتابعة واقعية وحقيقية، نجد أنه:
-
لا زال هناك تواجد للقواعد التركية في عفرين.
-
لا زال التعامل بالليرة التركية على قدم وساق.
-
لا زال العلم التركي مرفوعاً على المرافق العامة.
-
التدريس باللغة التركية يوحي بأن عفرين ما زالت تعيش حالة احتلال.
ناهيك عن تواجد مسلحين من مرتزقة تركيا بنسبة ضئيلة، حيث تم استبدالهم بعناصر “الأمن العام” للنظام الجديد بعد هروب رأس النظام السابق وأعوانه. ولا يزال هناك وجود لبعض العائلات التي استوطنت في بيوت أهالي عفرين وتمارس أنشطتها الاقتصادية والتجارية، لكن بنسبة قليلة.
ولا يخفى على أحد أن الممارسات التي كانت موجودة قد خفّت إلى أدنى مستوى، وبات الأهالي يشعرون بالأمن والأمان إلى حدّ معقول. لكن هذا لا يعني أن عفرين بخير، إذ لا يزال التخوف من المستقبل حديث الساعة، ويخلق حالة ترقب وإحباط، فلا أحد يستطيع أن يتكهن إلى أين ستتجه الأمور في عفرين وما هو المصير المرتقب.
كل ذلك نتيجة للوضع العام في سوريا عموماً، وخاصة الأحداث الدامية التي جرت في الساحل السوري، وما تبعها من جرائم وإبادة في السويداء، إضافةً إلى ما يجري حالياً بين النظام المؤقت في دمشق والإدارة الذاتية في شرقي الفرات، من مناورات ومناوشات هنا وهناك، مع الحشود العسكرية من قبل الفصائل التابعة لوزارة الدفاع السورية، في ظل غياب تام للاتفاق بين الطرفين حول شكل الإدارة والاندماج والمطالب والحقوق والدستور وشكل الدولة السورية ونظام الحكم… إلخ.
في ظل هذا المشهد، نتفاجأ بفتح أبواب الانتساب إلى الأمن العام في عفرين من أهالي المنطقة وخاصة الكورد، بهدف إدارة المنطقة والشؤون المحلية. وقد سارع البعض إلى توجيه الشباب للانتساب، متناسين كلياً أنهم يزجونهم لحمل السلاح والانخراط في العمل العسكري دون دراية أو ضمانات. فلا أحد يضمن بقاءهم في منطقتهم، فقد تأتيهم الأوامر غداً بالاشتراك في عمليات في مناطق أخرى، بأوامر من وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع، وربما – لا سمح الله – أن تأتيهم الأوامر بالاقتتال أمام الإدارة الذاتية في شرقي الفرات إذا ما تطورت الأمور واحتدم الصراع.
هذا التخوف يزداد خاصة عند سماع الخطابات والدعوات في الجوامع والساحات العامة، التي تحمل لغة التهديد والدعوات الطائفية المقيتة، وتهييج الشارع العربي لخلق فتنة كوردية – عربية.
لسنا ضد أن تدار شؤون المنطقة من قبل أبنائها، عندما نكون أمام دولة مستقرة ذات مؤسسات، ونظام حكم مدني علماني لامركزي يجمع كل السوريين، يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات. حينها سيكون الانتساب للجيش أو الأمن العام أو الشرطة تحصيل حاصل.
أما اليوم، وفي ظل غياب الضمانات والشروط والاتفاقات السياسية الواسعة، وأمام انفراد هذه السلطة التي تعتمد المركزية المطلقة، وتعنتها بعدم الاعتراف بالطوائف والقوميات، وإلغاء الحياة السياسية، وتجاهلها مخرجات كونفرانس وحدة الموقف الكوردي، ورفض استقبال الوفد المنبثق عنه، فإن الانتساب في صفوف الأمن العام يعتبر خطوة خطيرة وخطيئة بحقوق هؤلاء الشباب.