رضوان شيخو
لم تزل الساحة السورية بعد سقوط النظام البائد تشهد تطورات دراماتيكية تتسم بطابع الشد والجذب، وخطوة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء، بين إرادة البناء التي ينتظرها ويسعى إليها كل العقلاء والحكماء من الوطنيين في عموم الساحة السورية، وبين إرادة الدمار والخراب والارتهان لإرادة القوى التي لا تسعى إلا إلى المرور من فوق أشلاء السوريين بغية الوصول إلى تأمين مصالحهم الاقتصادية وتنفيذ مشاريعهم العنصرية والمذهبية المقيتة.
ومن الأحداث الهامة التي يمكن البناء عليها كخطوة مهمة على طريق السير نحو حل عملي مقبول، والتي يمكن أن تتخذ كنموذج ومخرج للأزمات السورية المتراكمة، جاء الكونفرانس الكردي في هذا الإطار حيث تم رسم خارطة طريق عملية لإيجاد حل عملي لإحدى أكثر القضايا تعقيدا في سوريا منذ تأسيس هذه الدولة، ولم تلق هذه القضية فرصة ملائمة وظرفا مناسبا لحلها كما الآن، حيث تم طرحها الآن على شكل نظام لا مركزي يضمن حقوق مختلف مكونات الشعب السوري، وخلق آجواء ديمقراطية ملؤها الثقة والاتفاق على بناء دولة عصرية مزدهرة..
وفي المقابل هناك من يحاول تكرار تجارب النظام البائد في معالجة القضايا الساخنة على الساحة السورية من خلال بث سموم الفرقة الطائفية والعنصرية المقيتة وشن حملات الإبادة الجماعية بحق هذا المكون أو ذاك تحت حجج وذرائع لا تمت إلى الواقع بصلة، وهي لا تتجاوز إشباع نزعات عنصرية دينية أو طائفية مقيتة، مما يضع مصير الدولة وكل الشعب السوري في فوهة نفق مظلم لا تبدو في نهايته أية بارقة ضوء..
إن ما تقوم به القوى و الفصائل “غير المنضبطة” من ارتكاب مجازر وإبادات جماعية على الهوية ضد المكون العلوي على أنهم “فلول” للنظام السابق دون تمييز ، وهم يدرون جيدا أن العلويين كانوا كغيرهم من ضحايا “الطائفة الأسدية” ، وبحق المكون الدرزي الآصيل من الشعب السوري على أنهم “عبدة عجول”، وإطلاق التهديدات بإبادة الشعب الكردي بتهمة
” الانفصالية”، كل هذه الأمور لن تؤدي إلى أي مكان سوى المزيد من الانقسام وانعدام الثقة بين مكونات الشعب السوري المختلفة والمتنوعة والتي عانت كثيرا من التهميش وإنكار الحقوق والوجود خلال عهد النظام الديكتاتوري الساقط..