شيرزاد هواري
جملة أسئلة طرحها هذا الصباح الصديق الأنيق بافي باوار
Bave Bawar
بين اليمين واليسار القضية طار :
تأسيس أول حزب كردي في سوريا
(١٤ / ٦ / ١٩٥٧ )
وانطلاق اليسار الكردي في سوريا
( ٥ / ٨ / ١٩٦٥ )
فإذا كان المقصود هو فرز طبقي بين اليسار
الثوري واليمين المساوم كما اسموه في حين ذاك … ؟
من هنا تبدأ شرعية الاسئلة والاستفسار
١- هل فعلا كنا بحاجة إلى هذا التقسيم والفرز الطبقي. بين اليمين واليسار من أبناء الشعب الواحد
٢- هل اليسار الكردي فعلا كان محسوبا على المعسكر الشرقي واليمين الكردي على المعسكر غ
٣- وهل باقي الأحزاب الكردية الوسطية بين اليمين واليسار محسوبا على حركة الانحياز وعددهم أكثر من مئة حزب هذه التعددية المفرطة بدون معنى
٤- هل نحن بحاجة إلى هذا الصراع بعد تجربة
خمسين سنة بين يمين ويسار والوسطيين
٥- هل كل الانشقاقات وفشل كل التحالفات
كان سببها اليمين واليسار ام أسبابها غير معروفة
رد على أسئلة الصديق بافي باوار
بداية، لا يسعني إلا أن أعبّر عن احترامي الكبير لطرحك العميق والهادف الذي يثير العديد من الأسئلة التي ما زالت تشغل الذاكرة السياسية لشعبنا الكردي، وتستحق المناقشة والنقد المستمر. أسئلتك تفتح المجال لإعادة التفكير في الكثير من الأحداث السياسية التي شكّلت واقعنا المعاصر، وأرى من الضروري الإشارة إلى بعض النقاط التي قد تساهم في الإجابة على هذه الأسئلة.
١- هل فعلاً كنا بحاجة إلى هذا التقسيم والفرز الطبقي بين اليمين واليسار من أبناء الشعب الواحد؟
من المؤكد أن هذا التقسيم جاء نتيجة لتراكمات تاريخية سياسية واجتماعية، حيث كان لكل طرف رؤية وأيديولوجية تسعى لتحقيق تطلعات شعبنا الكردي في إطار محيطه السياسي. ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل هذا التقسيم ساهم فعلاً في تحقيق الأهداف المشتركة؟ أم أنه كان عبئًا إضافيًا في أوقات كان من الأفضل فيها توحيد الجهود لمصلحة القضية الكردية بدلاً من الانقسامات الفكرية؟
٢- هل اليسار الكردي فعلاً كان محسوبًا على المعسكر الشرقي واليمين الكردي على المعسكر الغربي؟
في البداية، كانت التحالفات الدولية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مواقع الأحزاب السياسية، سواء على مستوى المعسكرات الدولية أو على المستوى الإقليمي. كان اليسار الكردي يتجه إلى تحالفات مع المعسكر الشرقي، بينما كان اليمين يسعى إلى التوازن مع المعسكر الغربي. لكن السؤال هنا: هل كانت هذه الانتماءات تُترجم إلى مصالح حقيقية على أرض الواقع؟ أم أنها كانت محكومة بتوازنات دولية لم يكن لنا من أمرها؟
٣- وهل باقي الأحزاب الكردية الوسطية بين اليمين واليسار محسوبة على حركة الانحياز وعددها أكثر من مئة حزب هذه التعددية المفرطة بدون معنى؟
التعددية السياسية في حد ذاتها ليست مشكلة، ولكن عندما تتحول إلى تشظي وتشرذم دون أهداف واضحة، تصبح عبئًا على حركة التحرر. من الواضح أن وجود أكثر من مئة حزب قد يُظهر التنوع الفكري، لكن في الوقت نفسه، قد يؤدي إلى حالة من التشتت والفراغ السياسي. السؤال هو: هل كل هذه الأحزاب كان لديها برامج متكاملة وعملية أم أن الكثير منها كان مجرد ردود فعل على الظروف السياسية، مما جعله يتفكك بمرور الوقت؟
٤- هل نحن بحاجة إلى هذا الصراع بعد تجربة خمسين سنة بين يمين ويسار ووسطيين؟
هذا السؤال يعكس صراعًا داخليًا دائمًا في الحياة السياسية. التجربة التاريخية أثبتت أن الخلافات الحادة بين اليمين واليسار والوسط قد أضعفت الحركة الكردية في كثير من الأحيان. ربما حان الوقت لكي نعيد التفكير في مفهوم الوحدة الوطنية وكيف يمكن للجميع، بغض النظر عن انتمائهم الأيديولوجي، أن يتوحدوا حول هدف واحد بعيدًا عن الصراع الذي لا يُفضي إلا إلى المزيد من التشرذم.
٥- هل كل الانشقاقات وفشل التحالفات كان سببها اليمين واليسار، أم أن هناك أسبابًا أخرى غير معروفة؟
الانشقاقات السياسية غالبًا ما تكون ناتجة عن خليط من العوامل الداخلية والخارجية، والتي تتراوح بين اختلافات في البرامج والأيديولوجيات إلى المصالح الشخصية والضغوطات الخارجية. لا يمكن اختصار كل فشل في التحالفات في الخلاف بين اليمين واليسار، فهناك أيضًا ضغوطات اجتماعية، اقتصادية، وأحيانًا فردية تُساهم في هذه الانشقاقات.
رؤيتي كـ شيرزاد هواري:
مادام أحزابنا اليسارية، اليمينية، والوسطية لم ترتقِ لحجم المسؤولية ولا عدالة القضية، وظلت تتخبط متأثرة بالمصالح الشخصية تارة والأجندات الإقليمية والدولية تارة أخرى، فإنه أصبح من الضروري على جميع هذه الأحزاب توحيد رؤيتها السياسية، وتشكيل استراتيجية وطنية وقومية متوازنة، تتماشى مع مصالح شعبنا في سوريا.
إلا أنه إذا استمر هذا التشرذم والتقسيم في الرؤى، فلا قيمة لهذه الأدوات السياسية برمتها، خاصة تلك التي أثبتت فشلها في خدمة شعبنا طوال سنوات تأسيسها وإلى يومنا هذا.
يجب أن نعمل بجد على إعادة بناء الفكر السياسي الكردي بشكل جماعي، وبعيدًا عن المصالح الضيقة، مع الحفاظ على رؤية موحدة وشاملة لخدمة هدف شعبنا الكردي في سوريا والمنطقة. فلن تحقق أهدافنا إلا إذا توافقت الرؤى ونجحنا في توجيه طاقاتنا نحو بناء مستقبل أفضل لجميع الكرد في سوريا.
في النهاية، تبقى الأسئلة التي طرحتها محورية لفهم المسار السياسي لشعبنا الكردي، وتستحق أن تُناقش بعمق وشفافية بعيدًا عن الانقسامات والتحديات القديمة. نحن بحاجة إلى إعادة بناء الفكر السياسي الكردي بشكل جماعي، مُتجاوزين التقسيمات التقليدية، من أجل تحقيق تطلعاتنا الوطنية والمشتركة.
لك مني كل التقدير والاحترام، وبانتظار المزيد من الأفكار والنقاشات البناءة.