ستون عاما على  كونفرانس الخامس من آب ١٩٦٥

صلاح بدرالدين

    شكل كونفرانس الخامس من آب ( الذي انبثق عنه البارتي الديموقراطي الكردي – اليساري – حزب الاتحاد الشعبي الكردي )  العملية السياسية الديموقراطية الشاملة ، والتحول الاعمق ، والانضج الأول بتاريخ الحركة الكردية السورية في المجالات الفكرية – السياسية – الثقافية – التنظيمية ، والذي اعتمد تصحيح المسار بإعادة  تعريف كل من :

      أولا – الكرد السوريين كشعب من السكان الأصليين بدلا من التعريف الاقلاوي .

     ثانيا – الحركة الكردية السورية في اطار تنظيم ثوري مناضل وليس من خلال جمعية موالية للنظام الحاكم .

     ثالثا – الحقوق القومية انطلاقا من مبدأ حق تقرير المصير ، وليس الثقافية فقط .

     رابعا – انتزاع الحقوق بالنضال السلمي الجماهيري ضمن اطار الحركة الوطنية الديموقراطية السورية ، ومن اجل تحقيق الديموقراطية ، وازاحة الاستبداد ، وليس عبر التسليح وعسكرة المجتمع .

     خامسا – العلاقات القومية بدعم ثورة أيلول وقائدها مصطفى بارزاني ، ونسج علاقات مع اطراف الحركة الكردية في مختلف الأجزاء على أساس التنسيق واحترام خصوصية واستقلالية كل طرف ، وليس بالتبعية .

     سادسا – مد الجسور مع قوى التحرر والتقدم العربية ، والعالمية ، وليس العزلة عن المحيط والعالم .

          الآليات والوسائل

     ١ – تم استخدام الجانب النظري الثقافي في مختلف تلك المجالات ، وتوفير الأجوبة على مختلف التساؤلات ، والاعتماد على النقاشات ، والحوارات بعيدا عن الشخصنة ، وتم دمج النضال السياسي بالحامل الثقافي الفكري وهذه ميزة انفردت بها مدرسة الخامس من آب ، حيث تم التصالح بين السياسي والثقافي باجلى صوره .

     ٢ – كونفراس آب لم يكن هامشيا ، طارئا ، بل عملية ديموقراطية  اعتمدت على القاعدة ، وانطلق من اصالته التاريخية من قلب الحركة ولم يظهر من لاشيئ ، بل كان استكمالا للكونفرانس الرابع وتطويرا مبدعا لارادة الرعيل المناضل الثوري الأول .

     ٣ – القضايا الفكرية الكبرى التي اثارها الكونفرانس الخامس ( التحول – إعادة التعريف – شعب كردي – حركة ثورية – نضال سلمي جماهيري – مبدأ تقرير المصير – الدور الوطني السوري – العلاقات القومية – العلاقات العربية والعالمية ) بحجمها ، واهميتها لم تكن قابلة للتحقيق في لحظتها بل  احتاجت الى وقت ، ونضوج العامل الذاتي ، وتوفر الظروف الموضوعية ، وفي غضون خمسين عاما ( حيث عايشت تفاصيلها ) والتي  شهدت اختلاط النظري بالعملي الممزوج بالتحديات الجسام ، وتراكم هائل لتجارب عملية ثمينة بالدروس ، تم انجاز القسم الأكبر منها بالرغم من تكالب نظام الاستبداد ، ومخططات الشق والتصفيات ، ووضع إمكانيات الدولة في خدمة مخطط اختراق الحركة الكردية ، وشق تعبيراتها الناشطة مثل – الاتحاد الشعبي – وريث الكونفرانس الخامس وخصوصا في حقبة الضابط الأمني – محمد منصورة – .

     ٤ – تميزت مدرسة الخامس من آب بخلاف كل التجارب الحزبية الأخرى بوحدة تمثيل ومشاركة مناطق الجزيرة ، وكوباني ، وعفرين  ، إضافة الى كرد دمشق العاصمة ، وحلب ، والتعبيرات بالخارج .

     ٥ – مازالت هناك مهام تتعلق بتلك القضايا الكبرى لم تنجز بعد بل ان مساعي تحقيقها  تعرضت الى ردات خطيرة في العقد الأخير من جانب الوافدين الجدد من مسميات – ب ك ك – السورية وشركائها من الأحزاب الأخرى ومن اهم تجلياتها – الارتجاعية – :

    ١ – عسكرة النضال الكردي السوري بعد ان كان نضالا سلميا طوال قرن من الزمن  .                  ٢ – ربط مصير كرد سوريا بمحاور خارجية .

 ٣ – تصفية القضية القومية ليس عبر اعتبار الكرد – اقلية – فحسب ، بل تحويله الى ( شمال شرق سوريا ) ، وافراغ المناطق من السكان خصوصا الجيل المنتج .

 ٤ – ارتهان الأحزاب الى الأنظمة المعادية للكرد .

 ٥ – تحويل العلاقات القومية الأخوية الى بازار للمحاور ، والمصالح الحزبية الضيقة ، وتقديم الكرد السوريين ضحية مصالح المحاور  .

  ٦ – من الواضح ان هناك حاجة موضوعية ماسة الى روحية ( كونفرانس خامس)، ولاشك ان حراك ” بزاف ” يحمل مشروعا منذ عشرة أعوام يطمح ان يجسد مايشبه ( كونفراس سادس ) غير حزبي بل كردي جامع على درب التغيير ، وإعادة البناء والتعريف ، وبمهام منها ماتتكامل مع مهام الكونفرانس الخامس ، والبعض منها يستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة ، وبآليات جديدة ، ومفهوم جديد للعمل الوطني الكردي السوري ، وكما أرى فان كل من مازال يحمل قيم مدرسة آب بصدق وليس ادعاء ، ان يدعم هذا الطموح .

  ملاحظة لابد منها : توضيحا للحقيقة وردا على كل من يسعى لتزييف التاريخ ، وقلب الحقائق لأغراض شريرة ، فان كونفرانس آب عقد بإرادة القاعدة الحزبية من اجل الإنقاذ  وفي مقدمتها الجيل الشاب آنذاك ، ومن دون أي وجود لاعضاء القيادة القديمة ( القسم الأكبر كان بالسجن والرموز اليمينية كانوا بصدد تفريغ الحزب من مضمونه الثوري ) كان الراحل اوصمان صبري يحظى بمحبتنا واحترامنا عن بعد ولكنه لم يكن على علم بمايجري بالخارج ، وكان خلال تحضير وعقد الكونفرانس بسجن القلعة بحلب ، ثم قررت القيادة المرحلية المنبثقة عن الكونفراس التواصل مع جميع القياديين السابقين من اجل دعم التحولات الفكرية والسياسية والتنظيمية والعودة الى مسؤولياتهم لحين عقد المؤتمر الأول ، وكان المرحوم اوصمان صبري ( الذي استمر مع الحزب لعامين ونصف ) ، والمرحوم محمد ملا احمد ( الذي استمر نحو عام ) في عداد الذين استجابوا لدعوة القيادة المرحلية ، وواصل الحزب نضاله نحو نصف قرن .

             المشاركون في الكونفرانس الخامس ، بالخامس من آب ١٩٦٥ الذي عقد بقرية جمعاية مع تمنياتي بطول العمر لمن مازال على قيد الحياة ، والرحمة على من رحلوا عنا :

 

– صلاح بدرالدين . ٢ – محمد نيو . ٣ – هلال خلف . ٤ – محمد بوطي . ٥ – عزيز اومري . ٦ – عبد الحليم قجو . ٧ – يوسف اسماعيل . ٨ – محمد حسن . ٩ – نوري حاجي . ١٠ – احمد بدري . ١١ – فخري هيبت . ١٢ – شمو ملكي . ١٣ – محمد قادو . ١٤ – ملا محمد امين ديواني . ١٥ – غربي عباس . ١٦ – محمد خليل . ١٧ – ملا شريف . ١٨ – عبد الرزاق ملا احمد . ١٩ – ملا داود . ٢٠ – نوري حجي حميد . ٢١ – محمد علي حسو . ٢٢ – ملا هادي . ٢٣ – عيسى حصاف . ٢٤ – احمد قوب . ٢٥ – ابراهيم عثمان . ٢٦ – سيد ملا رمضان . ٢٧ – رشيد سمو .

 

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…