قام موقع “ولاتي مه” مساء السبت الموافق 26 تموز 2025، بتكريم كل من الفنان الكردي القدير بهاء شيخو، والمصور البصري البارز اكرم درويش، وذلك عبر تسليمهما شعار الموقع، بمناسبة اقتراب الذكرى العشرون لتأسيسه، تقديرا لجهودهما في خدمة الثقافة الكردية وتوثيق تاريخ مدينة قامشلو والمنطقة.
جرى التكريم بمبادرة من مدير الموقع، شفيق جانكير، الذي قام بتسليم الشعار شخصيا للمكرمين. وقد بدأت الزيارة في محل الفنان بهاء شيخو الواقع على الشارع العام “طريق عامودا”، حيث تم تسليمه الشعار، وبدوره أهدى بهاء للموقع نسخة من كتاب Mihemed şexo … Huner û Jînenîgari، الذي أعده ووثقه الكاتب قادو شيرين.
بعد التكريم، رافق الفنان بهاء شيخو مدير الموقع شفيق جانكير في زيارة إلى منزل المصور أكرم درويش، الذي يقضي حاليا اجازته الصيفية في قامشلو قادما من هولندا. وهناك، جرى تسليمه شعار الموقع تكريما لمسيرته الطويلة في التوثيق البصري ودوره المؤثر في حماية الذاكرة المرئية للمنطقة.
وخلال الزيارة، دعا الفنان بهاء شيخو مدير الموقع شفيق جانكير الى زيارة منزل شقيقه الفنان الراحل محمد شيخو، الذي يضم العديد من مقتنياته الخاصة. وأوضح بهاء أنه يعمل حاليا على تحويل هذا المنزل الى متحف فني وتوثيقي يخلد مسيرة محمد شيخو، وقد أنجز قسما كبيرا من المشروع. ولفت إلى أنه تم تخصيص عناية خاصة بالغرفة التي فارق فيها الفنان محمد شيخو الحياة، لتكون شاهدة على تفاصيل حياته الأخيرة ولتحتفظ بعبق سيرته وإبداعه.
الفنان بهاء شيخو: استمرار لمسيرة فنية ورؤية متجددة
ولد بهاء شيخو عام 1962 في قرية خجوكي القريبة من مدينة قامشلو، ضمن عائلة كردية بسيطة، وكان والده من محبي الفلكلور الكردي. رغم حصوله على الشهادة الثانوية عام 1988 وتسجيله في كلية الحقوق، إلا أن الظروف المعيشية حالت دون اكماله للدراسة، مما دفعه للعمل مبكرا في مهن يدوية لدعم أسرته.
دخل عالم الفن في سن مبكرة، متأثرا بأخيه الفنان الراحل محمد شيخو، وبدأ مشواره الغنائي في جلسات عائلية منذ عام 1973، ثم أحيا أول حفل له عام 1976 في حي قدور بك بمدينة قامشلو. وعلى الرغم من تأثره بشقيقه، إلا أن بهاء بنى لنفسه مسارا فنيا خاصا، يمزج بين الأصالة الفنية الكلاسيكية والتقنيات المعاصرة، بهدف تطوير الفلكلور الكردي وتقديم ألحان جديدة ومتميزة.
أصدر نحو تسعة ألبومات، ركزت معظمها على الأسلوب السمعي النظيف، مع بعض الأعمال التي جمعت بين الفلكلور والدبكات. عرف عنه احترامه الكبير للقيم الوطنية، حيث أوقف إصدار ألبوماته في فترات سابقة حدادا على أرواح الشهداء في قامشلو والحسكة، وقدم أعمالا غنائية تجسد المآسي التي مرت بها المدينة.
وقال بهاء شيخو خلال تسلمه شعار الموقع: “أشكر إدارة موقع ولاتي مه على هذه اللفتة النبيلة التي أعتبرها وساما على صدري. هذا التكريم هو دعم معنوي كبير يدفعني للاستمرار في مشواري الفني، ويجعلني أشعر بأن رسالتي الفنية تصل إلى أهلها.”
أكرم درويش: ذاكرة بصرية لمدينة قاومت النسيان
يعد أكرم درويش من أوائل المصورين الفوتوغرافيين في مدينة قامشلو، وقد وثق بعدسته العديد من اللحظات التاريخية الحاسمة التي شهدتها المدينة والمنطقة على مدى العقود الماضية. من أبرز ما سجله أرشيفه:
-
جنازة الشاعر الكردي الكبير جكرخوين، والتي كانت من أكثر اللحظات رمزية في الوعي الكردي الحديث
-
جنازة الفنان محمد شيخو، التي تحولت إلى تظاهرة فنية وشعبية حاشدة
-
جنازة المناضلين كمال أحمد درويش وشيخموس يوسف عام 1996
-
انتفاضة 12 آذار، وتفاصيل القمع والاحتجاج الذي جرى خلالها
-
الحراك الثوري المناهض للنظام البائد، والوقفات الاحتجاجية والمواجهات في شوارع قامشلو
-
إلى جانب توثيقه للعديد من المناسبات الاجتماعية والوطنية الأخرى
كما اعتقل أثناء تغطيته لمظاهرة سياسية في المدينة مستخدما كاميرته الشخصية، وجرى إطلاق سراحه بعد أربعة أيام من الاحتجاز، ما عزز صورته كمصور ملتزم لا يهادن في نقل الحقيقة.
أدار استوديو درويش وكان له دور محوري في أرشفة الصور والأفلام الوثائقية، وساهم في الحفاظ على جزء مهم من الذاكرة البصرية للقضية الكردية. شارك في العديد من التجمعات الوطنية، وكان صوته البصري شاهدا على مرحلة تاريخية غنية بالتحولات والأحداث.
واعتبر أكرم درويش في كلمة له أن “هذا التكريم هو أكثر من مجرد شعار، بل هو اعتراف بجهد سنوات طويلة من العمل والتوثيق، وهو دعم معنوي ثمين يشجعني على الاستمرار في حماية الذاكرة البصرية لمدينتنا وشعبنا.”
تكريم مستحق
الدور الريادي الذي قدمه الفنان بهاء شيخو في الحفاظ على التراث الكردي، وتعويضه جزءا من الفراغ الذي خلفه شقيقه الفنان محمد شيخو، إلى جانب الإسهام الكبير الذي قدمه المصور أكرم درويش في توثيق اللحظات المصيرية والتاريخية في مدينة قامشلو، شكلا دافعا أساسيا لإدارة موقع “ولاتي مه” لتكريمهما ومنحهما شعار الموقع، بمناسبة اقتراب الذكرى العشرون لتأسيسه.









