من يسعى لتقسيم سوريا السلطة الحالية أم الأقليات

سلمان إبراهيم الخليل 
منذ سقوط نظام الأسد والسلطة الحالية المؤقتة  لاتكف  عن الحديث عن الحفاظ وحدة سوريا ورفض التقسيم وكيل الاتهامات  لاطراف سورية خصوصا  الدروز وقوات سوريا الديمقراطية(قسد)بأنها تسعى للتقسيم وتنفذ اجندات خارجية لكن بنظرة موضوعية وبعيدا عن العاطفة والايديولوجيا والتحزب والتعصب إلى ممارسات كل الأطراف السورية ومجريات الأحداث في سوريا منذ سقوط بشار واستلام هيئة تحرير الشام السلطة ستعرف من يكرس التقسيم عمليا .عندما أسقط نظام الأسد فرح كل السوريين  ولم يكن يهمهم هوية  من سيحكم البلاد  بل في كيفية ادارة هذا  الحكم في ظل تعقيدات الوضع السوري وتنوع مكونات الشعب وهذا يتطلب حكم يحقق 
التوازن السياسي: يتمثل في بناء ميثاق سياسي جديد يوحّد أطياف الشعب على قاعدة الاعتراف بالتنوع الديني والعرقي والثقافي، ويكرّس دولة المؤسسات  والقانون والمواطنة  ولانجاح هذا المسار  كان يتطلب توفر   إرادة حقيقية وشجاعة في الانفتاح على الجمبع .
لكن للأسف الشديد رأينا  هيمنة التيار الجهادي على مراكز القرار في السلطة والتي سعت إلى فرض نفسها  وعقيدتها على المكونات السورية بالقوة والهيمنة . وهنا يمكن أن نذكر بعضا من ممارساتها 
1. *التمييز والتهميش*: بحجة رفض المحاصصة  مارست أبشع سياسات التهميش بحقوق مكونات الشعب السوري مثل الكرد والدروز والعلويين والمسيحيين  من خلال إقصاء هذه المكونات من التمثيل الحقيقي في مؤتمر الحوار الوطني أو في الحكومة المؤقتة ومن ثم كان الإعلان الدستوري الذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير  هذا الإعلان الذي كرس اللون الواحد وإعادة إنتاج الاستبداد والاقصاء  بحق المكونات السورية  التي عانت الظلم والاضطهاد على مدى عقود ولم يعترف  هذا الإعلان بالتنوع الديني والعرقي والثقافي الا في عبارات عمومية وهذا ما خلق  فجوة بين هذه السلطة والاقليات التي رأت في هذه السلطة استمرار لنهج الإنكار والاقصاء والتهميش بحقها 
2.  اضطهاد الاقليات وصولا الى محاولات التطهيرالعرقي بحقها : رغم انه لم يمض  على وجود هذه السلطة في الحكم سوى عدة أشهر في سدة الحكم ورغم انها سلطة مؤقتة أو انتقالية لكنها قامت بارتكاب العديد من المجازر بحق غالبية المكونات السورية حيث هاجمت العلويين في شهر آذار الماضي بحجة محاربة فلول النظام السابق وارتكبت أبشع المجازر بحق المدنيين الأبرياء راح ضحيتها  الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ المدنيين العلويين ، وبعد العلويين كان الدور على المسيحيين وما تفجير كنيسة مار الياس الذي راح ضحيته العشرات من المواطنين المسيحيين الأبرياء الا كانت حلقة ضمن مسلسل مازال مستمرا ، وبعد كل هذا تم مهاجمة مدينة السويداء معقل الدروز من قبل قوات الجيش السوري وقوات الأمن العام ومعهم قوات العشائر التي تحركها هذه السلطة كيفما تشاء وارتكبت هذه القوات مجتمعة في السويداء جرائم يندى لها جبين الإنسانية من اعدامات ميدانية وقتل عالهوية راح ضحيتها الآلاف من المواطنين الدروز  الأبرياء عدا حرق بيوتهم ونهب ممتلكاتهم لا لشيء سوى إنهم دروز يريدون الحفاظ على خصوصيتهم ، والآن نرى التهديدات جارية على قدم وساق باتجاه الكرد ، وعلى ما يبدو أن هذه السلطة لا تريد التوقف حتى إبادة كل الاقليات  إذا استطاعت إلى ذلك سبيلا
3. محاولة السلطة فرض الهوية الثقافية والدينية: منذ اليوم الأول لاستلام هذه السلطة الحكم بدات في مهاجمة دور العبادة للاديان والمذاهب الاخرى وبدات سياراتها الدعوية تجوب الشوارع والاماكن العامة تدعو المواطنين الى اعتناق عقيدتها وعندما تحاول الحكومة المركزية فرض ثقافتها أو معتقداتها على الأقليات، بالتأكيد ستشعر هذه الأقليات بأن هويتها الثقافية مهددة، مما يدفعها إلى التمسك بخصوصيتها والدفاع عنها بكل السبل
4. *الاستبعاد من المشاركة السياسية*:   استبعدت هذه السلطة الأقليات من المشاركة السياسية  وتحاول اتهامها بكل التهم لان الأقليات حاوات التعبير عن  مطالبها وحقوقها، 
5. *العنف والقمع*:  تمارس هذه الحكومة المركزية  المؤقتة العنف و القمع ضد الأقليات، لذلك تشعر هذه الأقليات بأنها في خطر دائم، وتهديد وجودي
6-ضرب المكونات السورية بعضها ببعض: عملت السلطة الحالية على تأليب المكونات السورية على بعضها البعض وما فزعة العشائر  واعلانها النفير العام ومشاركتها في الهجوم على الساحل السوري ومن ثم هجوم هذه العشائر على الأخوة الدروز في السويداء بشكل كيير وهمجي بحجة مناصرة البدو المتواجدين في السويداء الا عمل خطير  يعمل على تقسيم المجتمع السوري عموديا وافقيا وزرع العداء والقطيعة بين مكونات الشعب السوري.
كل ذنب الاقليات انها تطالب بحقوقها المشروعة التي كفلتها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وعلىسبيل المثال المادة ٢٧ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنبة والسياسية تؤكد على ضرورة أن تتمتع الأقليات في اي دولة بحقوقهم الثقافية والدينية واللغوية وضرورة التزام الحكومات بتثبيت هذه الحقوق وحمايتها كما أكد ديباجة إعلان حقوق الأقليات الصادر عام ١٩٩٢ عن الجمعية العامة للأمم المتحدة أكد على تعزيز  وحماية حقوق الأقليات يسهمان في الاستقرار السياسي والاجتماعي للدولة التي ينتمون إليها وهنا لم نرى اي التزام من السلطة  بهذه المواثيق بل كان الإعلان الدستوري  منافيا  لهذه الحقوق. لذلك نرى الآن  الوضع يزداد سوءا وتزداد حالة الخصام والتباعد بين هذه السلطة والاقليات ويهيء الأرضية للتدخلات الخارجية ومن ثم  تكريس التقسيم الموجود عمليا  بسبب تعنت السلطة وإدارة ظهرها للديمقراطية وحقوق المكونات السورية 
. السلطة التي لا تبني شرعيتها على المشاركة الحقيقية والانفتاح  لا تُنتج استقراراً، بل تؤسس لانفجارات مؤجلة. وإذا لم يتم الاعتراف بالفروقات السياسية والاجتماعية والدينية وإدارتها بحكمة وعدالة ومساواة 
إذا اردنا الحفاظ على سوريا دولة موحدة ومتماسكة علينا أن نقر بأن سوريا تحتاج إلى عقد اجتماعي جديد يقر بالتعدد والاختلاف ويعبر عن  تطلعات وحقوق  كل السوريين أفرادا ومكونات عدا عن ذلك سورية ذاهبة إلى المجهول

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…