إيران.. نهاية الحرب، بداية الصحوة! لماذا الحل الثالث وحده القادر على إنقاذ إيران والمنطقة؟

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

بعد انتهاء الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل والنظام الديكتاتوري الديني الحاكم في إيران، والتي انتهت بهدنة هشة ومؤقتة، امتدت تداعياتها وآثارها إلى ما هو أبعد من ميدان المعركة في الشرق الأوسط. لقد رحبت المقاومة الإيرانية بهذه الهدنة. هذه القوة التي اتخذت دائمًا موقفًا واضحًا وصريحًا ضد الديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران، وقدمت حلها السياسي تحت عنوان “الحل الثالث”. هذا الحل يقوم على مبدأ “لا للحرب ولا للمهادنة، بل دعم انتفاضة الشعب الإيراني للإطاحة بالنظام”.

ترحيب المقاومة الإيرانية بالهدنة، على عكس الموقف الدعائي للنظام، يعبر عن خط سياسي واضح يركز على “حرية الشعب الإيراني”. النظام الذي استخدم، على مدى سنوات، إشعال الحروب وزعزعة الاستقرار في المنطقة كأداة لصرف الانتباه عن مشاكله الداخلية والحفاظ على سلطته، يجد نفسه الآن في مواجهة جرس إنذار الإطاحة به. هذه الأجراس تدق من داخل إيران، وليس من حرب خارجية أو مهادنة مع هذه الديكتاتورية!

في الأيام التي تلت الهدنة، كثّف نظام ولاية الفقيه من وتيرة القمع والاعتقالات. فقد تصاعدت الاعتقالات الواسعة، والضغوط على عائلات السجناء السياسيين، والتهديدات الأمنية في جميع أنحاء البلاد. وفي الوقت نفسه، ظهرت تقارير عن نشاطات “وحدات المقاومة” في مدن مختلفة، وانتشار واسع لشعارات مثل “الموت لخامنئي” و”الموت للديكتاتور” في الأماكن العامة، مما أثار الرعب في أركان النظام الإيراني. لقد أشار النظام الحاكم في إيران إلى هذه الشعارات في بياناته الرسمية، واصفًا إياها بـ”نشر شعارات احتجاجية”، وهو اعتراف مرير بانتشار المقاومة في أعماق المجتمع الإيراني.

في هذا السياق، اكتسبت تحذيرات المسؤولين السابقين والحاليين في النظام، بمن فيهم أحد المسؤولين السابقين الذي شبه حالة إيران ببركان صامت، مزيدًا من المصداقية. هذا الوصف يعكس الواقع الملموس والمتفجر للمجتمع الإيراني، الذي أظهر، على مدى سنوات، استياءه العميق عبر موجات متتالية من الانتفاضات، من ديسمبر 2017 إلى نوفمبر 2019، وصولاً إلى الانتفاضة الوطنية في عام 2022.

تصريحات المدعي العام للنظام الإيراني تكشف أيضًا عن خطورة الوضع. فقد هدد، في موقف غير مسبوق، وحدات الانتفاضة بملاحقات قانونية مزعومة، وطالب أعضاءها بتسليم أنفسهم للأجهزة الأمنية. هذا التهديد هو في الواقع اعتراف صريح بتأثير ونفوذ هذه النوى المقاومة التي أصبحت رمزًا للصمود والأمل في قلوب الشعب الإيراني.

في هذا السياق، لم تكن سياسات المهادنة التي ينتهجها الغرب مع الديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران من نوع “الحلول”، بل كانت، على مدار التاريخ المعاصر لإيران، عائقًا أمام تحقيق الحرية والديمقراطية. منذ دعم القوى العالمية لديكتاتورية الشاه، وحتى اليوم حيث تواصل بعض الدول الغربية المهادنة مع النظام الديني الحاكم بحجة الاتفاق النووي، دفع الشعب الإيراني ثمنًا باهظًا، من إعدامات الثمانينيات إلى القمع الواسع للانتفاضات الشعبية!

الآن، حان الوقت لكي يعترف المجتمع الدولي بحق الشعب الإيراني في المقاومة ضد الظلم والقمع. دعم الشعب الإيراني لا يتم عبر التدخل العسكري ولا عبر المهادنة، بل من خلال الاعتراف بحق المقاومة المنظمة، وفرض عقوبات موجهة ضد قادة النظام، وقطع الطرق المالية والسياسية أمامه. كما أكدت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مرات عديدة: “لا نريد مالًا ولا سلاحًا، بل فقط حق المقاومة وتزامن العالم مع انتفاضة الشعب الإيراني”. استخدام آلية “الزناد” يمكن أن يكون خطوة في اتجاه دعم الشعب والمقاومة الإيرانية.

الكلمة الأخيرة!
نتيجة الحرب التي استمرت 12 يومًا بالنسبة للشعب الإيراني لم تظهر في ميدان المعركة، بل في المشهد الداخلي. حيث ألقت صيحات الحرية التي أطلقها الشعب الإيراني الرعب في قلب الاستبداد المتداعي. الخيار الحقيقي والإنساني لمستقبل إيران هو “الحل الثالث”: دعم الشعب الإيراني للإطاحة بالديكتاتورية وإقامة جمهورية ديمقراطية مستقلة تقوم على احترام حقوق الإنسان. هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يضمن السلام في إيران والاستقرار في المنطقة والعالم.

 

***

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…