سلمان إبراهيم الخليل
تستند حركات الإسلام السياسي بشقيها العسكري والسباسي بشكل عام إلى أيديولوجية دينية سياسية ترفض المشاركة السياسية ومناهضة الديمقراطية، وتتبنّى العنف والمنهج القتالي الجهادي والفكر الاحادي لتحقيق اهدافه وتحمل أيديولوجية مهيئة للتطرف وحزاما ناقلا للعنف.
وهدفها تحرير المسلمين من الكفر وتأسيس دولة ممتدة تحت راية “الإسلام تقوم على مبادئ الشريعة الإسلامية. وحركات الإسلام السياسي ومنها هيئة تحرير الشام التي تسيطر الان على السلطة في سوريا ترى انه لديها صورة ناجزة، ونظرية متكاملة على صورة نظام كلي شامل للدولة وترى أن أيديولوجيتها تحمل رؤية للوجود بأسره من المعرفة إلى الممارسة، ومن الدين إلى السياسة، ومن الأخلاق إلى السلوكيات.
اي انها تدعي بأنها تملك أيديولوجية دينية سياسية كاملة كنظام شامل للحياة، والهيكلية التنظيمية والطريقة التي تحدد الأولويات التي تؤثر على صياغة وجهات النظر والاستراتيجيات لتغيير المجتمع وحتى تغيير العالم ان أمكن ، وهي استراتيجية تدّعي الثبات على صعيد الدعاية وتنفي التأثر بالاعتبارات السياقية.
هذه الأيديولوجيته الصارمة ترفض الديمقراطية باعتبارها أحد أنظمة الكفر، وهذه الحركات
تعاملت مع ثورات الربيع العربي والتحولات الديمقراطية كوسيلة وأداة وفرصة تمهد الطريق للوصول الى السلطة لقيام دولة دينية واستئناف الخلافة، وهي في نفس الوقت حاربت كل الحوامل الحقيقية للثورة لأنها ترى سياقات الثورة والديمقراطية تحديا وتهديدا لأيديولوجيتها وعقيدتها واستراتيجيتها وتماسكه الهيكلي التنظيمي
تهدف حركات الإسلام السياسي إلى إقامة دولة إسلامية وفق نظام “الخلافة”، ومنذ سيطرة هيئة تحرير الشام على دمشق نرى على صعيد ممارساتها كل ما يؤكد على كلامنا من تضييق على الحريات الفردية والتدخل بشكل سافر في تحديد نمط الحياة واللباس للمواطن وخاصة المرأة مرورا إلى ارتكاب مجازر بحق العلويين والدروز
تندرج ضمن خانة التطهير العرقي أو الطائفي وصولا إلى عدم الالتزام بالاتفاق الموقع بين السيد أحمد الشرع الرئيس الانتقالي لسوريا والسيد مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية ومحاولة السلطة تأليب الرأي العام السوري ضد قوات قسد من أجل حل هذه القوات واذابتها في الجيش السوري ذات الخلفية الجهادية ودون إعطاء ايةحقوق للكرد في سوريا أو لمكونات شمال شرق سوريا هذه المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية التي حاربت الإرهاب وهي جزء من التحالف الدولي كل هذه المؤشرات تدل إن السلطة الحاليّة غير مستعدة للقبول بالمشاركة للمكونات السورية الاخرى في إدارة الحكم وهذا نتاج بنية السلطة الدينية التي لا تقبل بالآخر المختلف
ورغم محاولة هذه السلطة عدم إلى استخدام التقليد الخطابي الإسلامي التاريخي حول النظام السياسي تحت مصطلح الخلافة، إلا أن رؤيتها للخلافة تتجسد من خلال المفاهيم الحديثة للدولة، التي تضم جيشا دائما ودستورا وهيئة حاكمة. فمن أجل تطبيق الأحكام الشرعية في الدولة الإسلامية لذلك كان الإعلان الدستوري الذي اشتمل على مواد عديدة ويتضمن هذا الإعلان الدستوري أحكاما عامة، وطبيعة النظام الاجتماعي، والنظام الاقتصادي، وسياسية التعليم والسياسة الخارجية،
تتمتع فكرة “الدولة الإسلامية” وأن بشكل غير معلن بحضور كثيف في البنية النظرية لهيئة تحرير،الشام التي تحكم دمشق الان ونرى ذلك جليا في مجمل الفعاليات والاستراتيجيات العملية في مسار السلطة وسياساتها ومنهجها، وعلى ما يبدو أن استعادة “الخلافة” هي الشاغل المركزي لهذه السلطة، فواجب استعادة الخلافة حسب رؤيتها ، هو نتيجة طبيعية لإلغاء الخلافة الإسلامية وتحول جميع الدول الحالية إلى دار كفر ودار الحرب، وواجب الدولة الإسلامية الدولة المستقبلية هو استعادة هذه الدول وتحويلها مرة أخرى إلى دار الإسلام، فجميع أشكال الحكم الحالية هي نتاج أيديولوجيات غربية كافرة تتصدرها الرأسمالية والديمقراطية.
ولا مجال للتسوية بين الحضارات الغربية والإسلامية، فالقيم الليبرالية مثل العلمانية وحقوق الإنسان والتعددية مرفوضة باعتبارها غير إسلامية، وهو ما ينطبق على الأنظمة الشيوعية والاشتراكية باعتبارهما من المنتجات الغربية، رغم أنها تستمد ديمومتها من رضى دول الغرب وإسرائيل عنها وهنا تكمن المفارقة الغريبة
فهو خاضع للقيادة الرأسماليةالغربية وتحديد أمريكا وترى القبول الأمريكي لها هو أساس شرعيتها ولاتهتم بشرعية الداخل، وبالمقابل يرى انه لا مجال للتسوية بين الحضارات الغربية والإسلامية، فالقيم الليبرالية مثل العلمانية وحقوق الإنسان والتعددية مرفوضة باعتبارها غير إسلامية، وهو ما ينطبق على الأنظمة الشيوعية والاشتراكية باعتبارهما من المنتجات الغربية،لقد شكلت الأيديولوجية النظرية الفكرية والعقيدة الدينية الجهادية أحد أهم عناصر تماسك التنظيمات الإسلامية ومنها هيئة تحرير الشام التي تسيطر الان على السلطة في سوريا
التي تتبع اساليب من التسوية والمرونة والبراغماتية والرضوخ مع الدول الكبرى والإقليمية مثل امريكا وإسرائيل من اجل تثبيت دعائم سلطتها لانها تعتقد ان شرعية الخارج بالنسبة لها اهم من شرعية الداخل لذلك نرى انها لاتتنازل قيد انملة للمكونات السورية الاخرى مثل الكرد والدروز والعلويين والمسيحيين وغير مستعدة لمنحهم حقوقهم البتة لا بل تقوم بالتحريض عليهم بشكل مستمر من اجل ان تعيش هذه المكونات في حالة خوف دائم وتاليا تتنازل عن حقوقها حتى ترضى عنها السلطة وتعطيها الأمان اي انه داخليا
يتمسك بأيديولوجيتها وعقيدتها وترفض التعددية وقيم المواطنة والحقوق المتساوية بينما خارجيا تعتمد المرونة والقدرة على التكيف مع تحول السياقات السياسية حتى انها مستعد الانضمام الى الاتفاقات الابراهيمبة وعقد اتفاق سلام مع إسرائيل اي انها تحافظ على أيديولوجيتها كجماعة إسلامية سياسية “راديكالية”، تنبذ المشاركة السياسية والتكيّف مع الديمقراطية، واستخدمت الثورة السورية تكتيكياً بهدف الوصول إلى السلطة. وهي ترى الإسلام والديمقراطية مفهومين متناقضين تماماإذ تُعرّف الديمقراطية عندها باعتبارها أيديولوجية تقوم على العلمانية. وإذا كان نظام الخلافة والدولة الإسلامية يغاير ويتناقض مع الأيديولوجيات المنافسة للإسلام كالرأسمالية والاشتراكية، فإن ما ينبثق عن هذه الأيديولوجيات وفي مقدمتها الديمقراطية كنظام سياسي يعتبر نظام كفر، وهو من أخطر التحديات التي تواجه العالم الإسلامي حسب رأيها
خلاصة القول : انه هذه السلطة التي تحكم دمشق تحمل عقيدة دينية لاتؤمن بالديمقراطية بل هي تعادبها وعلى كافة المكونات السورية والقوى السياسية والمدنية التي تؤمن بالديمقراطية أن لاتنخدع بالشعارات أو التصريحات الجميلة التي تطلقها السلطة الحاليّة التي تحكم دمشق لان العبرة بالسياسات التي تنفذ على أرض الواقع وهذه السياسات في معظمها تهدف إلى أسلمة الدولة والمجتمع وفرض اللون الواحد والرأي الواحد وإعادة إنتاج الاستبداد والاقصاء بشكل أكثر سوداوية من مرحلة نظام آل الأسد ، وعلينا أن ندرك أن الطريق نحو سوريا الجديدة التي نحلم بها مازال طويلا ويستدعي التكاتف وتأطير الجهود وفق رؤى فكرية وانسانية شاملة