أدعياء الثقافة… مطربو البلاط !

د.

كسرى حرسان

كلٌّ التحق بسَريته الشقية، أما أنا فظللت وحدي أتذوق حلاوة البؤس، كل واحدٍ عرف كيف يقتنص ولست أغبطهُ، في حين بقيت أتملى موكب الحرية الوئيد المتلكئ.
الكل يبتغي المكسب، والمخلص من خسر إلا نفسَه، بل ولديه هو هذا الفوز الحقيقي.
السبع يتناول عشاءه بجهده، أما الضباع فليس المهم عندها من أين كان الصيد؟.
أعني أن تضحيات الثورة طرحت الثمار اليانعة على حجور الانتهازيين، حتى تكشف للعامة والخاصة المخبأ وراء الأقنعة من الوجوه الدميمة، وتكشف معه مقدار الغربال وأهميته التي لا يضاهيه في النفاسة أي شيء آخر.
… هذا الغربال العجيب له ميزة الفرز، يُنقي الصالح من الطالح؛ ويُخلص القيِّم من الشوائب التافهة.
الشاطر من خطف الخطفة لا يرضى لنفسه التواني والتخلف عن ركب التجارة المربحة.
لم يكن النضال عندنا هنا في هذه البقعة حلبة للتسابق في ميدانها وقطع الأشواط الإنسانية التي يشمخ لها الجبين الحي، وإن خيل إلينا ذلك في الوهلات الأولى، وإنما كان ذلك بمثابة عاصفة تسبق الرخاء والطمأنينة، ولا غرابة! بل أين العجب؟ لأن فرسان الكفاح الذين أعنيهم لا تدغدغ حواسَّهم ولا تملأ عليهم حياتهم مثل هذه الأعمال؛ كونها تهوي دون سوية رؤيتهم وتقصّر عن رفيع شأنهم.
فلا أحد يكافئ البلبل في هذه الأفايين، مهما سُمع صوته رخيماً عذباً، ولكن إذا ما أجريت مسابقة لإجازة الأصوات فاعلم بأنه سوف يُرى الغراب والبوم مرشحين على رأس القائمة؛ بدافع الجشع لا بحكم الموهبة، بينما سيمتنع العندليب والبلبل والكنار عن التقدم؛ بسبب الشعور بعزة النفس.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…