خالد علوكة
(تفوق الغرب على العالم من خلال تطبيق العنف المنظم)
هنتغتون
عندما انهار الاتحاد السوفيتي عام 1991م تقسمت دويلاته وضعف شأن ثاني أقوى دولة في العالم لتنتهي سنوات الحرب الباردة ويتصدر المشهد القطب الأوحد: أميركا، أكبر دولة رأسمالية.
وايران استفادت من الانهيار وجلبت الخبراء السوفييت في العلوم النووية والفيزيائية واستوردت تفكير العرب المنوي الروسي لتجميل الجنس العربي بجلب أفضل الفتيات الروس الشقراوات الجميلات !! ولا زالوا ينادون بأن الإسلام هو الحل وإسرائيل في وسطهم تلعب طوبة بهم بطائرات اف 35 ودمار لا يتوقف في غزة.
وايران فكرت بامتلاك النووي منذ عام 1975 عندما قامت شركتان ألمانية وروسية بإنشاء المفاعل لكنه توقف بعد عام 1979م، ثم عاود تشغيله من قبل شركة روسية عام 1995م، وفي عام 2011م تم توليد الكهرباء من المفاعل، ليبدأ بعدها حجج الغرب وأميركا بخطورة المفاعل وراوغت ايران العالم كله بمفاوضات شاقة لوقفه دون جدوى رغم ادعاء ايران بأنه للأغراض السلمية.
وصل المفاعل مراحل متقدمة في تخصيب اليورانيوم، حيث نقلت التقارير بأن ايران تمتلك 600 كغم يورانيوم مخصب بنسبة 60% وهي قريبة لصنع القنبلة النووية رغم مراقبة وكالة الطاقة الذرية الدولية للمفاعل.
وكما نعرف سقط نظام شاه ايران الموالي للغرب وأميركا، ورغم كونه علماني لا ديني، وجاء بدلاً عنه رجل الدين آية الله الخميني عام 1979م بطائرة خاصة من فرنسا، وأيضاً موالٍ لهم لكن بصيغة دينية أكثر تطوراً في اللعب بمقدرات المنطقة بشعار تصدير الثورة الإسلامية ذي المذهب الشيعي، ونعت أميركا بالشيطان الأكبر والموت لها ولإسرائيل، واحتجز الرهائن الأميركيين ودخل الحرب مع العراق لمدة ثمان سنوات تزامناً مع استلام صدام حسين الحكم في العراق.
وايران خسرت وكسرت تكنولوجياً في حربها مع العراق لعدم امتلاكها صواريخ أرض أرض وقتها، ومنذ ذاك اليوم ايران اشتغلت على صعيد الصواريخ ووصلت مرحلة متقدمة في صناعتها وامتلاكها كما لاحظنا في قصفها لإسرائيل بصواريخ بعيدة المدى.
لم أكن أتوقع قيام هذه الحرب الاستعراضية بين إسرائيل وايران لعدة عوامل، منها أن ايران دولة شيعية معتدلة وكبيرة وعلاقتها مع الغرب من السابق أكثر قبولاً وتفهماً، وايران ليست ضعيفة مثل عرب العراق وسوريا ولبنان وليبيا، ولم تلعب دوراً محورياً ضد إسرائيل رغم تحرك أذرعها هنا وهناك، لكنها لا تحارب خارج حدودها.
يقول د. صاموئيل هنتغتون بـ (نهاية الحروب الأيديولوجية ليظهر للسطح صراع الأديان ونفسه تكلم عن تقسيم الدول – والصراعات القادمة اقتصادية وتقنية). ومن هذا الباب أرى بأن حرب روسيا وأوكرانيا الحالية ومنذ 3 سنوات تدخل ضمن هكذا شماعة مذهبية دينية كون البلدين تابعين للكنيسة الأرثوذكسية المسيحية ويتحاربان، وقد عارضت هذه الكنيسة الأرثوذكسية كثيراً من الأمور منها المثلية وغيرها من تغييرات للجنس البشري التي تتبناها وتدافع عنها الكنيسة الكاثوليكية، وإلا ماذا تفسر استمرار هذه الحرب في عالم غربي متقدم ومتطور، وغرابة مقاومة ذلك الشاب زيلينسكي رغم صغر سنه وصغر بلده في هذه الحرب المدمرة قياساً لإمكانيات روسيا؟ لكن رغم قوتها لم تحسم حربها مع أوكرانيا. والفلم طويل بزعزعة أمن أوروبا من قبل أميركا تلازماً مع غرابة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأرى أيضاً بأن ضرب ايران متفق عليه منذ زيارة ترامب مؤخراً لبلدان الخليج السنية (لوحدها): السعودية وقطر والإمارات – وكانت ضمن هذا المحرك والعداء المذهبي المبطن، وأُخذ المطلوب منهم لمسك زمام ايران وتحجيم دورها الملفت بخطر نووي قادم غير مقبول، وسبقها على ما يبدو نجاح لوي الأذرع لتابعي ايران في لبنان وسوريا واليمن، ولعبة طول البال مع العراق الذي أخذ الصراع الطائفي روح بقاء الدولة العراقية.
وترامب غير مفهوم، وكل يوم هو في شأن وقرار جديد ثم يعالجه ويتراجع عنه، ولم يرغب أو يقدر -على ما يبدو- من إسقاط نظام طهران بعد أن تيقنت أميركا بأن سقوط رأس النظام يزيد الطين بلة كما حدث في العراق وليبيا وسوريا.
حرب إسرائيل وايران غير متكافئة، كون إسرائيل يساندها العالم الغربي وأميركا في حربها، وايران لوحدها رغم الدعم المعنوي الإسلامي، لكنها وقفت تدافع عن نفسها وجربت صواريخها بنجاح، ولتقول علناً بأنه طُلب من ايران أولاً وقف الحرب نائية بنفسها عن السلام المفروض كما روج عليها، وحُسم الأمر بأن ايران أطلقت صواريخ على قاعدة العديد في دولة قطر ليُعلن بعدها ترتيبات سريعة بوقف إطلاق النار!!
لقد افتهمنا بأن الحرب قامت بسبب المفاعل النووي الإيراني وتوقفت، لكن ما مصير النووي الإيراني المخصب؟ لا تسرب، لا شعاع، لا تلوث! وأين خُبئ قبل أن تصل لايران رسالة الضربة!! وهل نحن خدعنا بمسرحية القنابل المرعبة بي 52 لتخترق الأرض بعمق 60 متر وكأن عقولنا لم يخترقها الاستيعاب بما جرى ويجري!!؟
نعم، كلنا نريد السلام والاستقرار والأمان، لكن ليس بعد مهزلة حروب دامية شرق أوسطية، وقودها وخراب بيوتها الشعوب الفقيرة والمسكينة.
يونيو 2025م / كندا