خالد حسو
سقط النظام، وفرّ الطاغية، لكن الثورة لم تنتصر بعد.
والصراع الحقيقي… لم يبدأ بعد.
إنّ المشهد السوري اليوم يُظهر بوضوح أن من تصدّر السلاح لم يتصدر الثورة، وأنّ الفعل الثوري الأصيل لا يزال مغيّبًا خلف ستار من الفوضى، النهب، والإقصاء. فجميع الميليشيات التي رفعت شعار “إسقاط النظام”، هي ذاتها التي ارتكبت، ولا تزال ترتكب، انتهاكات ممنهجة بحق الشعب السوري.
نهبٌ للممتلكات، ترهيب للمدنيين، سيطرة على بيوت الناس،
واجتياحٌ لمناطق الآمنين، كما حدث في عفرين وسري كانيه وكري سبي،
وتهجيرٌ قسريّ للكورد،
وارتكاب مجازر بحق الكورد والعلويين والدروز.
هذه الجماعات لا تصلح أن تكون نواة لجيش وطني،
بل تمثّل خطراً على أي مشروع وطني جامع.
فاقد الشيء لا يُعطيه، والمُجرَّب لا يُجرَّب.
إنّ الثورة الحقيقية ليست عملًا مسلحًا فقط،
بل هي فعل تغييري شامل،
يستهدف تفكيك بنية الاستبداد سياسيًا، اقتصاديًا، واجتماعيًا،
ويسعى لبناء وطنٍ حر، عادل، ديمقراطي،
يُؤمن بالكرامة الإنسانية، ويضمن الحريات، ويُزيل جذور العنف والكراهية.
ما يجري اليوم في سوريا لا يمتّ إلى الثورة بصلة،
بل يناقضها:
فهو يقوم على الانتقام لا العدالة،
وعلى الإقصاء لا الشراكة،
وعلى التهميش لا الاعتراف بالتعدد القومي والديني والسياسي.
الثورة لا تعني اختزال الوطن في فئة أو جماعة،
ولا تعني استفراد فريق واحد بمقدرات الدولة.
إنّ سوريا الجديدة التي ننشدها
يجب أن تكون:
- خالية من العنف الطائفي والقومي.
- مبنية على حوار وطني شامل.
- قائمة على العدالة الانتقالية والمساءلة.
- قائمة على الاعتراف الدستوري بالشعب الكوردي وحقه المشروع في تقرير مصيره،
ضمن دولة فيدرالية ديمقراطية حرة، تتّسع لجميع مكوناتها.
نُعلن من هنا، وبكل وضوح، أن سوريا لا تُبنى بعقلية الغنيمة، ولا بعقيدة الإلغاء،
بل بالاعتراف، وبالمساواة، وبالمحبة.
ولا مستقبل لأي مشروع وطني لا يُنصف الكورد، ولا يعترف بكامل حقوقهم.
سوريا الجديدة تُبنى بالشراكة، لا بالاستبداد الجديد.
بالقانون، لا بالسلاح.
بالثقة، لا بالثأر.
عاشت سوريا حرّة ديمقراطية تعددية فيدرالية،
وعاش شعبها بكل قومياته وأديانه ومكوناته.